إحباط مخطط التهجير يستفز الاحتلال| أكاذيب «تل أبيب» ضد مصر.. إفلاس

الأمم المتحدة أمام معبر رفح مطالبة الجانب الإسرائيلى السماح بوصول المساعدات
الأمم المتحدة أمام معبر رفح مطالبة الجانب الإسرائيلى السماح بوصول المساعدات

■ كتب: أحمد جمال

نجحت الدولة المصرية فى التعامل مع جميع ألاعيب إسرائيل التى حاولت توظيفها لصالحها سياسيًا منذ بدء عدوانها الغاشم على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر الماضي، وهو ما يظهر فى سلوكيات الحكومة اليمينية المتطرفة التى تذهب تارة باتجاه استفزاز القاهرة أو بث أكاذيب مكشوفة أمام العالم تارة أخرى، وفى مرات أخرى تحاول إفشال جهود السلام المصرية الساعية لإنهاء الحرب وإعلان قيام دولة فلسطين.

◄ السفير رخا: محاولة لتشويه الموقف المصرى الرافض لتصفية القضية

◄ أحمد فؤاد: الدولة المصرية لا تهتز من مثل هذه الادعاءات «الواهية»

ولا تخرج أكاذيب الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية عن هذا الإطار، لأن حديث دفاعها عن تهمة الإبادة الجماعية التى ارتكبتها فى غزة واتهامها لمصر بمنع دخول المساعدات إلى القطاع، يشى بأنها تحاول إبعاد عنها التهمة التى تحاكم بها أمام العالم وتم ضبطها وهى «متلبسة» بها نتيجة العدوان الذى لم يتوقف طيلة أكثر من ثلاثة أشهر، إلى جانب أنها تسعى بشتى الطرق إلى إفراغ الصراع من مضمونه عبر تفريعه والعمل على تمدده لكن يبقى ذلك فى حدود موازين القوة حينما يتعلق الأمر بمصر بحيث تكتفى بـ«الجعجعة» و«الشعارات الكاذبة».

◄ أكاذيب وادعاءات
وفند الدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات الأكاذيب والادعاءات الإسرائيلية بتأكيده على أن كل المسئولين الإسرائيليين، وفى مقدمتهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الطاقة، قد أكدوا عشرات المرات فى تصريحات علنية منذ بدء العدوان على غزة، أنهم لن يسمحوا بدخول المساعدات لقطاع غزة وخاصة الوقود، لأن هذا جزء من الحرب التى تشنها دولتهم على القطاع.

وتابع قائلاً: «بعد كل هذه التصريحات، والتى لم تكن تعتبر هذا المنع والحصار جرائم حرب وإبادة جماعية بموجب القانون الدولي، وعندما وجدت دولة الاحتلال نفسها أمام محكمة العدل الدولية متهمة بأدلة موثقة بهذه الجرائم، لجأت إلى إلقاء الاتهامات على مصر فى محاولة للهروب من إدانتها المرجحة من جانب المحكمة».

وأوضح أنه من المعروف أن سيادة مصر تمتد فقط على الجانب المصرى من معبر رفح، بينما يخضع الجانب الآخر منه فى غزة لسلطة الاحتلال الفعلية، وهو ما تجلى فعليا فى آلية دخول المساعدات من الجانب المصري إلى معبر كرم أبو سالم الذى يربط القطاع بالأراضى الإسرائيلية، حيث يتم تفتيشها من جانب الجيش الإسرائيلي، قبل السماح لها بدخول أراضى القطاع.

وشدد على أن مصر قد أعلنت عشرات المرات فى تصريحات رسمية بدءا من رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية وكل الجهات المعنية، بأن معبر رفح من الجانب المصرى مفتوح بلا انقطاع، مطالبين الجانب الإسرائيلى بعدم منع تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع والتوقف عن تعمد تعطيل أو تأخير دخول المساعدات بحجة تفتيشها.

◄ اقرأ أيضًا | فقدت الاتزان أمام «العدل الدولية»| إسرائيل.. المحتل الكاذب

◄ الرد المصري
الرد المصرى اتسم بقدر كبير من الذكاء بعد أن أعاد التذكير بالمطالب الأمريكية وهى الحليف الأكبر لإسرائيل بفتح معبر كرم أبو سالم لتسهيل دخول المساعدات، إذ جاء ذلك على لسان الرئيس الأمريكى جو بايدن، وكذلك مستشاره للأمن القومى جيك سوليفان يوم 13 ديسمبر الماضى، والأكثر من ذلك فإن بيان هيئة الاستعلامات أعاد التذكير بوجود 6 معابر على أراضٍ يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي وطالب بفتحها فورا للتجارة وليس لدخول المساعدات.

