«شواظ الملثم» قصة قصيرة للكاتب الدكتور محمد محيي الدين أبوبيه

محمد محيي الدين أبوبيه
محمد محيي الدين أبوبيه

تتهادى قدماه غائصتان في بحر الرمال، لا ينظر خلفه فعينه  مثبتة ناحية الهدف لا تنحرف عنه أبدا، ملابسه تكاد تستر جسده النحيل الذي طحنته الظروف فجعلته أقوى عشرات المرات من مفتولي العضلات، يكسوه إيمان الواثق بنفسه وبشجاعته التي تتخطى حدود المكان والزمان

رويدا رويدا يقترب بحذر ناحية مقصده، كعصفور يحط على حبة قمح ملقاة دونما يراه الصياد الغادر، ألقى ما بيديه بعناية فائقة ، ثبتها بوضعية متقنة ورجع أدراجه كالفهد، وما هي إلا ثوان معدودات وقد فار التنور وصعق كل من كان بالهدف وتحولوا إلى شظايا خلفها شواظ

نار ذاك الملثم

قائد الأعداء توعده، أخذ يرعد ويتفوه بألفاظ الانتقام لأفراد معسكره، رصد مكافأة كبيرة لمن يرشد عنه أو يأتي به، فقد كبده خسائر جمة من أفراد وآليات، فلن يهدئ له بال إلا بالنيل منه

كرر ما فعل مرة ومرة، وساد الغضب على وجه القائد فقد أذاقه مرارة الهزيمة وجلب له العار، فكيف لذلك الملثم البائس الهيئة يهزم قائد كبير مثله بآلياته ومعداته المتطورة

 ذات مساء وقد اختفت الأضواء من الشوارع إلا من وميض الصواريخ والانفجارات المستمرة، كان القائد في مهمة استطلاع وسط جمعه وجنوده، يترقب ظهور الملثم بعبوته الشواظية، صرخ أحد الجنود

: إنه هناك في ذاك المبنى ...حيث توجد خيالات تتحرك

حدث القائد نفسه

:نعم ...لابد أنه يخرج من هناك حيث الأنفاق...سوف أدهسه وأذيقه الويل كما أذاقني

ثم أمر جميع الجنود بأن يتحركوا سريعا قبل أن يهرب

اندفع الجميع ناحية المنزل وقاموا باقتحامه فاتحين ذخائرهم نحو الشخوص الواقفة فأردتهم جميعا، تعالت أصواتهم بالنصر والقضاء على من قض مضاجعهم

وخلال تلك المظاهر وبعد أن هدأوا وأخذوا يتفحصون الأجساد

صرخ الجنود في نفس واحد

:إنها مكيدة إنها مكيدة...اهربوا

وقبل أن يتراجعوا انفجر المبنى بهم جميعا

ومن بعيد ظهر الملثم ممسك بعبوته الشواظية يبحث عن فريسة أخرى.