تعرف على أهمية ومميزات البعثات الأثرية الأجنبية العاملة في مصر

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه

رغم وجود آلاف الأثريين المصريين بوزارة السياحة والآثار، وحصول العديد منهم علي دورات عديدة في الحفائر والتنقيب، بل وبالرغم من أن تاريخنا يُثبت أن هناك علماء مصريين كانت لهم اكتشافاتهم الأثرية المذهلة، كـ أبو الآثاريين محمد كمال، رحمه الله، صاحب الفضل الأكبر في اكتشاف خبيئة الدير البحري، والتي ضمت مومياوات ملوك عصر الدولة الحديثة، وسليم حسن صاحب "موسوعة مصر القديمة" الذي اكتشف 200 مقبرة أثرية.

بالرغم من ذلك كله يتم تمكين البعثات الأجنبية للعمل في الحفائر والتنقيب من خلال الامتيازات العديدة التي يتم منحها إياهم، كما أكده الدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص في الآثار اليونانية والرومانية في دراسة أسرار السعادة في مصر القديمة.

وأضاف دكتور دقيل، أن عدد البعثات الأجنبية العاملة في مصر يزيد عن 200 بعثة، جميعها تعمل في الحفر والتنقيب عن الآثار بشكل موسمي، وبعض تلك البعثات تعمل بمصر منذ أكثر من 100 عام، وهذا ما تسبب في خروج أكثر من 350 ألف قطعة أثرية لعدة دول أوروبية؛ فهذه البعثات تتحرك في ربوع مصر طبقاً لما تراه هي، وغالباً ما توافق وزارة الآثار على اقتراحاتها، وكل بعثة من تلك البعثات لا يرافقها سوى مفتش آثار مصري واحد غالباً، ولهذه البعثات - طبقاً لقانون حماية الآثار رقم 117 الصادر سنة 1983م وتعديلاته - حق النشر العلمي للمكتشفات الناتجة عن الحفريات التي تقوم بها. 

والمجلس الأعلى للآثار؛ يعتمد اعتماداً كاملاً على تلك البعثات، ومبرره في ذلك - كما يقول بعض مسؤوليه - ضعف الإمكانيات المادية، بالإضافة لخبرة تلك البعثات في العمل الأثري، فضلًا عن ندرة المدارس المصرية المتخصصة في الحفريات. 

 - أشهر البعثات الأجنبية العاملة في مصر:

ومن أشهر البعثات الأجنبية العاملة في مجال الحفر والتنقيب عن الآثار في مصر: 

البعثات الفرنسية: 

ويفوق عددها 50 بعثة، ويعمل بعضها منذ أكثر من قرن ومن أهمها: بعثة المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية التي تعمل بعدة مناطق. 

البعثات الأمريكية:
 ويزيد عددها عن 40 بعثة، من أهمها البعثة التابعة للمعهد الشرقي بجامعة شيكاغو.

البعثات الألمانية: 
ويزيد عددها عن 30 بعثة، وهي من أنشط البعثات الأجنبية العاملة في مصر.

البعثات الإنجليزية:
 وعددها أكثر من 20 بعثة، ومن أهمها: بعثة جامعة ليفربول، وبعثة جامعة لندن.

البعثات الإيطالية:
 ويبلغ عددها 20 بعثة، من أهمها البعثة العلمية التابعة لجامعة البوليتيكنيك.

البعثات البولندية: 
وعددها 17 بعثة، ويعود تاريخ عمل بعضها إلى عام 1937، وقد بدأت أولى أعمال هذه البعثات في صعيد مصر. 

البعثات اليابانية: 
ولها ما يقرب من 10 بعثات، أقدمها بعثة "الساموراي" التي تعمل بمصر منذ منتصف للقرن التاسع عشر.

البعثات الإسبانية: 
وعددها 7 بعثات، وبعضها يعمل في مصر منذ عقود طويلة.

البعثة التشيكية:
 وتعمل في مصر منذ ما يقرب من 60 عاما، ومن أهم مواقعها منطقة أبو صير وسقارة في الجيزة. 

البعثة الفرنسية الإيطالية: 
وهي بعثة أجنبية مختلطة وتعمل في مصر منذ أكثر من 30 عاما. 

مميزات البعثات الأجنبية:

ولهذه البعثات مميزات لا نستطيع أن ننكرها؛ منها: 

- أنها تعمل على زيادة التعاون بين مصر والدول المختلفة في مجال علم الآثار، مما يشجع على إيجاد دعاية جيدة للآثار المصرية في الخارج.

- لدى تلك البعثات إمكانيات مادية وعلمية تساعد في عملية الحفر والتنقيب بشكل جيد، وهو الشيء الذي ما زلنا نفتقده.

- بعض تلك البعثات لديها حرص شديد على الآثار المصرية، ويتمثل هذا في اهتمامهم الزائد بالأثر أثناء عمليات الحفر والاكتشاف. 

- تقوم بعض البعثات بعمليات الترميم للقطع الأثرية المكتشفة قبل وضعها في المخازن أو بعد تخزينها.

- تقوم بعض البعثات ومن خلال مؤسساتها بتقديم منح علمية في بلدانها للعاملين بوزارة الآثار، وإن كان هذا الأمر مرتبط في معظمه بالعلاقات وليس بالخبرات.

مخاطر وأضرار البعثات الأجنبية :

وبالرغم من مميزات البعثات الأجنبية، إلا أن مخاطرها وأضرارها كبيرة، ومنها ما يمس أمن وسلامة الوطن؛ ومن هذه المخاطر:   

- أن لكل بعثة مناطق خاصة بها، لا يجوز لأحد أيا كان من الاقتراب منها دون علمهم، وهذا أمر خطير يجعل من مناطق الحفائر وكأنها قطعة من بلدان تلك البعثات. 