وأكد عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، أن إسرائيل تحاول تزييف الواقع لأن الجميع شاهد زيارات كبار المسئولين الأوروبيين ووزراء الخارجية من دول مختلفة وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة إلى معبر رفح والجميع شاهد البضائع المكدسة أمامه وعدم دخولها بسبب الرفض الإسرائيلى، وأن جزءا من زيارات المسئولين كانت تستهدف التعرف على طبيعة الرفض الإسرائيلى ولم يكن هؤلاء يصدقون الرؤية المصرية غير أن فشلهم فى الوصول إلى قطاع غزة جعلهم يتأكدون من الجريمة الإسرائيلية.

وأكد أن صمت المسئولين الدوليين على جريمة إسرائيل بتعطيل دخول المساعدات منح دولة الاحتلال الجرأة لتحميل مسئولية ذلك إلى مصر، إلى جانب أنها تدعى أمرا لا أساس له من الصحة لتبرير موقفها بعد أن جاء دفاعها عن اتهامات دولة جنوب أفريقيا ضعيفاً ومشتتاً ويحاول تقديم سرديات لا علاقة لها بالاتهامات الموجهة إلى دولة الاحتلال.

وأشار إلى أن إسرائيل تحاول تشويه الموقف المصرى الرافض لتصفية القضية الفلسطينية لأن الاتفاق بين مصر والفلسطينيين على عدم القبول بالتهجير القسرى ووضع إجراءات للدخول والخروج من القطاع دون السماح بالنزوح شبه الكامل أضر بأهداف إسرائيل، وأن القاهرة لديها ما يثبت أنها أقدمت على إدخال المساعدات فى بداية الحرب دون التنسيق مع دولة الاحتلال لكن الذى حدث أنه جرى قصف الطريق الذى تسير عليه الحافلات وهى منطقة منزوعة السلاح لضمان عدم وصولها.

◄ اختراقات مهمة
واستطاعت مصر أن تحقق اختراقات مهمة فى مسألة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ورغم أن تلك المساعدات لا تفى إلا بقدر قليل من احتياجات القطاع غير أن الدبلوماسية المصرية استطاعت أن ترغم إسرائيل على وصول الشاحنات التى تتحرك من معبر رفح إلى غزة فى حين أن الاحتلال الذى عمد إلى تعطيل عملية دخول كثير من المساعدات كان يصر على نقلها من خلال سيارات فلسطينية بعد تفتيشها وهو ما أدى إلى تعثر وصولها مع نفاد الوقود فى القطاع، بحسب ما أكده السفير رخا.

وشدد على أن إسرائيل فى دفاعها لم تجد الحجج والمبررات للدفاع عن نفسها وقدمت سرديات هزلية بينها اتهام حركة حماس بارتكاب إبادة جماعية ضدها، وهو كلام ليس له معنى ولا يمكن الأخذ به لأنها لم تعرض أى صور لحرق أطفالها، الأمر الذى يؤكد أنها تعانى حالة ارتباك شديدة وظهر ذلك فى حالة الغيظ التى بدا عليها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فى تصريحاته التى أطلقها السبت الماضى بعد أن ظهر فى حالة تدعو للرثاء بعد أن أدرك بأن محكمة العدل قد تصدر حكمها بإدانة إسرائيل قبل الرابع من فبراير المقبل وهو الموعد المقرر لتغيير أربعة من هيئة المحكمة.
ورفعت جنوب أفريقيا شكوى إلى محكمة العدل الدولية ومقرها لاهاى، قالت فيها إن «إسرائيل تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الموقعة عام 1948»، وتستهدف الدعوى أن يأمر قضاة المحكمة إسرائيل بالوقف «الفورى» لعدوانها على قطاع غزة الذى خلف أكثر من 30 ألف شهيد بحسب تقديرات دولية.

