«ملهاي» قصة قصيرة للكاتبة فاطمة مندي

الكاتبة فاطمة مندي
الكاتبة فاطمة مندي

هناك وأبعد ما يكون عن منزلنا، يصطحبني أبي أيام الأجازات والأعياد ؛ بعربته ذات اليدين يدفعها أمامه، أسير بجواره ادفع معه العربة،  إلى أن نصل إلى مكان وقوفنا .

 يبدأ أبي في اضرام النار بالحطب، يقتلع رداء أكواز الذرة، يضعها علي الحطب بعد أن تخفت النار وتهدأ.

 أمسك مروحة يد مصنوعة من ريش الطيور، أبعثر بها الهواء علي أعواد الذرة، إلي أن ينتهي والدي من تهيئة كل الذرة للشواء.

 بعد أن يتم عمله، يكمل هو التهوية، ويتركني ألهو بجواره، أقف علي سور يفصلنا عن الملاهي، أحدق هناك، ارى كل الألعاب، أرى الأطفال يمرحون بها .

عندي خارج السور ملهاي الخاص بي، كل يوم أمرح في ملهاي الكبير الصغير؛ فعندي به كل صنوف الألعاب.

رأيت طفلا هناك بجانب الأرجوحة يلوح لي ويبتسم، نظرت حولي كي أعرف لمن يلوح، ولمن يبتسم،  لم أجد سواي، لوحت له وابتسمت.

أخبرني بيده أنه سيلعب علي الأرجوحة.

لوحت له وأنا أيضا.

أرجوحته تعلو وتهبط، وأرجوحتي مثلها تعلو وتهبط .

حدثني عن اللعبة القادمة؛ إنه سوف يركب العربة الكهربائية .

 قلت له: وأنا أيضا سأركب العربة الكهربائية .

كان يجري بالعربة ويتصادم مع العربات، وأنا أفعل مثله .

قال لي: سأدخل إلي بيت التنطيت فوق الكرات الكثيرة .

أخبرته : أنني بداخله بالفعل .

بعد خروجه من بيت التنطيت جري بعيدا وهو يلوح لي من بعيد أنه سوف يركب الدويرة الكبيرة غالية الثمن، يقف والده بجانبه يتابع حوارنا في كل مرة. لوحت له وأنا أيضا سأركبها.

 عندما انتهى من جميع الألعاب مثلي.

جاءني مهرولا خارج الملهى ووالده يعدو في إثره عدوا سريعا، لم يخبره بوجهته، بل وجده يلوح ولا يعلم لمن؟! ضحكنا ضحكات طفولية .

حدثني وصدره يعلو ويهبط في شهيق وزفير متلاحق: لقد ركبت كل الألعاب .

قلت له: وأنا أيضا .

سألني والده: كيف لعبت كل الألعاب وأنت خارج سور الملاهي ونحن بالداخل؟!

قلت له:  في ملهاي، كل يوم أركب لعبة واحدة، اليوم ظهر لي صديقي هذا ولعب كل الألعاب، فلعبت معه بدوري كل الألعاب .

هنا عندي كل الألعاب، ألعب بدون مقابل وأنا سعيد .

 حدثني والد الصديق:  هل تأتي معنا غدا داخل الملاهي تركب كل الألعاب؟

نظر الولد إليه محدثا: وهل ستوافق أن يلعب صديقي معي خارج السور في ملهاي؟

استأذنكم لأننا سنغادر؛ لقد أنهى أبي عمله، لقد باع أبي كل الذرة، غدا سنأتي هنا ونكمل اللعب كلا داخل ملهاه.