استكمالًا للفلسفة العقابية الحديثة.. مراكز الإصلاح والتأهيل إعلاء لقيم حقوق الإنسان

مراكز الإصلاح والتأهيل
مراكز الإصلاح والتأهيل

أيمن‭ ‬فاروق

  مراكز الإصلاح والتأهيل.. رعاية وتأهيل للنزلاء بالمعنى الحقيقي، في نهج حقيقي، لتطبيق أعلى معايير حقوق الإنسان الدولية، بعد مرور ما يقرب من 11 عاما على ثورة 30 يونيه 2013، قطاع الحماية المدنية انتهج فلسفة عقابية حديثة، تتوافق مع المواثيق الدولية، التي تضمن الحفاظ على حقوق الإنسان، ليس هذا فحسب بل التطوير كان على كافة الأصعدة، في إطار ما توليه وزارة الداخلية من رعاية واهتمام على كافة المستويات بقطاع الحماية المجتمعية، والاهتمام بأماكن الاحتجاز وتطويرها كأحد الأولويات الجوهرية لمنظومة التنفيذ العقابي وفقًا لثوابت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكي تتحول وزارة الداخلية من جهاز متكامل لحفظ الأمن فقط إلى جهاز ومنظومة متكاملة لحفظ الأمن والرعاية، وذلك من خلال فلسفة جديدة لتحويل المؤسسات العقابية إلى مؤسسات إصلاح وتأهيل للسجناء بالمعنى الحقيقي، أضف إلى التوسع فى الإفراج عن النزلاء، وإشادات دولية بأماكن الاحتجاز والتأهيل نفسيًا.

لم يتوقف تطوير مراكز الإصلاح والتأهيل بوزارة الداخلية، على ما  يتلاءم مع حقوق الإنسان فقط، ويرسخ لاحترام النزيل وصون كرامته خلف الأسوار، وإنما التوسع في أماكن التريض والمشروعات الإنتاجية، واستبدال السجون القديمة بمراكز للإصلاح والتأهيل مقامة على طراز فريد، لقيت استحسانًا من المنظمات الدولية المهتمة بملف حقوق الإنسان، فضلا عن التوسع في الإفراج عن النزلاء من خلال اللجان المختصة، وتخصيص أماكن متحضرة للزيارة، فبناء مراكز الأصلاح والتأهيل لا تعني فقط بناء سجون، ولكنها ضمن عملية منظمة تأتي في إطار زمني متسلسل لإغلاق السجون القديمة وبناء مراكز الإصلاح والتأهيل الحديثة التي تتوافق مع المعايير الدولية، وهو ما شاهدناه وتم رصده علي أرض الواقع في مراكز إصلاح وتأهيل وادي النطرون وبدر؛ إذ أنهما شكلا المرحلة الأولى في عملية التغيير الشامل لمفهوم المؤسسات العقابية الحديثة في رؤية واضحة وممنهجة لوزارة الداخلية، بتوجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، وذلك من خلال تغيير مسمى السجين إلي نزيل. فكما حاز تطوير السجون من الجانب المادي، إضافة إلى ذلك شمل التطوير تأهيل النزيل ليخرج إلى المجتمع من جديد بعقلية مختلفة وإيجابي ومنتج دون العودة لعالم الجريمة.

كما أن عملية التطوير والتغيير لم تتوقف ولكنها ستظل مستمرة وفقًا للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، إضافة إلى ما تسعى إليه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من إحداث نقلة في حياة النزلاء من خلال تعزيز قدراتهم على اكتساب الحرف التي تعينهم على العودة إلى سوق العمل بعد انقضاء فترة العقوبة، ويوجد في مركز وادي النطرون مشروعات إنتاجية كبيرة من مزارع للإنتاج الزراعي بالطرق التقليدية والصوب الزراعية، وتوجد مدارس ثانوي صناعي فني بموجب بروتوكول مع وزارة التربية والتعليم، جاء ذلك استكمالا للنهج الذي سارت عليه الدولة المصرية فى مجال حقوق الإنسان، وما انتهجته الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهى أحد أهم ركائز الدولة الحديثة، والتى أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهى رؤية تتكاتف فيها كل مؤسسات الدولة على تحقيقها.

