فى الصميم

حتى لا ينفطر قلب الوزير «بلينكن»

جلال عارف
جلال عارف

بتأثر بالغ تحدث وزير الخارجية الأمريكى «بلينكن» أمام مؤتمر «دافوس» فقال إن «الصراع فى غزة مؤلم، والمعاناة تفطر قلبي، والسؤال ما الذى يجب فعله؟ وبغض النظر عن أن المذبحة الإسرائيلية هى عند بلينكن حتى الآن مجرد «صراع»، فإن قلبه الذى ينفطر لم يجد الشجاعة للإقرار بأن المطلوب أولاً وقبل كل شىء هو الإيقاف الفورى للمذبحة الإسرائيلية التى ما كان يمكن أن تستمر فى القتل والتدمير إلا بدعم أمريكى يبلغ حد المشاركة!!

تحدث الوزير الأمريكى عن جهود التطبيع التى وقفت وراءها بلاده بهدف تصفية القضية الفلسطينية والالتفاف حول «حل الدولتين» وتحدث عن «تأمين إسرائيل» وكأنها الدولة الضحية وليست الدولة التى تمارس أحط أنواع الاحتلال الاستيطانى، وتقوم بحروب الإبادة، وتهدد باستخدام السلاح النووي«!!» ثم تحدث عن حل الدولتين دون إشارة واحدة إلى مسئولية الولايات المتحدة عن ثلاثين عامًا من الفشل فى تطبيق اتفاقيات أوسلو بعد أن نصبت نفسها راعية للسلام، فتركت إسرائيل تنسف كل الاتفاقيات وتمضى فى الاستيطان والتهويد والتمييز العنصرى تحت مظلة من الرعاية والدعم الأمريكيين اللذين أوصلا الأوضاع إلى «حرب الإبادة» الحالية التى ينفطر لها قلب الوزير بلينكن، والتى تضع المنطقة كلها على حافة انفجار غير مسبوق!!

فى نفس اليوم.. كان «نتنياهو» يتحدث متوعدًا الجميع بأن الحرب مستمرة وقد تمتد حتى عام ٢٠٢٥، وأن إسرائيل «التى تعيش حالة فوضى غير مسبوقة»، قادرة على القتال على كل الجبهات فى نفس الوقت «وهى التى فشلت  حتى الآن فى تحقيق شىء فى غزة إلا القتل والدمار» وبين انفطار قلب بلينكن فى دافوس وحديث مجرم الحرب نتنياهو.. كان المشهد على الأرض يؤكد أن كل حديث أمريكى لا يبدأ من وقف المذبحة الإسرائيلية فورًا لا يمكن أن يكون جادًا.

وإن كل سياسة تتجاهل أن الاحتلال هو أصل المشكلة، وأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس هو مفتاح الحل هى سياسة محكوم عليها بالفشل، وأن كل رهان سياسى يعطى الأولوية للتطبيع المجانى هو رهان خاسر، وأن انتشار الحرب فى المنطقة سيكون حتميًا إذا لم توقف أمريكا الجنون الإسرائيلى قبل فوات الأوان!!

إن الولايات المتحدة التى دخلت هذه الحرب تحت زعم أنها لا تريد توسعها، يزداد تورطها يومًا بعد يوم. القوات الأمريكية تشتبك الآن فى معارك بالعراق وسوريا واليمن.. والمواجهة مع إيران تتوسع «ولو بالوكالة»، والأوضاع تخرج عن التحكم مع امتداد المواجهات إلى داخل باكستان وإيران.. كل ذلك والمذبحة الإسرائيلية مستمرة، ونتنياهو يسعى لفتح جبهات جديدة ويرفض أى حديث عن إيقاف الحرب لأنه يعرف جيدًا مصيره حين تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية عن قتل أطفال فلسطين!

يعرف الوزير بلينكن الذى «ينفطر قلبه» من الأوضاع الصعبة فى غزة أكثر من غيره. أن الحل ليس فى التطبيع المجانى ولا تأمين إسرائيل النووية، وإنما فى ايقاف المذبحة فورًا، وباعتراف أمريكى بالدولة الفلسطينية المستقلة وبأن تدرك أمريكا أنها الخاسر الأكبر فى كل ما يجرى، وأن خسارتها ستتضاعف إذا لم تتحمل مسئوليتها وتوقف المذبحة الإسرائيلية التى يعرف العالم كله أنها لا يمكن أن تستمر إلا بدعم أمريكا وأموالها وقنابلها التى يبدو أنها تخصصت فى قتل أطفال فلسطين!!