صمت سياسى فى موسم الجوائز الأمريكية!

أشرطة صفراء ومنظمة إسرائيلية للإفراج عن الرهائن فى حفل الجولدن جلوب !

جون أوتيز وچىسميث كاميرون بالأشرطة الصفراء في حفل الجولدن جلوب
جون أوتيز وچىسميث كاميرون بالأشرطة الصفراء في حفل الجولدن جلوب

تستعد هوليوود للحدث الأهم، الأوسكار، ستعلن الترشيحات للنسخة السادسة والتسعين الثلاثاء ٢٣ يناير، وبعدها يتوالى إعلان جوائز المهرجانات والنقابات الأمريكية المختلفة، حتى يختتم الموسم بإعلان جوائز الأوسكار فى ١٠ مارس القادم،فى مسرح دولبى التاريخيّ والذى سقام به الحفل للمرة الأخيرة بعدما تم بيعه.

هل يهمنا نحن جمهور الشرق الأوسط، ومصر تحديداً،الجوائز والأفلام والريد كاربت وصناعة الترفيه فى هوليوود وبهرجة الاحتفالات ؟! كيف سنتفاعل معهم ونحن نودع عشرات ومئات الشهداء يومياً فى غزة بدعم ورعاية أمريكية؟!

الأسبوع الماضي،والنجوم فى طريقهم لحفل الجولدن جلوب،الذى ينظمه صحفيون أجانب، كنا نودع الشهيدين الصحفيين حمزة وائل الدحدوح و مصطفى ثريا،ليرتفع عدد الشهداء الصحفيين فى غزة إلى ١٠٩ صحفيين، بين ٢٤ ألف شهيد تقريباً، وانتظرنا وبعض الزملاء الصحفيين فى المنظمة أن يصدر بيان قبل الحفل أو أثنائه يدين العدوان واستهداف الصحفيين أو على الأقل يعلن تضامنه مع الصحفيين فى غزة كما حدث العامين الماضيين مع أوكرانيا، لكنه لم يحدث، لم يكن دعم المنظمة لصحفيى أوكرانيا وقتها معنوياً فقط ولكنه كان مادياً أيضاً (كنت انتمى للمنظمة حتى تم استبعادى قبل هذه الدورة لاتهامى بمعاداة السامية وإسرائيل، فأى تضامن مع الشعب الفلسطينى أو دفاع عن حقه يعد معاداة للسامية هناك فى أمريكا « بلد الحريات»)! .

ورغم متابعتى للحفل لدواعى العمل، إلا انه كان من الصعب أن أكتب وأحلل وأنشر صوراً لأجواء احتفالية، والألم يعتصرنى مثل كل مصرى على الدماء البريئة التى تراق فى الأرض المقدسة المحتلة.

كنت أتوقع انعكاس الانقسام فى هوليوود حول ما يحدث فى غزة،و سيطرة الجو المشحون بين صناع السينما والترفيه على حفلات الجوائز، فالخلاف حول دعم أمريكا لإسرائيل وإدانة العدوان على غزة أصبح علنياً بين صناع السينما، وانتظرت كمعظم الجمهور المتابع بشغف كلمات الفائزين بالجوائز أو تعليقاتهم على الريد كاربت أو بعدها،فى حفل الجولدن جلوب، الذى اشتهر بقدر كبير من الحرية فى دوراته السابقة، حين كانت تقيمه منظمة الصحفيين الأجانب بهوليوود، لكن ما حدث خالف التوقعات تماماً، ربما لأن المنظمة لم تعد صاحبة قرار، فقد باعت كل شىء لشركة يمتلكها الملياردير الأمريكى تود بوهلى -مالك نادى تشيلسى- ومع الشركة الجديدة، أصبحت مساحة الحرية محدودة جداً.

قبل الحفل بأيام- وفقاً لما ذكرته صحيفة «نيويورك تايمز» أكد وكلاء المواهب على جميع المرشحين عدم الإفصاح عن رأيه فى القضية الفلسطينية أو التضامن مع أى من طرفى الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، فالتزم الجميع الصمت ،إلا أن منظمة إسرائيلية تدعى «Bring Them Home» حاولت التنسيق مع ضيوف الحفل من المرشحين والاستوديوهات المختلفة لارتداء أشرطة صفراء صغيرة تعبيراً عن التضامن مع الرهائن المحتجزين بغزة، ونفذ البعض وظهر على الريد كاربت وفى الحفل مرتدياً الأشرطة الصفراء، منهم جون أورتيز و چى سميث كاميرون.. احتج المتضامنون مع الفلسطينيين للسماح لهذا الفريق بالتعبير عن موقفه، فى حين لم يُسمح لهم بالمثل، لكن أحد المتحدثين باسم منظمة الجولدن جلوب أكد لصحيفة «نيويورك تايمز» أنهم لم يشاركوا فى هذا ولكنها جهود المنظمة الإسرائيلية ! .

وكانت التعليمات أشد على مقدم الحفل جو كوى، فالتزم ولم يتطرق إلى أى مزحة سياسية، واستمر فى دعابات سخيفة لا طعم لها أدت لاستياء بعض النجوم، وتعرض لانتقادات حادة، لكنه صرح لبعض الأعضاء بأنه عدل برنامجه وخطته بناء على تنبيه صارم بعدم التطرق لأى نكات سياسية،وهكذا خرج الحفل كما أراد منظموه « ليلة خالية من السياسة»!
لكن استحواذ فيلم « أوبنهايمر» لكريستوفر نولان على خمس جوائز مستحقة هى أفضل فيلم دراما وأفضل إخراج وأفضل ممثل وأفضل ممثل مساعد وأفضل موسيقي، حول الأمر لليلة سياسية بامتياز، إذا أضيف لها فوز ليلى جلادستون بأفضل ممثلة عن فيلم « قتلة قمر الزهرة» لمارتن سكورسيزى وهو أحد أفضل أفلام هذا العام ، والفيلمان يعيدان للأذهان الجرائم الأمريكية ضد البشرية، منذ البداية مع سكان الأرض الأصليين ( قتلة قمر الزهرة)، ثم صناعة الدمار التى لم يذهب ضحيتها مائة وأربعين ألف يابانى عند إلقاء القنبلة الذرية فقط ، ولكن مازال ملايين البشر يدفعون ثمن اختراع الدمار وتجارة الموت( أوبنهايمر).

فى كل الأحوال، من المنتظر فى حفلات الجوائز القادمة مساحة أكبر للتعبير بحرية، فمن الصعب السيطرة، خاصة فى حفل الأوسكار الذى يتأهب له الجميع، فى حال لم تنته الحرب ربما تكون المفاجآت قوية ومدهشة.. خاصة مع تحول الرأى العام الأمريكى عن دعم إسرائيل وتصديق آلتهم الدعائية، وخروج عشرات الآلاف فى أمريكا يومياً فى الشوارع الرئيسية والميادين المهمة للتعبير عن تضامنهم مع غزة ومطالبة حكومتهم بوقف حرب إبادة الشعب الفلسطينى فوراً.