علي جمعة: السخرية ليست من خلق المؤمن

الدكتور علي جمعة - مفتي الجمهورية السابق
الدكتور علي جمعة - مفتي الجمهورية السابق

قال الدكتور علي جمعة - مفتي الجمهورية السابق، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب "نهانا ربنا عز وجل عنه السخرية بالآخرين، وجعلها نوعًا من أنواع الظلم وصفةً من صفات المجرمين؛ فيقول تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{. 

وأضاف "أمرنا بالتوبة إن وقعنا فيها، كما قال رسول الله  لسيدنا أبي ذرٍ رضي الله تعالى عنه: (إِنَّكَ امرُؤٌ فيكَ جاهِليَّة) ؛ يقع الإنسان في ذلك على سبيل العَرَض، وقد يتمكن فيه ذلك فيكون مرضًا، وسواء أكان على سبيل العرض أو على سبيل المرض؛ فإنه يجب عليه أن يبادر بالتوبة وأن يستغفر ربه، وأن يعتذر لمن سخر منه. 

وتابع "أمرنا ربنا بإزاء أولئك الساخرين أن نتركهم جانبًا، وأن نستمر في طريقنا، ويكون هدفنا هو الله، وأن يكون الله هو مقصودنا، وأن يكون الله تعالى هو غايتنا، ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) خطابٌ للمؤمنين.. خطابٌ لمن صدّق بالله ورسوله، ولكنه غفل عن نفسه فسخر من أخيه؛ فحينئذٍ يجب عليه أن يُبادر بالتوبة، فإن لم يفعل فقد ارتضى لنفسه أن يكون في دائرة الظالمين، و(الظُّلمُ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ).

ذكر أن السخرية ليست من خلق المؤمن،  فماذا نفعل؟

- فعل المرسلون من قبل بإزاء أولئك: "المقاطعة"، إذا عرفت من أحدهم هذا وعرفت أنه تحول من عرضٍ إلى مرض إذا كان مؤمنًا، أو من حد المودة إلى حد الإجرام إن كان غير مؤمن، أو من حد المفاصلة والعدوان إن كان من الملأ؛ فعليك أن تقاطعه، لا تقرأ له، لا تسمع لكلامه؛ لأن كلامه من اللغو.

- الاختيار نحن نعيش معهم في مجتمعٍ واحد؛ فلنختر ما نشاء، وليفعلوا ما يشاءون {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، وحينئذٍ فلا تقعد معهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وإلا فقاطعهم واعتزلهم؛ فإنك إن فعلت ذلك كنت حاميًا لنفسك، قاتلاً لغرورهم، مربيًا لهم، معرضا عنهم، مبلغًا رسالة ولو على سبيل الترك والسلب، اقصد في مشيك وليكن الله تعالى مقصودك، 

وسِرْ في طريقك؛ لا تلتفِتْ مقصودُك أمامَك. 

- علموا أبناءكم حب رسول الله وأخلاق رسول الله، علموا أبناءكم كيف يصبرون وكيف يتسع قلبهم للعالمين، وكيف يُميزون بين المسائل، وبين القضايا، وأن قضيتنا هي الدعوة إلى الله ، 

سيروا على بركة الله ولا تلتفتوا؛ فإن ملتفتًا في طريق الله لا يصل.