بعد دعوى جنوب أفريقيا.. هل تتسبب مقاضاة إسرائيل في وقف العدوان على غزة؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لا يخفى على أحد ما يرتكب على أرض فلسطين من فظائع، بل يمكن أن تكون كلمة «فظائع» غير كافية لوصف ما يحدث من قتل وتشريد واغتصاب الأراضي، بينما يتخذ العالم موقف المتفرج جاعلا الصمت لغة التعبير في مشهد مخز.

اقرأ أيضًا: بسبب «تواطئهما بالجرائم».. 50 محاميا من جنوب إفريقيا يقاضون واشنطن ولندن

وأمام تلك المواقف السلبية، تنتفض جنوب أفريقيا، لتعلن رفضها ما يحدث متخلية عن نبرات التنديد الفارغة، والشجب والإدانة والتصريحات العنترية التي لا تفيد، فلجأت إلى موقف تاريخي وتوجهت إلى محكمة العدل الدولية.

طلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية يوم الجمعة الموافق 29 ديسمبر 2023 إصدار أمر عاجل يعلن أن إسرائيل تنتهك التزاماتها في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948. وقد استجابت المحكمة، استنادًا للصلاحية القانونية، لهذا الطلب، حيث حددت جلستين لهذه الغاية: الجلسة الأولى؛ يوم 11 يناير 2024 حيث قدمت جنوب أفريقيا مرافعتها الشفهية، فيما قدمت إسرائيل مرافعتها الشفهية يوم 12 يناير 2024.

تسببت دعوى جنوب أفريقيا في إرباك إسرائيل مما دفعها إلى المثول أمام محكمة العدل الدولية للرد على جنوب أفريقيا لمقاضاتها، وتناقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن هيئات أمنية وقانونية إسرائيلية، بما فيها النيابة العامة، الخشيةَ من أن تنسب محكمة العدل الدولية لإسرائيل جرائم إبادة جماعية في غزة مما يجعلها أمام عقوبات وعزلة دولية ومحاكمات لرموزها لن تنتهي بسهولة.

تتضمن الدعوى التي تقدمت بها جنوب إفريقيا طلبًا من المحكمة الدولية بأن تصدر بشكل عاجل أوامر مؤقتة ملزمة قانونًا لإسرائيل "بتعليق عملياتها العسكرية على الفور في غزة وضدها". ومن المتوقع أن تصدر المحكمة مثل هذه الأحكام، بالرغم من توقعات بأن تقابل إسرائيل تلك الأحكام بالتجاهل.

ومن خلال مرافعة احتوت على 84 صفحة، قالت جنوب إفريقيا إنها تعترف بالنكبة المستمرة للشعب الفلسطيني، وأن الاحتلال الإسرائيلي مزق الشعب الفلسطيني وأهدر حقهم في تقرير المصير، من خلال تكثيف انتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني.

كما اتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بأنها "دفعت أهالي غزة إلى حافة المجاعة"، وأن هذا الأمر ليس بجديد فقد دأبت إسرائيل على ارتكاب أعمال إبادة وفرض حصار منذ عقود على غزة وباقي الأراضي الفلسطينية.

وأشار ممثل جنوب أفريقيا، إلى أن مستقبل الفلسطينيين يعتمد على قرار محكمة العدل الدولية، بوقف فوري لإطلاق النار ومحاسبة رموز تلك الانتهاكات.

وقالت محامية من وفد جنوب إفريقيا إلى المحكمة عادلة هاشم إن "الوضع بلغ حدا بات فيه خبراء يتوقعون أن يموت عددًا أكبر من الناس جراء الجوع والمرض" منه جراء أفعال عسكرية مباشرة.

 وأوضح الممثل القانوني لجنوب أفريقيا، أمام محكمة العدل الدولية، أن بلاده لديها أدلة جمعت خلال 13 أسبوعا تؤكد تعمد إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية في غزة، متهما الاحتلال بأنها يتمت أعدادا كبيرة من الأطفال في قطاع غزة، وأنها تتعمد تجويع الفلسطينيين وقطع نسلهم أو تشريدهم خارج حدود بلادهم.

ليس هذا فحسب بل أوضحت جنوب أفريقيا أن المساعدات التي ترسل لأهالي غزة، تخضع لتفتيشات من 3 مراحل وهو أمر لا مبرر له ويساهم في تأخير دخول تلك المساعدات بل وكثيرا في عرقلة وصولها لمستحقيها.

واستشهد ممثل جنوب أفريقيا بتصريحات نائب رئيس الكنيست والتي دعا فيها إلى محو غزة من على وجه الأرض، كما استشهد بتصريحات ووزير الدفاع الإسرائيلي والتي قال فيها إنهم يحاربون حيوانات بشرية، معلقا بالقول: النية لتدمير قطاع غزة موجودة لدى أعلى المستويات السياسية في إسرائيل، كما تم عرض مقاطع فيديو لجنود الاحتلال يرقصون ويتوعدون سكان قطاع غزة بالدمار.

يذكر أن جنوب أفريقيا وإسرائيل هما طرفان في اتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية لعام 1948، والتي انتهكتها إسرائيل بالطبع على مدار عقود في بلدانا عدة.

لا ترتبط جنوب أفريقيا وإسرائيل بأية حدود فالدولتين بعيدتين كلية عن بعضهما جغرافيا، مما لا يجعل بينهما مصالح مشتركة، وجنوب أفريقيا هي دولة صناعية وتهتم بالإنتاج، مما يجعل موقفها ضد إسرائيل موقفا إنسانيا ذو مصداقية، تسعى من وراءه إلى وقف المساهمة في وقف معاناة شعب أعزل.