نبض السطور

رضا الشعب وقرارات الحكومة

خالد ميرى
خالد ميرى

٣ أسباب لارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية.. والحلول ممكنة

القطاع الخاص يتوسَّع.. تسريع برنامج الطروحات والدولة تخرج من عِدّة مشروعات

الأولوية للصناعة والزراعة.. علاج التشوهات الضريبية.. والبيروقراطية أخطر من الفساد

المجال العام أكثر انفتاحًا بعد نجاح الانتخابات الرئاسية.. ودور مهم للأحزاب فى البرلمان القادم

الحوار الوطنى مستمر.. حلقة وصل حقيقية بين الحكومة والشارع

يظل رضا الشعب هو الأولوية المُطلقة للرئيس عبدالفتاح السيسى والنظام السياسى.. هذا الشعب يستحق الحياة الكريمة.. وكان المشهد المهيب لخروج الشعب والمشاركة فى انتخابات الرئاسة لحظة مفصلية فى تاريخنا الحديث.. هذا شعب يعشق وطنه.. خرج ليُجدِّد العهد مع رئيسه الوطنى.. خرج ليقول نعم لمصر وللمستقبل.

انتخابات الرئاسة علامة مضيئة فى تاريخنا السياسى الحديث.. ونجاحها الكبير يُؤكِّد الثقة فى مشروعنا للإصلاح السياسى وفتح المجال العام وباب المشاركة للجميع -الخلاف فى الرأى لا يُفسد للوطن قضية- كان هذا هو الشعار وسيظل.

استقبال الرئيس السيسى للمرشحين الثلاثة الذين نافسوه فى الانتخابات، بعد إعلان نتيجتها، مشهد مهم ومُعبِّر.. الدولة تفتح بابها للمنافسة الديمقراطية الجادة.. المجال العام سيظل مفتوحًا بل سيشهد انفتاحًا أوسع.. والإصلاح السياسى سيستكمل مسيرته.. والأحزاب التى حصلت على فرصتها للتحرك بحرية كاملة فى الشارع خلال انتخابات الرئاسة.. ستظل موجودة فى الشارع بدور أوسع وحرية كاملة ليكون لها دور مهم فى انتخابات البرلمان القادم ٢٠٢٥.. الحوار الوطنى انتهى إلى تعديلات مهمة بقانون مباشرة الحقوق السياسية وبشكل الانتخابات القادمة والتى ستمنح فرصة أوسع للأحزاب.

الرئيس السيسى أكد على استمرار الحوار الوطنى.. نجح الحوار فى مرحلته الأولى وخرج بقرارات مهمة بتوافق جميع ألوان الطيف السياسى والاقتصادى والمجتمعى.. ونحن على أبواب انطلاق المرحلة الثانية للحوار..

حوار أكثر ديناميكية وتفاعلاً بآليات أكثر فعالية مع توسيع نطاق عمله.. حوار سيناقش كل ما يطرح عليه من الدولة ومن القوى السياسية..

ليلعب دورًا أكبر فى ضمان أن تكون قرارات الحكومة مُعبِّرة عن الشعب وتحظى برضا القطاعات الأوسع منه.. رضا الشعب هو الهدف ومناقشة القرارات المهمة التى تتعلق بمستقبله وحياته قبل صدورها سيضمن خروجها مُعبِّرة عن رغبته الحقيقية.

رسالة الرئيس عبدالفتاح السيسى فور انتهاء انتخابات الرئاسة كانت واضحة وبعلم الوصول للجميع.. استكمال خطوات فتح المجال العام والإصلاح السياسى.. باب المشاركة مفتوح لكل صاحب برنامج ورؤية.. هذا وطننا جميعًا.. ولا تُوجد خطوط حمراء.

الأيام تكشف أن حجم التربص بمصر مازال كبيرًا.. هذه جماعة إخوان الإرهاب ومن والاهم من مرضى القلوب مازالوا يبحثون عن الفتنة ويسيرون على طريق الكذب والخداع.. كما أن هناك قوى دولية لا هم لها إلا زرع الفتنة ومحاولة عرقلة مسيرة البلد والشعب.. لكن الوعى الشعبى الجمعى الذى ظهر واضحًا فى انتخابات الرئاسة.. الوعى الشعبى الذى يعرف كم الأخطار التى تُحيط بنا من كل جانب..

من غزة حيث الحرب الصهيونية المسعورة إلى الحرب فى السودان وليبيا إلى الأخطار الظاهرة للعيان فى البحرين الأحمر والمتوسط.. هذا الوعى يجب أن يظل يقظًا وسيظل.. أثبت الشعب المصرى فى كل مرة أنه يعرف ويفهم وهدفه الأول والأخير هو وطنه ومستقبله.

الحرب الصهيونية على غزة دخلت شهرها الرابع.. وإسرائيل تُواصل جنونها وقتل الأبرياء من النساء والأطفال يوميًا.. فشلت إسرائيل فى تحقيق أهدافها.. وبدا الخلاف يلوح فى الأفق بينها وبين أمريكا بل وبين قادة إسرائيل أنفسهم..

