النقاد يجيبون .. لماذا بريق دور العرض السينمائي مازال لامعًا ؟

دور العرض السينمائية
دور العرض السينمائية

محمد‭ ‬إسماعيل - ‬أحمد‭ ‬إبراهيم

شهدت أيام الإغلاق الطويلة لدور العرض السينمائية بسبب جائحة “كورونا” بروز دور المنصات الإلكترونية المصرية والعربية، ليس فقط على مستوى عرض الأفلام، لكن أيضا المشاركة في إنتاج أعمال خاصة بها، وحققت تلك الأعمال نجاحا ملموسا على غرار “صاحب المقام”، “أعز الولد”، “الرجل الرابع”، “2 طلعت حرب” و”جدران”، وهذا بالإضافة إلى فيلم “ريش” الذي كان له ظروف رقابية تتعلق بالعرض السينمائي، وذلك من منطلق أن التكنولوجيا أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا، وتتدخل بشكل كبير حاليا في الصناعات الكبرى، ومن ضمنها  بالطبع صناعة السينما، لدرجة جعلت عدد من المهتمين بالسينما يعتقدون أن المنصات أصبحت الملاذ لاستمرار صناعة في مصر، وأنها بمرور الوقت ستحل مكان دور العرض وتسحب البساط على المستوى الجماهيري، وهذا جاء بالتوازي مع النجاحات التي تحققها المسلسلات الدرامية التي عرضت وقت الحظر، وإستمرار نجاح التجربة حتى وقتنا هذا، ووجود مسلسلات حققت نسب مشاهدات كبيرة خارج الموسم الرمضاني، وبرغم تفوق المنصات على القنوات التليفزيونية، لكن خلال العام الماضي، وهذا العام، حدث العكس في السينما، حيث شهدنا هزيمة المنصات أمام دور العرض، فالأرقام تشير إلى أن عام 2023 شهد عرض43 فيلما، واحد منهم فقط إنتاج منصة، وهو “الباب الأخضر”، وهنا نطرح تلك التساؤلات على النقاد عن تقييمهم لتجربة المنصات حتى الآن، وأسباب التراجع الكبير أمام دور العرض خاصة في 2023..

في البداية يقول السيناريست بشير الديك: “العرض السينمائي في دور العرض لن يكون له بديل أبدا، مهما تغيرت متطلبات العصر لأن جزء أساسي من متعة المشاهدة في دار العرض ذلك المتعلق بالمؤثرات البصرية والصوتية وحجم الشاشات، وهو بالطبع ما تفتقده مقومات العرض على شاشة التليفزيون الصغيرة، قد كان اللجوء لها بسبب ظرف طارئ، لكن أن تتحول لبديل عن دور العرض فهو أمر أراه صعبا جدا، بالإضافة إلى أن الذهاب للسينما تعتبر عادة أصيلة للجمهور المصري، خاصة في المناسبات والأعياد والعطلات الرسمية، لهذا عندما انحسر الوباء وزاد عدد الأفلام المنتجة من 29 فيلما في 2022، إلى 43 في 2023، عاد الإقبال إلى دور العرض، ولم يتوقف الأمر عند الجماهير فقط، بل أمتد إلى المنتجين أيضا، الذين عادوا للشكل الإنتاجي التقليدي دون الدخول في شراكات مع المنصات”.

يتفق مع الرأي السابق المخرج أمير رمسيس، حيث يقول: “تجربة المنصات أثبتت نجاحها على مستوى الدراما التليفزيونية، لكنها فشلت سينمائيا، وذلك على مستوى العالم، وليس في مصر فقط، ومعظم الأفلام التي يتم عرضت علي المنصات ضعيفة، ولا ترتقي للمنافسة السينمائية في دور العرض، كما أنها أفلام ذات ميزانيات محدودة”.

ويضيف رمسيس: “جزء مهم من المعادلة متعلق بالمنتجين الذين وجدوا أنهم لم يحققوا أرباحا من وراء العرض الحصري على المنصات، حتى أنه وجد أرباح المنصات لا توازي قيمة ما يحصده من شباك التذاكر، ومن الممكن أن يعرض الفيلم على المنصة بعد انتهاء العرض التجاري ورفعه من دور العرض، وليس العكس”.

