ملتقى الطفل بالجامع الأزهر يواصل ترسيخ القِيم الأخلاقية لدى النشء خلال اللقاء الأسبوعي

الجامع الأزهر الشريف
الجامع الأزهر الشريف

عقد الجامع الأزهر الشريف اليوم، حلقة جديدة من ملتقى الطفل، والذي يأتي تحت عنوان: " الطفل الخلوق - النظيف - الفصيح"، وذلك في إطار مواصلة الجامع الأزهر والرواق الأزهري، جهودهما في توعية النشء بالآداب الإسلامية والأخلاقيات السليمة النابعة من صحيح الدين، وحاضر في الملتقى الدكتور محمد بيومي، الباحث بوحدة شئون الأروقة بالجامع الأزهر الشريف، والدكتور محمود أبو العلا، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف. 

فى البداية قال الدكتور محمد بيومي يقول الله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} وقال تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}. وَقَوْلُهُ: {بُكْرَةً وَأَصِيلًا} أَيْ: أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ. إن أعظم رأس مال الإنسان: عُمُره، وله في هذا العمر محطات، هي من أنفس الأوقات، منها ما يتكرر كل عام، كليلة القدر، وعشر ذي الحجة، ومنها: ما يتكرر كل يوم، وهو: وقت البكور، وهو: أول النهار، فهذا الوقت من أعظم الأوقات وأفضلها، قد جاء الشرع ببيان فضله وبركته، فقد جاء عن جمع من الصحابة أنهم قالوا: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ (اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا)، وفي رواية أخرى قال: (بُورِكَ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا).

 

وأشار الباحث إلى إنه لو لم يرد في فضل وقت البكور إلا هذا الحديث لكفى، ولكان حري بالعاقل أن يعتني بهذا الوقت أشد العناية، وأن يستغله بطاعة الله وذكره، وما ينفعه في دنياه وأخراه، كيف لا يا عباد الله وقد دعا رَسُولُ اللهِ ﷺ اللهَ بأن يبارك لأمته في هذا الوقت؟!، والبُكرة من جملة العمر الذي لا تزول قدما عبدٍ يومَ القيامة حتي يُسأل عنه فيما أفناه، كما ثبت في الحديث، والمسلم الفطن حريص على عمره، ضنين بوقته أنْ يضيع، فإن خسارته من أعظم الخسران، إذا فات لم يكن لتداركه سبيل، لا سيما الوقت الذي دعا رَسُولُ اللهِ ﷺ لأمته بحلول البركة لهم فيه، فهو موضع البركة، وسبب الرزق، وطريق النجاح، فإن للبدايات أثر كبير على النهايات، وكلما كانت البداية موفقة كانت النهاية مسدّدة، ولاشك أن بداية اليوم هو أول النهار.

 

وتابع: وقت البكور سرٌ في النجاح والفلاح، وزيادة الإنتاج، وقوة الحفظ، وجودة الفهم، وحسن الخلق، ومن أعظم أسباب الصحة، واستغلاله من أعظم أسباب رفعة الدرجات، وعلو المنزلة الدينية والدنيوية، ولم تزل العناية بصدر النهار من عادة المسلمين التي ورثوها عن السابقين، أهل المجد والفضل. فعَنْ صَخْرِ بْنِ وَدَاعَةَ الْغَامِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ (اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا). قَالَ: وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ ، وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا ، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ تِجَارَةً بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ.

 

وبيَُن فضيلته أن وقت البكور وقت فاضل مبارك نافع لمن قصده، في أمور دينه ودنياه. إن النوم فى هذا الوقت المبارك من غير ضرورة، مضر بالصحة. وقد قال الإمام العلامة طبيب القلوب والأبدان، عليه من الله الرحمة والغفران: (وَأَرْدَأُ نَوْمِ النَّهَارِ، هُوَ نَوْمُ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَأَرْدَأُ مِنْهُ النَّوْمُ آخِرَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَنَوْمُ الصُّبْحَةِ يَمْنَعُ الرِّزْقَ، لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتٌ تَطْلُبُ فِيهِ الْخَلِيقَةُ أَرْزَاقَهَا، وَهُوَ وَقْتُ قِسْمَةِ الْأَرْزَاقِ، فَنَوْمُهُ حِرْمَانٌ إِلَّا لِعَارِضٍ أَوْ ضَرُورَةٍ، وَهُوَ مُضِرٌّ جِدًّا بِالْبَدَنِ لِإِرْخَائِهِ الْبَدَنَ، وَإِفْسَادِهِ لِلْفَضَلَاتِ الَّتِي يَنْبَغِي تَحْلِيلُهَا بِالرِّيَاضَةِ، فَيُحْدِثُ تَكَسُّرًا وَعِيًّا وَضَعْفًا. وَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّبَرُّزِ وَالْحَرَكَةِ وَالرِّيَاضَةِ وَإِشْغَالِ الْمَعِدَةِ بِشَيْءٍ، فَذَلِكَ الدَّاءُ الْعُضَالُ الْمُوَلِّدُ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الْأَدْوَاءِ).

 

ومن جانبه تناول الدكتور محمود أبو العلا، الباحث بوحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، شرح المبتدأ، حيث قام بتعريفه وبين حالات إعرابه ومواضعه، ودلل على ذلك بالأمثلة التوضيحية.

 

وفي نهاية الملتقى، اختتم الباحثان حديثهما بالإجابة عن بعض الأسئلة حول الموضوع، وأثناء الشرح استخدم الباحثان بعض الشرائح التوضيحية، معتمدَيْن على أسلوب المناقشة والتحاور مع الأطفال، تشجيعاً لهم على المشاركة. 

 

يذكر أن ملتقى " الطفل الخلوق والنظيف والفصيح" يعقد يوم السبت من كل أسبوع بالجامع الأزهر، ويتم تنفيذه في بعض المحافظات ، وذلك لتربية النشء على أسس صحيحة، وفهم عميق لأخلاقيات ديننا الحنيف.