بالنظر إلى مركز تأهيل وإصلاح وادى النطرون، سنجده يعد واحدًا من أكبر المراكز فى العالم، ثم تلا ذلك افتتاح مركز إصلاح وتأهيل بدر، حيث يطبق أعلى معايير حقوق الإنسان الدولية، كما أن عملية التطوير التى شهدها قطاع الحماية المجتمعية بكافة المحافظات، تؤكد التزامها بتنفيذ المعايير الدولية لحقوق الإنسان فى ملف السجون.

مشروعات صناعية وزراعية

قطاع الحماية المجتمعية بوزارة الداخلية يعمل على توفير غذاء صحى للسجناء ومشروعات صناعية وزراعية وإنتاجية من مزارع الإنتاج الحيوانى والداجنى والسمكى، والتى تعد من أهم سبل تنفيذ برامج التأهيل للنزلاء، حيث يعمل قطاع الحماية المجتمعية على عمليات التطوير للمشروعات القائمة، والتوسع فى إنشاء مشروعات جديدة يمكن من خلالها استيعاب أعداد أكبر من النزلاء، سعيا لتحسين أحوالهم المادية وتأهيلهم على النحو الأمثل، وبالنبسبة لمركز الإصلاح والتأهيل بدر، تبلغ مساحته، 85 فدانًا، وهو مخصص للنزلاء الذين يمضون مدد قصيرة، وسيتم غلق 3 سجون عمومية عقب التشغيل الفعلى للمركز، الذي يشمل، 3 مراكز تأهيل هى: المركز الطبى، مبنى الاستقبال الرئيسى، المسجد والكنيسة، مجمع المحاكم، منشآت خدمية، منطقة استراحات العاملين، ويضم المركز «فصول تعليمية، ومكتبة، وفصول الهوايات، وورش تدريبية وتأهيلية»، ويتكون مجمع المحاكم من مبنى (بدروم + أرضى + 3 أدوار)، وبه 4 قاعات محاكمة، كما يضم المركز «مبانى إعاشة النزلاء، ملعب متعدد الأغراض، مناطق التريض، أماكن الاستقبال والزيارة، مركز التدريب والتأهيل، المخبز والمغسلة والغلاية، حضانة ملحقة بمركز تدريب النزيلات»، وبالنسبة للمركز الطبى تبلغ سعته 175 سريرا، وبه غرفتي عمليات، وغرفة عمليات قسطرة، و18 غرفة عناية مركزة، و11 عيادة، و4 وحدات غسيل كلوى»، واستمرارًا للتحول الرقمى والتكنولوجى، يدير قطاع الحماية المجتمعية بوزارة الداخلية مركز الإصلاح والتأهيل بدر، بواسطة التقنيات الحديثة من خلال مبنى «مركز القيادة» الذى يتوسط المبانى، ويتم إدارته من خلال منظومة الكترونية وغرفة رئيسة للتحكم، مركز الإصلاح والتأهيل بدر تم تشغيله؛ ليكون بديلا لثلاثة سجون عمومية سيتم غلقها، حيث يطبق المركز أعلى معايير حقوق الإنسان، كما تم تشييد وبناء مستشفى داخل مركز الإصلاح والتأهيل فى بدر لعلاج السجناء، يوجد بها غرف عمليات وغرف للأشعة والتحاليل وأماكن للعزل والطوارئ والغسيل الكلوى وصيدلية لصرف العلاج بالمجان، ترسيخًا لقيم حقوق الإنسان.