 

الناقد رامي المتولي يرى أيضا أن أساس مشاهدة الأفلام هي دور العرض، لعدة أسباب، أولا تواجد الأفلام في دور العرض يحقق الإيرادات التي تجعل المنتجين مستمرين في العملية الإنتاجية، بالتالي تحدث تأثيرات إيجابية على الصناعة ككل، ثانيا على مستوى المشاهد تكون الأفلام داخل قاعات السينما وما تحتويه من إمكانيات سمعية وبصرية أمر مفضل لدى قطاع كبير من متابعي السينما، خاصة مع التقدم التكنولوجي الذي تشهده الصناعة بشكل مستمر، مثل عروض الـ3D والـ4D، لهذا مهما حاولت المنصات لن تستطيع أن تخرج في النهاية صورة بصرية تعادل إمكانيات شاشات العرض، وفي النهاية الجمهور المصري يتجه لدور العرض من أجل المتعة، وهو ما سيجده فيها، عكس المنصات”.

ويضيف المتولي: “الأفلام ذات الإنتاج الضخم لا تصلح للعرض على المنصات، لأنها لن تعود على المنتج بمكاسب مادية عكس الإيرادات من خلال شباك التذاكر التي تحقق له المكاسب، بالإضافة لتغطية التكاليف الإنتاجية والتشجيع على الدخول في مشاريع جديدة، لذلك نجد أن معظم الأعمال السينمائية التي تم إنتاجها وعرضها على المنصات كانت ذات الإنتاج المتوسط أو الضعيف”.

ويكمل المتولي: “رغم كل شيء فإن وجود المنصات مفيد في مسألتين، الأولى مصدر دخل للمنتج من خلال العرض بعد الرفع من دور العرض، والثاني تعد المنصات منفذ للمنتجين الذين يقدمون الأفلام ذات الإنتاج المتوسط على غرار تجربة فيلم (أعز الولد) لدلال عبد العزيز وميرفت أمين وشيرين”.

ويقول الناقد محمود قاسم عن تراجع إنتاج أفلام المنصات: “ليس شرطا أن نعتبر المنصات بديلة لدور العرض، لأن هناك نوعان من الأفلام السينمائية المعروضة على هذه المنصات، الأول - وهو الأقل انتشارا - تكون أفلاما من إنتاج المنصات نفسها، أو تدخل المنصة كشريك أساسي في إنتاجها، وهو الشكل المتداول عالميا على منصات مثل (نتفليكس) و(آبل) و(أمازون برايم)، والنوع الثاني أفلام يتولى المنتجين عملية تنفيذها بشكل كامل ثم تحصل على حقوق عرضها المنصات، وهي النوعية التي كانت تعرض في بداية التجربة، ومنها (صاحب المقام) و(أعز الولد)، وكان عرض المنصات في ذلك التوقيت له ظروفه الخاصة، لأن الحياة السينمائية كانت شبة متوقفة بسبب انتشار فيروس (كورونا) وتوقف الإنتاج السينمائي، إلى أن وجد المنتجون ضالتهم في العرض الرقمى لتحريك الصناعة بشكل مبدئي”.

ويختتم قاسم حديثه بالقول: “لكن بعد فترة وعودة الأمور إلى طبيعتها، تخلى المنتجون عن العرض الرقمي نهائيا، لأن الإيرادات السينمائية أساسها دور العرض كما ان الأفلام ذات الإنتاج الضخم لن تحقق غايتها من العرض على المنصات بسبب عدم تغطيتها للتكاليف الإنتاجية، وأيضا النجوم السينمائيين  لن يوافقوا نهائيا على عرض أعمالهم خلال المنصات فقط، على سبيل المثال أفلام مثل (الفيل الأزرق، ولاد رزق، بيت الروبي، كيرة والجن)، كان من الممكن أن يحققوا تلك النجاحات إذا عرضوا على المنصات؟”.

إقرأ أيضاً : هل يحقق «الملكة» النجاح السينمائي لـ«هالة صدقي» كما ضمن تألقها الدرامي؟

;