لكن آلة الحرب لم تتوقف.. من يحكمون إسرائيل مُحاطون بالفشل ويخافون من المحاسبة والمسئولية فيدفعون بالحرب لتستمر بل ويُريدون توسيعها.. هذا هو الخطر الأكبر.. ومصر القوية مازالت تقف شامخة تمتلك وحدها رؤية الحل -عبر الورقة المصرية- أفشلت خطط التهجير ودفن القضية الفلسطينية.. لكن الخطر مازال موجودًا مادامت الحرب مستمرة.. يجب أن نظل متيقظين ولا يمكن أبدًا أن نغلق أعيننا ولو لساعة واحدة.. ولن نسمح أبدًا بالمساس بأمننا القومى.

نعيش جميعًا أزمة اقتصادية وندفع فاتورة ارتفاع الأسعار.. لكن هذه الأزمة يجب أن نعرف أسبابها جيدًا.. وأن يكون لدينا اليقين أنها فى طريقها للحل مهما اشتدت.. وبالعمل المستمر والعض بالنواجز على بلدنا سنتجاوزها.

أسباب الأزمة ثلاثة نعرفها جميعًا دون شك لكننا يجب ألا ننساها.. السبب الأول مستورد ليس لنا فيه يد، لكننا تأثرنا به جميعًا وندفع فاتورته كما تفعل كل شعوب العالم.. أزمة اقتصادية عالمية بدأت تضرب الجميع بدايةً من كارثة كورونا وإغلاق العالم بأكمله عامين كاملين..

وصولاً إلى الحرب الروسية الأوكرانية وانتهاءً بالحرب على غزة.. ٣ عوامل كارثية دفعت بالتضخم وارتفاع الأسعار فى كل دول العالم بشكل غير مسبوق..

الجميع دفع الفاتورة بما فيها مصر.. الكل تأثر ويتأثر.. أسعار البترول والطاقة ترتفع ولا يمكن التنبؤ بمستقبلها.. النقل والشحن فى العالم يُواجه وضعًا كارثيًا..

أسعار القمح والحبوب وصلت لمرحلة الجنون.. العالم كله شهد زيادات غير مسبوقة فى الأسعار بما فيه مصر، لا أحد كان قادرًا على أن يتجاوز هذه الأزمات غير المسبوقة أو يتفاداها.

تأثرت مصر بأزمتى كورونا والحرب الروسية الأوكرانية كباقى دول العالم.. لترتفع أسعار كل السلع والمنتجات.. وجاءت الحرب على غزة لنكون أكثر المتأثرين بها.. فما يحدث فى البحر الأحمر وباب المندب يُؤثر بشكل سلبى واضح على حركة النقل عبر قناة السويس وهى مصدر دخلنا الأول من الدولار..

ويُؤثر سلبًا على حركة السياحة ودخلها.. ويفرض علينا مساعدة الأشقاء فى غزة.. فلا يمكن أن نتركهم ليموتوا من الجوع والعطش مهما كانت الفاتورة.. هو واجب تفرضه الإنسانية والأخوَّة كما تفرضه اعتبارات أمننا القومى.

وإذا كانت مصر بلد الـ١١٠ ملايين مواطن تستورد ٧٥٪ من احتياجاتها، فالمؤكد أن التأثر بكل هذه الأزمات العالمية المستوردة يظل حقيقةً لا يمكن أن ننساها.

أتذكر هنا أن الزيادة السكانية عام ٢٠٢٣ تراجعت بنسبة ٨٪ مقارنةً بعام ٢٠٢٢، وهو أمر إيجابى لا يمكن أن نغفله، وإن كنا مازلنا بحاجة للمزيد من الوعى وتراجع الزيادة السكانية لتقليل فاتورة الاستيراد.. كما نحن بحاجة ماسة لاستمرار العمل بكل قوة والاعتماد على المنتج الوطنى.

السبب الثانى لأزمتنا الاقتصادية الحالية هو الإرث القديم.. دولة بنيتها التحتية كانت قد تهالكت، وأرضها الزراعية تآكلت، مع تراجعٍ فى كل ملفات الصناعة والتعليم والصحة وغيرها..

هذه الدولة ضربتها أحداث يناير ٢٠١١، وصولاً لثورتنا العظيمة فى يونيو ٢٠١٣.. ودفعت الدولة فاتورة باهظة لهذه الأحداث بمئات الملايين من الدولارات..

لتصل إلى عام ٢٠١٤ ومصر شبه دولة، موارد قليلة وبطالة مرتفعة وفاتورة استيراد هائلة وبنية تحتية متهالكة وأزمات لا تنتهى فى كل مجال.. فكان الحل بالعمل والإنتاج والمشروعات القومية الكبرى، وبعد عام ٢٠١٦ والإصلاح الاقتصادى بدأت المسيرة تنجح، واستعادت مصر كامل دورها سياسيًا مع الاستقرار الاقتصادى، لتضربنا بعدها الأزمات العالمية التى بدأت مع كورونا.

