ألمانيا تدخل كطرف ثالث ومخاوف من عراقيل أمريكية لتنفيذ الحكم

مقاضاة «الصهاينة» تربك المجتمع الدولي| ألمانيا تدخل كطرف ثالث ومخاوف من عراقيل أمريكية لتنفيذ الحكم

فريق الدفاع الجنوب أفريقى أمام محكمة العدل الدولية
فريق الدفاع الجنوب أفريقى أمام محكمة العدل الدولية

■ كتب: أحمد جمال

تباينت ردود الأفعال الدولية جراء بدء محاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية فى ظل حالة من الارتباك التى تسود الدول التى أعلنت دعمها للاحتلال فى عدوانه على قطاع غزة، كما أن القضية تعد اختباراً جديداً للشرعية الدولية ومدى قابلية استمرارها والاعتبار بها كوسيلة لحل النزاعات الدولية، وهو ما يجعل تطورات القضية وما يصدر عنها من أحكام مثار اهتمام دولى وشعبى واسعين.

وحاول وزير الخارجية الأمريكي، أنتوتي بلينكن التقليل من شأن المحاكمة واعتبرها تقوض جهود إنهاء الحرب بالطرق السلمية وهو ما عبر عن دعم أمريكي واضح للاحتلال، فيما اتخذت ألمانيا موقفًا أكثر وضوحاً بعد أن انضمت إلى الجانب الإسرائيلي كطرف ثالث أمام المحكمة، ولم يصدر عن كثير من الدول الأوروبية والغربية بيانات تدعم أو تعارض وضع الاحتلال في قفص المحكمة، بعكس الدعم والتأييد العربي الواسع للقضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد دولة الاحتلال.

وصرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل تصرف انتباه المجتمع الدولي عن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وقال بلينكن خلال مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، في تل أبيب «نعتقد أن رفع دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية يصرف العالم عن كل هذه الجهود المهمة»، فيما رفضت ألمانيا الاتهامات التي وجهتها جنوب إفريقيا لإسرائيل أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، بارتكاب عملية «إبادة جماعية» ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وحذّرت من «الاستغلال السياسي» للاتهامات، فيما أعلنت أنها ستتدخل «كطرف ثالث» أمام المحكمة.

وتسمح هذه الخطوة لألمانيا بعرض حجتها إلى المحكمة بأن إسرائيل «لم تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية، ولم ترتكب أو تنوي ارتكاب إبادة جماعية.»

وبصفتها دولة موقعة على «اتفاقية الإبادة الجماعية» لعام 1948، يحق لألمانيا الانضمام إلى القضايا، وتقديم حججها بشأن القضية. وأبرمت الاتفاقية في أعقاب «الهولوكوست»، وتعرف الإبادة الجماعية بأنها «أعمال ترتكب بقصد تدمير مجموعة قومية أو عرقية أو دينية، كلياً أو جزئياً».

◄ اقرأ أيضًا | فقدت الاتزان أمام «العدل الدولية»| إسرائيل.. المحتل الكاذب

وقالت الدكتورة إيمان زهران، خبير العلاقات الدولية، إنه منذ أن أعلنت جنوب إفريقيا تقدمها بدعوى ضد إسرائيل خرجت العديد من ردود الأفعال المتباينة حول جدوى المحاكمة القائمة، والانقسام حول ارتدادها على التحركات الإسرائيلية وهجماتها المتباينة على قطاع غزة والتحركات الإقليمية والدولية لمحاولة إقرار الهدنة ووقف الهجمات والتمهيد للتفاوض حول آلية للحل الشامل والعادل عبر حل الدولتين وفقا لحدود 1967.

وأوضحت أن النقطة الأخرى والتى تُثير كثيراً من علامات الاستفهام حول الإعلان الألمانى الداعم للموقف الإسرائيلي فى محكمة العدل الدولية والتشكيك فى كافة الإدانات الموجهة لجيش الاحتلال، وذلك بالوقت الذى تلتزم فيه الحكومة الألمانية باتفاقية الإبادة الجماعية التي أقرتها الأمم المتحدة، والتي تم التوقيع عليها في عام 1948.

وفيما يتعلق بإمكانية تدخل الولايات المتحدة لوقف تنفيذ ما يصدر عن المحكمة من قرارات، أشارت زهران إلى أن «كل الاحتمالات واردة فى هذا السياق، وذلك بالنظر إلى زيارة بلينكن لمنطقة الشرق الأوسط، ومحاولة خلق تفاهمات وبناء مساحات مشتركة ما بين المرئيات العربية والتصورات الإسرائيلية».

ولفتت إلى نقطة أخرى تتعلق بأدوار المجتمع الدولى فى تلك المحاكمة العلنية، خاصة أن قراراتها غير إلزامية، ولكنها تتخذ توظيفًا آخر أشبه بإعادة تعبئة الرأى العام العالمى حول مسارات الصراع الفلسطيني الإسرائيلية القائم. كما أن المحكمة ليس لها أي سلطة أو آلية تنفيذية حقيقية، ومن ثم، ففي حال لم تنفذ إسرائيل قرارات المحكمة وفقا لما هو متوقع، فيمكن لجنوب أفريقيا أن تتوجه إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتنفيذ القرار.

وبشأن تأثير القضية على إسرائيل ومستقبلها بعد أن أضحت متهمة بالإبادة الجماعية، لفتت زهران إلى أن فكرة التأثير واردة فى حال أن تم بالفعل استصدار المحكمة للتدابير المؤقتة، وهو أمر لا يعتبر أمرًا هينًا ولا يجب التعامل معه كإجراء شكلي، إذ إنه يمثل خطوة مهمة في عملية النضال القانوني التي تساند الحشد السياسي والدعائي في قضايا الجرائم ضد الإنسانية مثل القضية الفلسطينية التي حازت اهتمام الرأي العام العالمي مرة أخرى بعد سنوات من الغياب.

وأضافت أن ذلك سوف ينعكس بشكل مباشر على إعادة تشكيل التصورات الذهنية للرأي العام العالمي حول إسرائيل ودحض كافة تصوراتها حول الدفاع عن النفس، وبما يسهم فى خلق مزيد من الضغوطات الدولية لإقرار سيناريو حل الدولتين وفقا لحدود 1967، دون إغفال حجم التأثير على الداخل الإسرائيلى في ظل الانقسام السياسي والمجتمعي حول جدوى الحرب القائمة ومدى التحقق من الأهداف المُعلنة من وزير دفاع حكومة الائتلاف وانعكاس ذلك على المستقبل السياسي لبنيامين نتنياهو.