فواصل

عندما تكون «القبلة» تل أبيب

أسامة عجاج
أسامة عجاج

اعتدنا خلال عقود طويلة، على أن واشنطن هى (قبلة العالم السياسية)، فإذا بها تتنازل عن هذا الدور طواعية للعاصمة الإسرائيلية تل أبيب ، لتصبح هى من تتحكم فى بوصلة التطورات، على الأقل فى الشرق الأوسط ، الشواهد على ذلك مايجرى فى منطقة البحر الأحمر ، والذى يكشف كم المتناقضات فى مواقف الإدارة الأمريكية الحالية، فالرئيس - بايدن- هو الرئيس، ولكن سياساته اختلفت بشكل جذري، من عام ٢٠٢١ عن ٢٠٢٤  ، والعنوان الأبرز هو الموقف من جماعة الحوثي،  ففى نهاية شهر يناير ٢٠٢١  اتخذت إدارة بايدن الجديدة، وحتى قبل أن تستقر لها الأمور فى البيت الأبيض،  مجموعة مواقف فى مقدمتها، إلغاء قرار إدارة ترامب السابقة باعتبار الحوثى جماعة إرهابية، لم تكتف بذلك بل أوقفت شحنات أسلحة مهمة تمت الموافقة عليها للسعودية،وكان الأمر (رسالة خاطئة) ليس فقط باعتبارها صداماً مبكراً مع الرياض ، ولكن لأن جماعة الحوثى اعتبرتها (شيك على بياض)، فطورت من عملياتها العسكرية، وبدأت هجمات باستخدام صواريخها البالستية طويلة المدي، على عدد من المدن السعودية، وبعضها به منشآت حيوية بترولية، ووسعت من دائرة استهدافها، حتى وصلت إلى الإمارات وفى القلب منها مطار أبو ظبي، وكأن الأمر لايعنى إدارة بايدن، رغم أن العاصمتين هما الأهم بين دول المنطقة، من منظور التحالف الاستراتيجى معها، وكل مافعلته يومها، (تصريح بائس) على لسان المتحدث باسم الخارجية، اعتبر أن تلك الهجمات الصاروخية على البلدين( تصعيد مقلق)، وظل الحال على ماهو عليه حتى منتصف السنة الماضية، دون أى رد فعل من واشنطن، ولكن عندما تم المس بالمصالح الإسرائيلية، بمنع الجماعة أى سفينة من أى جنسية فى طريقها إلى موانيها، اختلفت المواقف، وأظهرت أمريكا (عينها الحمراء)، فاطلقت المبادرة الأممية المتعددة الجنسيات، وتحتها بدأت عمليات عسكرية  (حارس الازدهار ) وقامت بهجمات جوية بمشاركة بريطانيا على قواعد داخل اليمن ، وعادت إليها بعد ثلاث سنوات فقط  (ذاكرتها المفقودة) ، وأعادت تصنيف الجماعة منظمة إرهابية، والهدف الحد من تمويلهم، خاصة بعد أن نجحوا فى تعزيز قدراتهم العسكرية طوال السنوات الماضية ، وكأن الأمر اكتشاف جديد،  ياسادة، إنها إسرائيل (سيدة العالم) التى ارتضت أكبر دولة فيه، أن تمارس دور الخادم المطيع، والمدافع الأول عن مصالحها، حتى لو كان الثمن، حرباً إقليمية، رغم كل مافى ذلك من مخاطر على مصالحها هى فى المنطقة، والاستقرار الدولى ٠