- كما أن تلك البعثات، تعمل وفق أهوائها، فليس هناك من يُقّيم أعمالها، وفى حالة وجود من يقيّم تلك الأعمال؛ فلا يُقبل رأيه في غالب الأحيان من قبل مسؤولي وزارة الآثار خوفا من إساءة العلاقة مع البعثة.

- حصول تلك البعثات على نسبة من المكتشفات الأثرية التي عثرت عليها، وقد صلت تلك النسبة إلى 50%، قبل أن يلغيها قانون حماية الآثار 117 لسنة 1983م. 

- قيام بعض البعثات بسرقة بعض القطع الأثرية المكتشفة، وتُعد واقعة بعثة متحف اللوفر في ثمانينيات القرن العشرين من أشهر تلك السرقات، حيث تم اقتطاع 5 لوحات من مقبرة بالأقصر من قبل البعثة الفرنسية العاملة بالمقبرة، وبيعها للمتحف.

- كما أن رؤساء البعثات يقومون بكتابة أبحاثهم ومخطوطاتهم بلغتهم الأم، ولا يُكتب شيء عن تلك البعثات وأعمالها باللغة العربية ليستفيد منها المصريون، إلا القليل من هؤلاء الرؤساء ممن يسعى إلى نشر العلم والفائدة. 

- وهذه البعثات تعمل لمصالحها الخاصة، بما يعود على جامعاتها ومعاهدها بالفائدة.

كيفية التعامل البعثات الأجنبية العاملة بمصر:

قد يتحمس البعض، ويطالب بإلغاء البعثات الأجنبية العاملة بمصر بشكل كامل، وهذا الأمر وإن كان قد قام به من قبل الدكتور سيد توفيق - العميد الأسبق لكلية الآثار جامعة القاهرة ورئيس هيئة الآثار المصرية الأسبق - حين أصدر قرارا جريئا عام 1989م بمنع عمل البعثات الأجنبية في مصر، إلا أنه قد تراجع عنه سريعا؛ بعدما فوجئ بحالة هياج صارخة واعتراض من بعض الدول الأوروبية.

 لكن من الممكن أن نقوم ببعض الإجراءات التي من شأنها أن تحافظ على أمننا القومي، وعلى تراثنا وتاريخنا دون القيام بمثل هذا الإجراء الصعب تحقيقه في الوقت الراهن؛ وخاصة في ضوء الإمكانيات المادية والعلمية والفنية الضعيفة التي ما زلنا نعاني منها. ومن الإجراءات التي يمكن القيام بها: 

- وضع قانون صارم للبعثات الأجنبية، يقنن أوضاعها، ويحدد أماكن عملها ومهامها بدقة ووضوح، بحيث تستمر في عملها في الكشف عن الآثار مع مراعاة عدم الإضرار بأمننا القومي وتاريخنا وتراثنا الأدبي والمادي.

- وجوب إلغاء النص الوارد بقانون حماية الآثار 117 لسنة 1983م، وتعديلاته، والذي يشير إلى منح مكافأة للبعثات بنسبة 10% مما حصلت عليه أثناء الحفائر، كما سبق وأن تم إلغاء نسبة الـ 50% التي كانوا يحصلون عليها من قبل.

- وأشار الدكتور دقيل ، الي أن وزارة الآثار تضع شروطا لاختيار البعثات الأجنبية، والتأكد من الدرجات العلمية لهم، فيجب أن تتوافر في البعثات شروطا منها؛ الحصول على شهادة من جامعة أو متحف اّثار أو معهد علمي، وأن يتم التحري الدقيق عليهم من الناحية العلمية والفنية والمهنية والأمنية، ولا بد من وجود مستندات تؤكد علمية هذه البعثات، بالإضافة للسيرة الذاتية الخاصة بالعاملين فيها. 

- كما يجب على أي بعثة تُريد العمل في مصر، أن تدفع الرسوم المناسبة، وإيداع هذه الرسوم بصندوق يتكفل بحماية وصيانة الآثار، على أن يتبع هذا الصندوق وزارة الآثار، وأن يُصرف منه فعليا على صيانة المواقع الأثرية.

- من المهم التوسع في إنشاء مدارس حفائر بمصر، لتخريج متخصصين ومدَربين قادرين على القيام بعمليات الحفر والتنقيب العلمي، وقد ظهرت بالفعل منذ سنوات مدارس للحفائر في مصر وأخرجت متخصصين أكفاء، لكنها سرعان ما اندثرت بسبب ضعف الموارد المالية.

- لا بد من وجود قسم للحفائر الأثرية بالجامعات المصرية، فلا يوجد حتى الآن في أي من كليات الآثار قسم للحفائر. 

- من الممكن العمل على تحويل البعثات الأجنبية إلى بعثات مشتركة؛ بحيث تكون كل البعثات في مصر؛ نصفها من الأجانب ونصفها من المصريين، ويكون نائب البعثة مصريا. 

- التوسع في تكوين بعثات مصرية خالصة، وخاصة أنه يوجد لدينا بضع مئات من الأثريين الحاصلين على تدريب جيدة بمدارس حفائر.  

- كما يجب أن نضع في خططنا أن تعتمد الحفريات وعمليات التنقيب بشكل كامل على المصريين، وفي حال ما أرادت الدول الأجنبية المساعدة، فعليها أن تقدم التمويل المادي والتكنولوجي، والتدريب الفني للآثاريين المصريين سواء في داخل البلاد أو خارجها.