فواصل

أسامة عجاج يكتب: تحديات اليوم التالي لوقف العدوان على غزة 

أسامة عجاج
أسامة عجاج

إصلاح السلطة الفلسطينية وحل الدولتين عقبات في طريق التسوية السياسية 


 

في التاريخ ليس هناك حروب دائمة وان طالت فكما لها بداية ايضا لها نهاية صحيح ان العدوان الاخير الاسرائيلي علي قطاع غزة هو بالفعل هو الاطول من حيث المدة تجاوز ال ١١٣ كما هو الاكثر دموية حيث ارتفع عدد الشهداء في القطاع منذ بدء العدوان الي اكثر من ٢٦ الف شهيد ونحو ٦٤ الف مصاب عدد كبير منهم من الاطفال والنساء ناهيك عن الالاف من المفقودين تحت الانقاض كما انه ثالثا الاكثر تهديدا للمنطقة وتجاوزت اثاره القطاع الي عموم فلسطين ومنها الضفة والقدس واتحد بعد اقليميا بوصول التوترات والتصعيد الي جنوب لبنان والعراق وسوريا وكذلك اليمن والبحر الاحمر الا ان هذا كله لاينفي علي الاطلاق ان خطورة مرحلة مابعد الحرب هي اكثر من يوميات الحرب ذاتها فلم يعد خافيا علي احد ان المنطقة ستختلف عن ماقبل طوفان الاقصي خاصة وان الفترة الماضية شهدت دفن مخططات إسرائيلية عديدة طرحتها تل ابيب  ووجدت معارضة ورفضا دوليا منها التهجير القسري للفلسطينين او تعديل حدود غزة او حتي استمرار الوجود العسكري الاسرائيلي في القطاع بعد نهاية العمليات العسكرية ومع ذلك العنوان الاكبر هو البحث في شكل التسوية بعدها واليوم التالي للمنطقة وسط تعارض شديد بين مواقف الاطراف الرئيسية والفاعلة في المشهد برمته اسرائيل وسط خلافات داخلية داخل تركيبة الحكم فيها وامريكا و الطرف الفلسطيني بشقيه جماعات المقاومة والسلطة الوطنية الفلسطينية ناهيك عن مواقف عربية مهمة من دول معنية بالاساس بحكم التاريخ والجغرافيا بالقضية الفلسطينية ونتوقف عند قضيتين هما الابرز وهما اصلاح السلطة الوطنية الفلسطينية والثاني حل الدولتين والامر يحتاج الي مزيد من التفصيل تجاه كل قضية منهما وهو كالتالي : 

اولا : اصلاح السلطة الفلسطينية وحقيقة الامر ان القضية كانت مطروحة وعلي لسان الرئيس الامريكي جون بايدن منذ الايام الاولي للحرب عندما تحدث في تصريحات معلنه عن مواصفات خاصة لسلطة مختلفة سيكون مهمتها امتداد سلطتها من غزة الي الضفة والهدف كما هو معروف استعداد اي دور لحماس في حكم غزة حماية لامن إسرائيل وكان الطرح غريبا فهو استباق أصلا لنتائج المواجهة التي طالت اكثر من توقعات الكل بما فيها الطرف الامريكي الذي بدا اصواته ترتفع احتجاجا علي التزايد في الخسائر البشرية وتجاوز اسرائيل لنصائح وضغوط واشنطن بتغيير شكل الهجمات الاسرائيلية وتفادي استهداف المدنيين بقدر الامكان وقد تم طرح الفكرة في جولات وزير الخارجية الامريكي انتوني بليكين الخمس في المنطقة وناقشها مع قادة عرب وبالطبع مع الرئيس الفلسطيني  محمود عباس عندما التقاه مؤخرا في رام الله منذ اسابيع قليلة

كما قال جيك سوليفان مستشار الامن القومي ان حكم الضفة وغزة بحاجة الي ربطه تحت سلطة فلسطينية خضعت للاصلاح والتقويم 

