محمد الزهار يكتب: صاحب المواقف الواضحة .. الزهد والتصوف منهجه

محمد الزهار
محمد الزهار

نحتفل هذه الايام بميلاد فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر  ال 76.

فالدكتور أحمد الطيب الإمام الثامن والأربعون للأزهر الشريف منذ 19 مارس 2010، وتاريخه الأزهرى مرموق حيث تولى رئاسة جامعة الأزهر، ورئاسة مجلس حكماء المسلمين، وكان أستاذا في العقيدة الإسلامية ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة وترجم عددا من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية،  وعمل محاضرا جامعيا لمدة في فرنسا، ولديه مؤلفات عديدة في الفقه والشريعة والتصوف الاسلامي

للدكتور أحمد الطيب تاريخ مشرف ،حيث اشتهر بالزهد والتصوف، وحفظ الإمام الأكبر القرآنَ منذ الصغر، وقرأ المتون العلميةَ على الطريقة الأزهرية الأصيلة، حتى التحق بجامعة الأزهر وحصل على الليسانس فى العقيدة والفلسفة عام 1969، والماجستير فى العقيدة والفلسفة عام 1971، ثم الدكتوراه فى العقيدة و الفلسفة عام ١٩٧٧، وعقب تخرجه بجامعة الأزهر، عمل الإمام الطيب معيدا بقسم العقيدة والفلسفة من 2 سبتمبر 1969، ثم مدرسا مساعدا للعقيدة والفلسفة من 5 أكتوبر 1972، ثم مدرسا للعقيدة والفلسفة من 24 أغسطس 1977، ثم عمل أستاذا مساعدا من 1 سبتمبر 1982، ثم أستاذا من 6 يناير 1988. 

وقد انتدب الدكتور أحمد الطيب ليكون عميدا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بمحافظة قنا، اعتبارا من 27 أكتوبر 1990 حتى 31 أغسطس 1991، ثم انتدب عميدا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين بأسوان فى الفترة من 15 نوفمبر 1995، وتجدد انتدابه عميدا للكلية نفسها من 9 نوفمبر 1997 حتى 3 أكتوبر 1999، بعدها عين عميدا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان فى العام الدراسى 1999 – 2000، وفى 28 سبتمبر 2000، عين رئيسا لجامعة الأزهر، واستمر فى هذا المنصب حتى صدر القرار الجمهورى فى 19 مارس 2010، بتعيينه شيخا للأزهر، خلفا لفضيلة الإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى، كما تولى الشيخ أحمد الطيب عددا من المهام الأزهرية الأخرى، منها رئيس اللجنة الدينية باتحاد الإذاعة والتليفزيون، وعضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضو الجمعية الفلسفية المصرية.

اشتهر فضيلة الإمام الأكبر  بعلمه الغزير فى مجال العقيدة والفلسفة، وكان له العديد من المواقف، التى أكدت وسطتيه واعتداله، ومحاربته للأفكار التكفيرية، كما تأتى وثيقة الاخوة الانسانية تأكيدا لدور الازهر فى نشر السلام بالعالم وفى مطلع عام 2019 كان لعودة العلاقات بين الأزهر الشريف والفاتيكان بعد غياب ست سنوات، تاريخًا جديدًا من خلال توقيع الإمام الأكبر والبابا فرنسيس الثانى وثيقة الأخوة الإنسانية بأبو ظبى، والتى توجت بعد عامين من تدشينها بقرار أممى نهاية العام الماضى باعتبار 4 فبراير ذكرى توقيعها كـ"يوم دولى للأخوة".

أن الأزهر فى عهد الإمام الطيب كان له موقف واضح تجاه  الإساءة للنبى الخاتم ورسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم بزعم حرية الرأى والتعبير، مؤكدًا  رفضه للاساءة للنبى الكريم و أن لولاه ولولا ما أرسل به من عند الله لبقيت الإنسانية فى ظلام وضلال إلى يوم القيامة، رافضا أن تكون رموز الدين الإسلامى ومقدساته داعيا فى الوقت نفسه دول العالم لمراجعة قوانينها الخاصة بهذا الأمر و اكد  إن "الإساءة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة تمامًا، كما استحدث الأزهر الشريف فى عهد الطيب مؤسسات عصرية متطورة ساهمت فى تواصل الازهر بالعالم شرقه و غربه وربط مسلمى الأرض كافة بالأزهر  وفض منازعات كادت ان تهدر ارواحا و تشعل ازمات فى الصعيد و باقى ربوع مصر و مساندة فقراء ومعدمين وتوفير حياة كريمة لهم تمشيا مع سياسة الدولة فى دعم الفقراء .

فللأزهر مواقف محددة أطلقها فى كافة الاحداث محلية و عربية ودولية و منها دعم هيئة كبار العلماء الموقف المصرى للحفاظ على أمن مصر وسلامة ليبيا، وأمن المنطقة بأكملها، وتحليه بأقصى درجات الدبلوماسية، مؤكدا أن هذا الموقف ليس بجديد على دولتنا المصرية التى كانت ولا تزال سدا منيعا محافظا على أمن وسلامة الشعوب العربية والإسلامية، وأنه يجب على العالم أجمع وفى مقدمته الدول الإسلامية والمؤسسات الدولية المعنية بحفظ السلم والأمن، كما اعلن فضيلة الإمام الأكبر رفضه للفعل المشين الذي قام به رئيس حزب يميني في الدنمارك برميه للقرآن الكريم خلال فعالية نظمها متطرفون يمينيون في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، وهو ما أدى إلى استفزاز عدد كبير من المسلمين الذين يقطنون المدينة، وحرص الشيخ أحمد الطيب على تنظيم مؤتمر للسلام العالمي، برعاية ودعم الأزهر، من أجل نبذ التطرف، ونشر السلام والعمل على التخفيف من معاناة الضعفاء والفقراء والمحتاجين، وتمكن من أن يجمع القادة الدينيين من كافة أنحاء العالم، وممثلي الطوائف الدينية في العالم، تحت سقف واحد، وبحضور البابا فرانسيس بابا الفاتيكان.

إن موقف الأزهر ومصر ثابت تجاه القضية الفلسطينية والدفاع عنها بالغالي والنفيس على أرض الواقع وفي المحافل الدولية. و كان الامام الطيب قد طالب جميع الفصائل الفلسطينية بضرورة تحقيق المصالحة الوطنية، لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه القدس والمسجد الأقصى والقضية الفلسطينية في الوقت الراهن. و ناشد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الدول المحبة للسلام إلى الوقوف إلى حوار الحل العادل للقضية الفلسطينية، وحماية المسجد الأقصى من الاعتداءات المتكررة، و فى ظل التوجُّهات التي تدعي أنه يمكن أن يكون هناك دين واحد يسمي  -بـ«الإبراهيمية»- أو الدين الإبراهيمي وما تطمحُ إليه هذه الدعوات –فيما يبدو– من مزج اليهودية عدد والمسيحية والإسلام في رسالةٍ واحدة أو دِين واحد يجتمعُ عليه الناس، ويُخلصهم من بوائق النزاعات، والصراعات التي تُؤدي إلى إزهاق الأرواح وإراقة الدماء والحروب المسلحة بين الناس، بل بين أبناء الدِّين الواحد، والمؤمنين بعقيدةٍ واحدة.