بعد دورها في نشر السلبية والإحباط| كيف تصبح الحياة بدون «سوشيال ميديا»؟

صورة موضوعية
صورة موضوعية

ماذا لو اختفت منصات التواصل الاجتماعي؟ هل فكرت يوماً ما أن تترك هاتفك لبضع ساعات أو أيام؟.. بعض الأشخاص إذا جاء بذاكرتهم هذه التساؤلات يصابون بصدمة كبيرة لاكتشافهم ادمان «السوشيال ميديا» لأنه بعد تفكير بسيط لم يتخيلوا حياتهم بدون هواتفهم المحمولة وتصفحهم للأخبار ومعرفة كل جديد عن نجوم الفن وكرة القدم ومَن تزوج ومَن خان زوجته ومثل هذه الحكايات المشبعة لرغبة الفضول والملل معا، لقد أسرت السوشيال ميديا عقول الشباب والأطفال والمراهقين وحتى كبار السن الذين لم يجدوا سوى هذه اللعبة لتضييع وقت فراغهم بها، ولكنهم لم يفكروا فى توابع هذا المرض اللعين وهو «ادمان مواقع التواصل الاجتماعى». 

دراسات حديثة
أشارت دراسة جديدة إلى أن التوقف عن استخدام مواقع التواصل لمدة أسبوع واحد فقط قد يؤدي إلى تحسن كبير في الصحة، وانحسار القلق والاكتئاب، وهذا ما توصل إليه فريق من الباحثين في جامعة باث فى المملكة المتحدة بدراسة آثار الصحة العقلية عند التوقف لمدة أسبوع عن استخدام وسائل التواصل، ووفر بعض المشاركين فى الدراسة ما يقارب 9 ساعات من أسبوعهم، كانوا سيقضونها في التصفح على منصات Instagram وFacebook وTwitterوTikTok، وفق Medical Xpress، وأشارت النتائج إلى أن أسبوعاً واحداً فقط بعيداً عن وسائل التواصل الاجتماعى أدى إلى تحسين مستوى رفاهية الأفراد بشكل عام. 

مخاوف متزايدة 
من جانبه أوضح الباحث الرئيسى من قسم الصحة فى باث، جيف لامبرت، أن «تصفح مواقع التواصل منتشر فى كل مكان لدرجة أن الكثير منا يفعل ذلك دون التفكير تقريباً منذ اللحظة التى نستيقظ فيها حتى نغلق أعيننا فى الليل، ونحن نعلم أن استخدام وسائل التواصل ضخم وأن هناك مخاوف متزايدة بشأن آثارها على الصحة العقلية ، حيث أعلنت منظمة Mind فى المملكة المتحدة، أن واحداً من كل 6 أفراد يعانى من مشكلة صحية عقلية شائعة مثل القلق والاكتئاب في أي أسبوع معين.

ناقوس الخطر
أشار تقرير مؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان إلى أبرز اﻵﺛﺎر السلبية اﻟﺘﻲ نتجت ﻋﻦ استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي وهي الإغراق في التسلية وإضعاف الإبداع، تشتيت الانتباه وتعطيل النوم، نشر الشائعات ووجهات النظر غير الواقعية عن حياة الآخرين، التحريض ﻋﻠﻰ الكراهية والعنف، تشجيع  الجريمة والأفعال غير القانونية، قلة التفاعل ﻣﻊ الأسرة وانعزالهم عن المجتمع وانغماسهم فى عالمهم الافتراضي، وبالتالى تؤدى إلى أمراض نفسية كثيرة منها الانطواء الاجتماعي وعقدة الاختلاط بالآخرين، عدم الثقة بالنفس وسهولة الانخداع بالمظاهر، الخجل من التعبير عن الذات.

الصحة النفسية
ومن جانبه قال الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى: «إن ادمان السوشيال ميديا جاء بسبب الفراغ فى الوقت والفراغ العاطفى أيضا، فقد أصبح كل شخص يبحث وراء الشاشات عن الشيء الذى يشبع رغباته دون تكلفة، والحل لهذه المشكلة فى يد الدولة فلابد من توفير فرص عمل للاستفادة من طاقة الشباب المهدرة على منصات التواصل الاجتماعى والفيديوهات القصيرة التى استحوذت على عقول الكبار والصغار لقلة وقتها، حيث إنها لم تتعد الدقيقة فلا يشعر المتفرج بالملل منها ولكن على العكس يزيد من تفاعله معها.

التربية الأسرية
ومن جانب آخر قال يحيى فؤاد استشارى التربية الأسرية إن السبب فى ادمان السوشيال ميديا يختلف من طفل لآخر ، حيث إن هناك أطفالاً يريدون لفت الأنظار إليهم وآخرون يريدون أن يشعروا بالقبول من المحيطين بهم وطفل يريد الهروب من الواقع أو حياته مع الأب والأم والتى غالباً ما تحمل مشاكل فالسوشيال ميديا تجعله يخرج من المجتمع الذى يعيش فيه ، وهناك طفل آخر يعانى من الملل، فلا نستطيع أن نحصر أسباب ادمان المراهقين للسوشيال ميديا فهى كثيرة .. وأضاف فؤاد أن الحل لهذه الكارثة هو معرفة سبب هذا الارتباط الشديد بين الأطفال وهواتفهم والسوشيال ميديا، ومعالجته بعدة طرق وهى الاشتراك لهم فى ألعاب خارج العالم الافتراضي، لكى يندمجوا فى المجتمع ولا يفكرون فى السوشيال ميديا أغلب الوقت، مؤكدا على أن الأطفال الذين يقومون بعمل فيديوهات على «تيك توك» ما هو إلا أداة للفت الأنظار لهم لكى يشعروا بالقبول ، فهم يحصلون على ذلك من خلال اللايكات والتعليقات على الفيديوهات وهى ما تلبى رغباتهم النفسية.

نتائج صادمة
تشير الأبحاث إلى أن الاستغناء عن ثلاث عمليات فحص لوسائل التواصل الاجتماعى لمدة 10 دقائق يوميًا سيسمح لك بقراءة ما يصل إلى 30 كتابًا إضافيًا فى عام واحد. علاوة على ذلك، بما أن الشبكات الرقمية تستهلك معظم ساعات يقظتنا، فسيكون لدينا المزيد لتكريسه للأنشطة التى نحبها حقًا، إذا نظرت إلى روتينك اليومي، ستجد أنك تقضى الكثير من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعى بدلاً من القيام بمهامك بشكل صحيح.. لذلك من المهم أن نتجنب الإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن نأخذ فترات راحة منتظمة منها، وأن نستخدمها بحكمة لصالحنا، وليس لإضاعة وقتنا.