مراكز الإصلاح والتأهيل، يوجد بها منطقة للانتظار الخارجي للسيارات على مساحات ضخمة، وكتيبة التأمين، فضلا عن وجود معارض لمنتجات النزلاء لبيعها بأسعار مخفضة لجمهور المواطنين، كما أن به «مبنى القيادة المركزية»، الذى يتحكم في كافة المباني ويديرها بشكل تكنولوجي وعصري، ثم منطقة «الاستراحات» التي تستقبل أهالي وأسر النزلاء الذين حضروا لزيارتهم، ثم «مركز التدريب وقاعة الاحتفالات»، وتم اقامته على مساحة ضخمة وبه شاشة عرض كبيرة، ثم منطقة الخدمات، كما أن بداخل مراكز الإصلاح 6 مباني داخلية للإصلاح والتأهيل للرجال والسيدات، حيث عنابر مطورة على أحدث طراز من حيث «الاسرة» ووجود شاشات تلفاز، فضلا عن وجود ساحات للتريض وأماكن لممارسة الهوايات المختلفة مثل الرسم والموسيقى والقراءة وحضانة للأطفال من أبناء النزيلات.

كما يضم مسجدًا مقامًا على طراز فريد، حيث يذهب النزلاء للصلاة به وتلقي الدروس الدينية عن الصبر والتوبة، بالقرب منه مصلي كنسي للأقباط لاقامة الصلوات به، لم تغفل وزارة الداخلية صحة النزلاء؛ حيث تم إقامة مركز طبي عملاق به غرف عمليات وعيادات خارجية تشمل كافة التخصصات، لاستقبال المرضى وعلاجهم وصرف الأدوية لهم بالمجان، بدلا من نقلهم خارج المركز لعلاجهم.

وفي إطار خطة الدولة للتكامل، حرصت الداخلية على وجود مجمع محاكم بمراكز الإصلاح والتأهيل يضمن محاكمة المتهمين بها وعدم نقلهم للمحاكم الخارجية مما يزيد من التكلفة والتأمين، ويتكبد النزيل مشقة التنقل.

كما يحرص قطاع الحماية المجتمعية، على تنظيم احتفاليات في المناسبات الدينية، كان آخرها، احتفالية بمناسبة المولد النبوى الشريف،  وجاء ذلك، فى إطار استراتيجية وزارة الداخلية الهادفة فى أحد محاورها إلى إعلاء قيم حقوق الإنسان وإستمراراً لتفعيل أوجه الرعاية المختلفة للنزلاء، وتوثيق أواصر الصلة بينهم والمجتمع الخارجى، حضرها علماء الأزهر الشريف، حيث تضمنت الاحتفالية تلاوة آيات من الذكر الحكيم، وعدة فقرات قدمها النزلاء (إنشادات وإبتهالات دينية) وتم توزيع حلوى المولد، كما تناول الحضور الحديث عن الدروس المستفادة من السيرةالنبوية الشريفة والإشارة للبرامج الإصلاحية والتأهيلية لتهذيب النزلاء وتثقيفهم دينيًا ومهنيًا وتأهيلهم نفسيًا للاندماج بالمجتمع وحثهم على الفضيلة وانتهاج السلوك القويم.

كما نظمت وزارة الداخلية، زيارة لمجمع مراكز إصلاح وتأهيل العاشر من رمضان بمشاركة وفد من المجالس القومية ومنظمات المجتمع المدنى والمؤسسات الصحفية والإعلامية، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، فى ضوء إستراتيجية وزارة الداخلية الهادفة فى أحد محاورها إلى الإهتمام بالجانب الإنسانى وإعلاء قيم حقوق الإنسان ومن بينها تطوير مراكز الإصلاح والتأهيل التى أصبحت رمزًا يجسد مدى اهتمام الوزارة بملف حقوق الإنسان وصارت نموذجًا تقتضى به العديد من الهيئات والمنظمات المحلية والدولية، حيث تحرص وزارة الداخلية على مشاركة كافة مؤسسات المجتمع المدنى التجربة الرائدة والتطور غير المسبوق فى المؤسسات العقابية وملف حقوق الإنسان.

إقرأ أيضاً : أحمد موسى يكشف الأوضاع داخل مراكز الإصلاح والتأهيل


 

;