أما السبب الثالث للأزمة فلا يمكن أن نُنكره وهو يرتبط بممارسات خاطئة.. هناك وزراء ومسئولون لم يكن أداؤهم مرضيًا.. وتجار مارسوا الاحتكار بأبشع صوره، ومسئولون عن هذه الملفات لم يتمكنوا من سد الثغرات.. ونحن كشعب ثقافته الاستهلاك ساهمنا جميعًا فى خدمة أجندات المحتكرين وتمكينهم من تحقيق مكاسب هائلة على حسابنا.

الأزمة إذن أسبابها معروفة.. وبداية الحل تكون قطعًا بوضع اليد على الأسباب.. والبدء فى علاجها حتى لو كانت خارجة عن إرادتنا.

الحل يبدأ باستمرار العمل وعدم توقفه.. المشروعات القومية وفرت ٥ ملايين فرصة عمل ويجب استكمالها لتستمر فى فتح بيوت ملايين المصريين.. مع منح القطاع الخاص دورًا أكبر للعمل والإنجاز..

الأرقام تؤكد أن القطاع الخاص لم ينكمش لكننا نحتاج لمنحه مساحة أكبر وأوسع.. مع الاستمرار بشكل فعَّال فى برنامج الطروحات الحكومية القادر على توفير سيولة وسد الفجوة الدولارية..

ويرتبط بذلك خروج القوات المسلحة والدولة من عدد من المشروعات وطرحها للقطاع الخاص والمستثمرين.. الدولة والقوات المسلحة يجب أن تستمران فى المشروعات الكبرى التى لا يتحمل القطاع الخاص تكلفتها وبقية المشروعات ستتاح أمام كل المستثمرين.

وتظل الصناعة قاطرة النمو بعلاج مشاكلها وتعديل قوانينها واستكمال انطلاقتها.. مع الحفاظ على النجاح الكبير الذى تحقق فى الزراعة ومنحها دفعة جديدة للأمام.. فنجاح هذه الملفات يدفع فاتورة التصدير للأمام ويقلل كثيرًا من فاتورة الاستيراد.

أما محاربة البيروقراطية فستظل هدفًا ساميًا.. فالبيروقراطية أخطر من الفساد وتهدد جهود التنمية ولابد من القضاء عليها.. مع علاج التشوهات الضريبية لمنح الاستثمار فرصة أكبر للانطلاق والنجاح.

ويرتبط بذلك تغيير عاداتنا الاستهلاكية وهو قد بدأ ويجب أن يستمر.. وأن نلعب جميعًا دورًا فاعلاً فى مواجهة الاحتكار والبيروقراطية.

الدولة تستعد لمشروعات كبرى مع الاتحاد الأوروبى بتمويل يصل إلى ١٠ مليارات دولار.. وقرض صندوق النقد الدولى وصل للمفاوضات الحاسمة لزيادته إلى ٥ مليارات دولار..

وهو ما يفتح الباب واسعًا لعلاج الفجوة الدولارية والاستثمار وتوفير فرص العمل، مصر لا تقبل فى أى مفاوضات ما يمكن أن يضر المواطن..

والحل سد الفجوة الدولارية بتوحيد سعر الدولار ليصبح بسعر البنك وهو أمر ممكن وسيتحقق بإذن الله بالعمل والإنتاج وفتح أبواب الاستثمار.
ولا يمكن أن ننسى أنه وسط هذه الأزمة العالمية التى ضربت الجميع، أن جميع السلع موجودة ومتوافرة..

وعندما حدثت أزمات كالسكر والبصل كان التحرك سريعًا لحلها، الدولة لديها فائض استراتيجى مهم من السلع الأساسية كالقمح، والحكومة تحركت بتحديد ٧ سلع استراتيجية لضمان توافرها وبسعرها الحقيقى للمواطن.

الدولة أيضًا تضع أولوية لمشروعات الحماية الاجتماعية والحياة الكريمة.. وتدعم السلع الرئيسية بمبالغ ضخمة كما كشف الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء.. ويكفى أن نؤكد أن فاتورة دعم رغيف العيش وحده وصلت إلى ٩١ مليار جنيه سنويًا.. وأن الكهرباء رغم زيادة سعرها مازالت تُحقق خسائر ٧٥ مليار جنيه سنويًا.

هناك جهد ضخم ملموس لتوفير السلع جميعها.. وأسعارها المرتفعة سببها الرئيسى الأزمات العالمية دون أن يكون للحكومة علاقة بذلك.. هذه هى الحقيقة بلا رتوش.

يعيش الشعب المصرى أزمة اقتصادية.. والعالم كله يعيش هذه الأزمة.. لكن حلول أزمتنا متاحة وليست مستحيلة.. والمستقبل يحمل بشائر الخير.. المهم ألا تتوقف عجلة العمل عن الدوران.

المؤكد أن الإصلاح السياسى سيسير بخطوات واسعة والمجال العام سيشهد انفتاحًا أكبر.. والأزمة الاقتصادية فى طريقها للحل مهما كانت الصعوبات.
ووسط منطقتنا المشتعلة.. ستظل مصر الأمن والأمان الواحة الخضراء..

هذا بلدنا جميعًا.. وكلنا فى صناعة مستقبله شركاء.