وقد اقترحت امريكا اعداد قوة امنية وشرطة محلية مع اضافة منصب نائب للرئيس وتعيين رئيس وزراء تكنوقراط بصلاحيات كاملة مما يعني استبعاد اي دور اساسي للرئيس عباس في المرحلة القادمة مع اجراء انتخابات نيابية ورئاسية في اقرب وقت كما تطرح افكار تتعلق بتمكين المجتمع المدني واصلاحات لمكافحة الفساد   

ويواجه الطرح الخاص باعادة واصلاح السلطة الفلسطينية بتباين شديد بين الاطراف الرئسية كالتالي : 

١- اسرائيل حيث ترغب تل ابيب استمرار احتلاها للقطاع او علي الاقل استمرار وجودها العسكري وهناك تصريح لنتنياهو شخصيا قال فيه لم ندخل قطاع غزة لتسليمها في نهاية الامر الي السلطة الفلسطينية وقد ذكر مستشار الامن القومي الاسرائيلي سنقبل بدرو للسلطة بعد الحرب في حال وجود اصلاح جوهري بها في تناقض جوهري مع تصريحات نتنياهو مما يمثل تخبطا إسرائيليا وعدم وجود اي مخطط لها تجاه هذا الامر والذي ظهر في التاجيل المستمر لبحث مجلس الحرب الاسرائيلي  ترتيبات هذه القضية اكثر من مرة وسط ضغوط من وزراء اليمنين شركاء نتنياهو في التحالف الوزاري الذي يحمي استمراره في رئاسة الحكومة وقد طرحت  العديد من الافكار  ومنها  تشكيل مجلس من تكنوقراط ليس له انتماءات سياسية يدير الشئون المدنية واليومية للمواطنين وهو ماتم رفضه خاصة وانها لن تجد اصلا من يقبل بمثل هذا الدور من الف  في سلطة فلسطينية في غزة علي مقاسها ووفقا لشروطها تستنسخ تجربتها المريرة في الضفة الغربية تتحول فيها قوات الأمن الفلسطيني لخدمة وحماية إسرائيل وتمنع اي هجمات عليها وتمتنع علي القيام باي تحريض من اي نوع ضد ممارسات الاحتلال الإسرائيلي علي المستوي الدولي وتساهم في انشاء جيل فلسطيني يقبل بالاحتلال الإسرائيلي بمعني اخر فان اسرائيل ترفض اي دور حقيقي للسلطة وتقبل ببديل مدني واتاحة الحرية كاملة لها لحماية امنها

الموقف الفلسطيني : يبدو الموقف الفلسطيني خاصة في السلطة غير رافض من حيث المبدا لفكرة الاصلاح ولكن وفقا لرؤية خاصة بها وليست نتيجة املاءات وقد قال الرئيس محمود عباس في تصريحات رسمية ان السلطة ليست بعيدة عن غزة حتي تعود لها فلها ثلاث وزراء هناك كما انها حريصة علي دفع حصة القطاع من اموالها التي تحصلها اسرائيل من الضرائب الفلسطينية الي ماقبل العدوان الإسرائيلي وقال نقبل بدور في ادارة الامور في غزة في اطار رؤية سياسية متكاملة تسعي الي حل الدولتين ومن جهته قال  رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه بان السلطة مستعدة لادارة غزة بعد الحرب بشرط انسحاب إسرائيل الكامل منها واضاف لن ندخلها علي ظهر دبابة اسرائيلية وتوكد السلطة علي لسان المتحدث باسمها السلطة الوطنية الفلسطينية نبيل ابو ردينة قال ان اي اصلاحات للسلطة تأتي  وفقا لرؤية فلسطينية  دون اي املاءات من اي جهة خارجية نتيجة رغبة فلسطينية

