«قد نفد رصيدكم» قصة قصيرة للكاتبة محمود حمدون
قلت بثقة من سبر أسرار الكون، يعرف دخائل الأنثى وما تخفي في صدرها: أعلم أني أسكن بأعماقكِ..
- من قال لك ذلك، ثم ندّت عنها ضحكة كتمتها بسرعة.
قلت: دقات قلبكِ حين أهاتفك وهي تسبق يدك لبدء المكالمة، لمعة عينيك حين نلتقي، فأنا أحتضنكِ كل لقاء بعينيّ وأنتِ ترتمين بين ذراعيّ تلتمسين دفئًا لا يوجد إلّا لديّ.
ردّت: أتعرف أنّي جعلت ركنًا خشبيًّا في غرفتي خصصّته لأغلفة قصص وروايات ودواوين لا حصر لها، تراكمت فعضها فوق بعض
قلت: لم أدرك ما تقصدين؟
-أردت أن أخبرك أنك واهم، تلك ترهات المشتغلين بالأدب، أنا امرأة لا عزيز لديها ولا غالِ في قلبها.
-كأنك ستغلقين الباب في وجهي فجأة، ربما ستصرخين: أبتعد فأنت تحجب الهواء عنّي والنور!
أجابت: ربما أفعلها، لقد مضت سنوات وهذا كثير، ولم أعتد ذلك، لكن ليس كما تقول. سأغيب عن المشهد فجأة.
قلت: كما تفعلين الآن؟
قالت: كل رصيد ينبغي له أن ينفد. فلا بقاء لشيء. والعاقل من يلقي بكل مطلق خلف ظهره. فلا تقامر على ما لا يعقل.
أمّنت على كلامها، قلت: الحياة ذاتها رهان خائب. ثم ساد صمت قليل، أعقبه اعتذار لمكالمة هامة ورادة إليها.