فى الصميم

الحرب على «الأونروا»!

جلال عارف
جلال عارف

ليست مصادفة بالطبع.. أن تبدأ الهجمة المسعورة على منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» فى نفس اليوم الذى صدرت فيه قرارات محكمة العدل الدولية فى قضية اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى.. وليست مصادفة أن تقود الولايات المتحدة حملة منع التمويل عن المنظمة التى تحاول منذ 75 سنة توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية لنحو 6 ملايين لاجئ فلسطينى من ضحايا الكيان الصهيونى. وليست مصادفة أيضاً أن تتبعها بعض الدول الغربية حتى قبل أن يتم التحقيق فى المزاعم الإسرائيلية حول تورط 12 من العاملين فى «الأونروا» مع منظمة حماس وكأنها تعلن أن المطلوب ليس عقاب من أخطأ إذا ثبت الخطأ.. بل المطلوب هو عقاب الملايين من اللاجئين الفلسطينيين وحرمانهم من أبسط حقوقهم فى الحياة. والمطلوب هو استكمال حصار الجوع والقتل على سكان غزة وكأن ٢٦ ألف شهيد لايمثلون شيئاً عند من لايرون فيما تفعله إسرائيل «إبادة جماعية» لأن العمى السياسى يمنعهم من الرؤية الصحيحة!!


لاتوجد مصادفة.. فالمطلوب أيضا أن يقطع الطريق على تنفيذ قرارات محكمة العدل بما فيها إلزام إسرائيل بتوفير المساعدات الانسانية لسكان غزة وفقاً لمسئوليتها كدولة احتلال. والمطلوب إيجاد مبرر للإرهاب الإسرائيلى وهو يستهدف المقرات والمدارس التابعة «للأونروا» والتى تحولت إلى ملاجئ لمئات الآلاف من النازحين فى غزة، وأيضاً وهو متهم بقتل ١٥٠ من العاملين فى «الأونروا» حتى الآن.


ولاتوجد مصادفة حين تسرع الولايات المتحدة بقطع التمويل (وهى الممول الأكبر للمنظمة الدولية) ليس فقط انحيازاً للرواية الإسرائيلية بدون تحقيق، وإنما لأن «الأونروا» مستهدف من إسرائيل وأمريكا معاً منذ سنوات.. وقد سبق للرئيس السابق ترامب أن قطع التمويل الأمريكى عن «الأونروا» فى ظل حملته المشبوهة التى أسماها «صفقة القرن» لكن التمويل عاد مع إدارة بايدن حتى جاء القرار الأخير.


أما إسرائيل.. فهى لاتخفى عداءها لـ «الأونروا» ولكل المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة التى تعتبرها معادية للسامية(!!) لمجرد أنها تريد تطبيق الشرعية الدولية. ولأن الكيان الصهيونى الذى يسعى لتهجير من تبقى من الفلسطينيين على أرضهم، يواصل  - فى نفس الوقت - معركته الأساسية لتصفية قضية اللاجئين وحقهم المشروع فى العودة للوطن، ويريد أن يشطب ٦ ملايين فلسطينى من اللاجئين فى الخارج من حسابات الصراع.
قطع التمويل عن «الأونروا» فى هذه الظروف هو مشاركة لإسرائيل فى حرب التجويع ضد شعب فلسطين، وهو عقاب جماعى لشعب يناضل من أجل حريته، وهو - قبل ذلك وبعده - سقوط سياسى وأخلاقى لاينبغى أن يسمح به العالم.