القضية الثانية حل الدولتين : ولعل هذه القضية هي الاهم بالنسبة لاطراف عديدة خاصة وان هناك رغبة امريكية واضحة في تمرير الامر وهذا واضح من كافة التصريحات التي خرجت من كبار المسئولين الأمريكيين خلال الاشهر الماضية وسط حالة خلاف شديدة بين واشنطن وتل ابيب حول الامر وهو ماعترف به المتحدث باسم مجلي الامن القومي كيربي الذي اشار الي ذلك وقال هناك نظرة وتقييم مختلف بين الطرفين حول ذلك ولعل الجديد في الامر  دخول الطرف الاوربي علي خط المطالبة بذلك واخرها الاسبوع الماضي خاصة بعد ان تم عقد إجتماعات منفصلة بين وزراء الاتحاد مع وزير خارجية اسرائيل وآخر ضم وزراء خارجية مصر والاردن والسعودية وهي بمثابة رؤية متكاملة لما بعد العدوان وتتضمن عشر نقاط وتشمل قيام دولة فلسطينية تعيش جنبا الي جنب مع اسرائيل مع قيام الجهات الدولية الفاعلة علي اعداد ارضية للسلام وبناء بديل سياسي متجدد لحماس مع عقد الاطراف المعنية مؤتمر تحضيرا للسلام في اقرب وقت بهدف تسوية الحرب في غزة علي مستوي وزراء الخارجية ومديري المنظمات الدولية وذلك للاعداد لخطة سلام كامل خلال مدة عام بناء علي العناصر الاساسية لقرارات الشرعية الدولية مع توفير ضمانات امنية لإسرائيل والدولة الفلسطينية مع الاعتراف الدبلوماسي الكامل بينهما والعمل اثناء ذلك علي تخفيف المعاناة من الازمة الانسانية المستمرة  وتأمين اطلاق سراح الاسري والمحتجزين ومنع التصعيد الاقليمي

وتتفاوت المواقف بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي علي ذلك الاول يتعامل مع القضية بعين الشك في قدرة واشنطن علي تمرير الفكرة خاصة وانها لاتملك وليس لديها الارادة السياسية للضغط علي تل ابيب وقد قالها ابو مازن صراحة لوزير الخارجية الامريكي  عندما اشار الي عدم قدرة واشنطن علي الضغط علي تل ابيب لتقوم بدفع الأموال الفلسطينية الي السلطة فهل هي قادرة علي تمرير فكرة الدولتين وهناك شعور عام لدي الطرف الفلسطيني ومنها حماس علي انها مجرد خلق اوهام لدي الشعب الفلسطيني وطرح افكار لاتملك القدرة علي تمريرها خاصة وان  هناك اجماع اسرائيلي تاريخيا علي رفض فكرة الدولتين ظهر هذا من اتفاقية اوسلو التي تجنبت فيه اي ذكر لكلمة الوطنية في الاشارة الي السلطة الفلسطينية كما انها هي من افشلت مفاوضات الحل النهائي والذي نصت عليه الاتفاقية وكان مقررا له استمرار البحث في قضاياه خلال خمس سنوات من الاتفاقية كما ان الاتفاقية استندت الي قرارات مجلس الامن ومنها القرار ٢٤٢ الذي لا يتضمن الاشارة الي دولة يضاف الي ذلك ان قيام دولة فلسطينية يتنافض مع جوهر الفكر الصهيوني وارض الميعاد كما ان تل ابيب هي من افشلت مبادرة السلام العربية التي اقرها القادة العرب في قمة بيروت عام ٢٠٠٢ واشترطت التطبيع الشامل مع السلام الشامل بما فيها قيام دولة فلسطينية علي الاراضي المحتلة عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشريف ولعل السؤال الابرز ماهي حدود هذه الدولة وقد سعت إسرائيل منذ اتفاقية اوسلو وحتي الان تغيير خريطة الضفة الغربية والقدس  وزرعها بالمستوطنات غير الشرعية وعددها بالمئات مع وجود اكثر من ٨٠٠ الف مستوطن فهل تجرؤ اي حكومة إسرائيلية قادمة علي التفكير مجرد التفكير في المس بهم،  وبعد فان الامور تبدو صعبة وقد تكون مستحيلة ودعونا ننتظر لنري ماذا بعد ان تتوقف المدافع.