أعلنت محكمة العدل، أنها اختتمت جلسات الاستماع العلنية بشأن محاكمة إسرائيل - القائمة بالاحتلال- بتهمة ارتكاب جرائم «إبادة جماعية» فى قطاع غزة، بناءً على دعوى رفعتها دولة جنوب أفريقيا وأيدتها عشرات الدول، وأشارت المحكمة فى بيان صدر عنها، مساء الجمعة، أنها ستبدأ فورا مداولاتها، وسيصدر قرارها فى جلسة علنية يعلن عن موعدها فى الوقت المناسب، دون أن تحدده بعد.

◄ الموقف المصري
وبشأن الموقف المصرى من المحاكمة، فبحسب السفير رخا أحمد حسن فإن مصر مادام قد جرى ذكرها فى المحكمة فإنها ستتقدم بمذكرة رسمية بمضمون التفاصيل التى ذكرتها هيئة الاستعلامات إلى جانب التوثيق القانونى بوقائع للجرائم التى ارتكبتها إسرائيل.

وعبر عن أمله فى أن تقود المحكمة لإصدار حكم يتم تنفيذه على الأرض وعدم عرقلته مثلما عمدت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعطيل صدور قرارات من المجتمع الدولى بإدانة إسرائيل، قائلاً: «فى حال لم يتم تنفيذ الحكم يتم إبلاغ مجلس الأمن الدولى لتنفيذه وليس لاتخاذ قرار بشأنه والذى من ناحيته يبلغ الدولة المتهمة بـ«الإبادة العرقية والجماعية» لتنفيذها وهو أمر يصعب أن تتهرب منه إسرائيل باعتبارها من الدول التى وقعت على معاهدة تأسيس محكمة العدل الدولية»

وأشار الدكتور أحمد فؤاد أنور الباحث فى الشئون الإسرائيلية، إلى أن البعد السياسى فى الأكاذيب الإسرائيلية يبقى حاضراً وبقوة لأن الدولة العبرية هدفت لتهجير ونقل أهالى قطاع غزة إلى سيناء بهدف تفريغ قطاع غزة من أغلب سكانه وتصفية القضية الفلسطينية غير أن مصر تصدت لهذا المخطط، كما أن مصر وسيط وراعٍ للمفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس وبالتالى يحاول الاحتلال الضغط عليها واستفزازها، وتارة يكون ذلك من خلال الحديث عن الإقدام على تنفيذ عملية عسكرية فى محور فيلادلفيا وتارة أخرى عبر إظهار نوايا التهجير وثالثة بالحديث عن حرمان مصر دخول المساعدات إلى القطاع.

◄ استغفال العالم
وأضاف أن الأكاذيب الإسرائيلية هى إفلاس ومحاولة لاستغفال العالم الذى شاهد مئات الشاحنات الجاهزة أمام المعبر والتى رفض الاحتلال دخولها وتسبب ذلك فى اعتصام الناشطين أمام معبر رفح، كما أن الأمم المتحدة ذاتها ضغطت على إسرائيل لفتحه، كما أن الجانب الإسرائيلى وعلى لسان وزير دفاعه تحدث علنا عن عدم السماح بدخول الأطعمة أو الكهرباء أو المياه أو الوقود وحينما يصدر ذلك من قائد جيش الاحتلال فإنه يعنى قصف ما سيتم إدخاله فى حين هدفت مصر لأن تصل المساعدات بسلام إلى الأشقاء الفلسطينيين وكانت البداية بدخول 60 شاحنة ثم 100 شاحنة ثم 200 شاحنة فى اليوم، وكذلك الوضع بالنسبة للوقود، وبالتالى فإن الاحتلال بث كذبته التى لن تنطلى على أحد.

وشدد على أن مصر تمتلك خبرة تفاوضية تراكمية مع الحكومات اليمينية المتطرفة وفى نفس الوقت لا تنجرف إلى معارك جانبية ولا تتعامل بالشعارات العنترية التى يطلقها قادة الاحتلال ويواجهون من خلالها الداخل، بمعنى أن حقوق مصر الكاملة سيتم التأكيد عليها وسيتم الضغط الإعلامى والسياسى والقانونى المناسب فى مواجهة أكاذيب الاحتلال وبالتالى فإن الدولة المصرية لا تهتز من مثل هذه الادعاءات لأنها واهية ومبنية على غير أساس والرد عليها سهل سواء من خلال خبراء القانون أو عبر رصد وقائع وتصريحات قادة الاحتلال.