«حب فوق الرماد» قصة قصيرة للكاتب مجدي محفوظ

الكاتب مجدي محفوظ
الكاتب مجدي محفوظ

وقفت أمامي ممشوقة القوام وسط القاعة، تقدمت نحوي في صمت، عيناها ترسل كلمات تريد أن تقول شيئاً ما؟ وأنا أمامها بين الحركة والسكون، وواقع مرير أحاول البحث عن كلمات في ذاكراتي، ثم تذكرت تلك الصورة حين لاحقت نظراتي خطوات ذاك الوجه الخمري المبتسم فعاودت أحلامي وتذكرت صباي ووحدتي وغربة موحشة أناجي نفسي لا أنيس سوى قلمي ودفتري وحزن يؤرقني كلما وضعت رأسي على وسادتي الخالية وأنين يسرد قصصي، أنفاسي تعانق سقف غرفتي الموحشة بين الشقاء والحرمان ولهفتي عليها.

انتظرتها..! في اليوم الثاني في قاعة المحاضرات تحدثنا كثيراً عن ما يشغلها، تطلعنا للمستقبل كأننا ننتظر ولادة أخرى للحياة، ثم تبادلنا أرقام هواتفنا ليولد الحلم، فكانت الرسائل ملاذنا الوحيد نعبر بها عن مشاعرنا عن تلك الولادة الغريبة بعد هذا العمر، عاودت النظر في وجهي فلم أجد شيئا يحول بيننا، ليدب الخلاف بين عقلي وقلبي أيام وليال طويلة ومن سيكون منتصراً في النهاية.

 حاولت الانتصار لأحدهما لكن لم أستطع حتى لا يغضب أحدهما فاستحنت الصمت، وعدت لهاتفي أبحث عن رسالة أو شعار وبقيت أيام وليال في انتظار وميض هاتفي، وكأني عائد من الموت، فجلست في صمت وحدثت نفسي عن حلم نعيشه، صنع بأيدينا، وعشنا من أجله، وماتوا أولئك الذين لم يمتلكوا منها شيئا.

مازالت أتطلع إلى آفاق الحياة لتسكب ذاك السكر في فمي، فلا ضوء ينير طريقي، ولا دفء يدثر أحلامي، فيا صبر قيس وقلة حيلة ليلى، فقلبي يطل من نافذة الأمل، يبعث شبابي، آلامي عجزت عن فهمها، وصمتي حزن، دموعي تخترق كبريائي بين يديك بجراح دامية.

ما زال الحلم بهاؤك ووجهك الخمري، وخصلات شعرك حين تهفو علىّ، تسرد قصصاً، تؤازر حلمي، ورسائلك تبعث فيّ الروح، فلا تتركيني بين الأموات تتربص بي الشياطين، عودي لأحيا، وستجدي تلك الشمعة تنير طريقك تدفعك بين ذراعي، وأمهليني وقتاً أستنشق أنفاسك أعانقك، أرمم بكائي بين أحضانك، فكم اصطنعت لنفسي الضحكات كي ألملم شتات روحي.. فأنا أولى من ثوبك لمعانقتك، وحبيس كلماتك، فلا تتركيني فوق الرماد.