ما حكم بناء الكنائس في مصر؟ الإفتاء تُجيب 

كاتدرائية العاصمة الإدارية
كاتدرائية العاصمة الإدارية


تلقت دار الإفتاء سؤالاً يقول فيه صاحبه: ما حكم بناء الكنائس في مصر؟، وأجابت دار الإفتاء بأن  الإسلام دينُ التعايش، ومبادئه تدعو إلى السلام، وتُقِرُّ التعددية، وتأبى العنف؛ ولذلك أمر بإظهار البر والرحمة والقسط في التعامل مع المخالفين في العقيدة؛ فقال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، ولم يجبر أحدًا على الدخول فيه، بل ترك الناس على أديانهم، وسمح لهم بممارسة طقوسهم.

اقرأ أيضا

إهداء ثواب القرآن للميت.. الإفتاء توضح 

وأكدت دار الإفتاء، أنه  قد أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفد نصارى نجران على الصلاة في مسجده الشريف؛ كما رواه ابن إسحاق في "السيرة" وصححه ابن القيم في "أحكام أهل الذمة"، بل ورد النص القرآني بالمحافظة على دور عبادة أهل الكتاب، وضمن لهم سلامتها، وحرَّم الاعتداء بكافة أشكاله عليها، وجعل جهاد المسلمين في سبيل الله سببًا في حفظها من الهدم وضمانًا لسلامة العابدين فيها؛ فقال تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيرًا﴾ [الحج: 40]، قال مقاتل بن سليمان في "تفسيره": [كل هؤلاء المِلل يذكرون الله كثيرًا في مساجدهم، فدفع الله عز وجل بالمسلمين عنها] اهـ.


وأوضحت الدار، أن إقرار الإسلام لأهل الكتاب على أديانهم وممارسة شعائرهم يقتضي إعادتها إذا انهدمت، والسماح ببنائها، وعلى ذلك جرى عمل المسلمين عبر تاريخهم وحضارتهم منذ العصور الأولى المفضَّلة وهلم جرًّا: فذكر أبو عمر الكندي في كتاب "الولاة والقضاة": "أن موسى بنَ عيسى واليَ مصر في عهد الخليفة هارون الرشيد أَذِن للنصارى فِي بُنْيان الكنائس التي هُدِمَتْ، فبُنيت كلُّها بمشورة الليث بْن سعد وعبد الله بْن لَهِيعة -وهما أعلم أهل مصر في زمنهما-، وقالا: "هُوَ من عِمارة البِلاد"، واحتجَّا بأن عامة الكنائس التي بِمصر لم تُبْنَ إلَّا فِي الْإِسْلَام فِي زمَن الصحابة والتابعين".


وتابعت الدار: وما قاله جماعة من الفقهاء بمنع إحداث الكنائس في بلاد المسلمين: هي أقوال لها سياقاتها التاريخية وظروفها الاجتماعية المتعلقة بها؛ حيث تعرضت الدول الإسلامية للحملات الصليبية التي اتخذت طابعًا دينيًّا يُغَذِّيه جماعة من المنتسبين للكنيسة آنذاك، مما دعا فقهاء المسلمين إلى تبني الأقوال التي تساعد على استقرار الدولة الإسلامية والنظام العام من جهة، ورد العدوان على عقائد المسلمين ومساجدهم من جهة أخرى. ولا يخفى أن تغير الواقع يقتضي تغير الفتوى المبنية عليه. وبناءً على ذلك: فإنه يجوز شرعًا بناءُ الكنائس في مصر، وفقًا للقوانين المصرية المنظمة لذلك.