عريس الخانكة .. قتلوه واكتشفوا أنه تشابه أسماء

محمد ضحية تشابه الأسماء
محمد ضحية تشابه الأسماء

حبيبة‭ ‬جمال

 جريمة القتل مرفوضة فى كل الأديان ولا يؤيدها عقل أو منطق مهما كانت الأسباب؛ فليس من حق إنسان أن يتخذ قرارًا بإنهاء حياة إنسان آخر، فما بالك إذا كان المجني عليه لم يرتكب ذنبًا ولم يكن هو المقصود من الأساس.. هذا ما حدث مع عريس الخانكة الشاب الذي دفع حياته ثمنًا لحماقة ابن عمه الذي عاكس فتاة فى الشارع؛ليجن جنون أهلها ويقررون قتله عقابا له، لكنهم بغباء شديد قتلوا شخصًا آخر ليس له علاقة بالواقعة لمجرد تشابه الأسماء.. تفاصيل مثيرة ومأساوية ترويها السطور التالية.

القصة بدأت في عرب العيايدة التابعة لمركز شرطة الخانكة، بمحافظة القليوبية، حيث يعيش بطل قصتنا محمد أحمد، شاب في العشرينيات من العمر، يتمتع بحسن الخلق وحب الجميع، عندما تنظر لوجهه تجد السماحة والطيبة، محمد كان شابا يعتمد عليه تحمل المسئولية من صغره، يعمل مع والده في المطحن الخاص بهم، لكي يكون نفسه ويتزوج الفتاة التي أحبها، يعد الأيام والليالي التي ستجمعهما سويا، وبالفعل تزوج محمد وأقام حفل زفاف كبير حضره الأهل والأصدقاء والجيران، وانتقل محمد للعيش مع زوجته في شقتهما، ٢٥ يوما كانت المدة التي عاشها محمد في سعادة وفرحة، لم يكن المسكين يدري أن حياته ستنتهي بدون أي مقدمات. 

يوم الجريمة، كان محمد أول يوم يخرج فيه لممارسة حياته بصورة طبيعية بعد إجازة زواج ٢٥ يومًا، استيقظ مبكرا تناول إفطاره مع زوجته، وضع قبلة على جبينها قبل أن يخرج وهي تدعو له «ربنا يحفظك ويكفيك شر أولاد الحرام»، وأثناء سيره في الطريق متجهًا لعمله، فوجئ بأشخاص يطلقون عليه الرصاص، فاستقرت ٣ رصاصات في جسده أسقطته جثة هامدة غارقًا في بركة من الدماء وسط ذهول الجميع وتساؤلات أي ذنب اقترفه الضحية لتكون هذه نهايته. 

بلاغ                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                       مشهد‭ ‬من‭ ‬الجنازة

تلقى مأمور قسم شرطة الخانكة بلاغًا من الأهالي، بمقتل شاب على يد ٣ أشخاص في أحد الشوارع، تم إخطار مديرية أمن القليوبية؛ فانتقلت قوة أمنية لمكان الواقعة، وتبين مصرع محمد أحمد الحجار، وشهرته «موزة»،إثر عيار ناري، نقلت الجثة للمستشفى وبالفحص والتحري تبين أن وراء ارتكاب الواقعة ٣ أشخاص أطلقوا الرصاص عليه بسبب معاكسة فتاة، فلقي مصرعه.. تمكن رجال المباحث من إلقاء القبض على ثلاثة متهمين وتم حبسهم ٤ أيام على ذمة التحقيق.

وقبل أن نعرف السبب الذي مات من أجله محمد، نرجع بالأيام للخلف، عندما عاكس محمود موزة نجل عم محمد فتاة من بنات القرية في الشارع، وتعدى عليها بالصفع على وجهها عدة مرات بعدما ردت على معاكسته، وفر هاربا لتبدأ الشرارة التي أشعلت الغضب لدى أفراد عائلة الفتاة الذين قرروا الانتقام من الفاعل. 

ورغم عقد جلسة صلح بين العائلتين والحكم بدفع أموال لأهل الفتاة، إلا أن أسرتها لم ترض ولم توافق على ذلك، وأعماهم الانتقام وطغى على قلوبهم، فأصبحوا لا يرون سوى الدم والتنكيل. 

بدأ أفراد عائلة الفتاة بالبحث عن شخص يدعى «موزة»،لأنهم لا يعرفون شكل الشخص الذي عاكس ابنتهم، كل ما يعرفوه هو اسمه، ولسوء الحظ وقع اختيارهم على المجني عليه بدلا من ابن عمه نظرًا لتشابه الأسماء. 

المتهمون وضعوا خطة لتأديبه، تربصوا له أثناء ذهابه إلى عمله في مطحن الدقيق الذي تملكه أسرته، حيث أوقفوه وبدأوا بتوجيه السباب والضرب له، ورغم تأكيده لهم بوجود لبس في الموضوع، لكنهم لم يستمعوا له واندلعت مشاجرة بينهم، واتخذوا قرارًا بتنفيذ حكم الإعدام فيه وأطلقوا عليه الرصاص ليسقط غارقًا في دمائه. 

قتل محمد دون أي ذنب اقترفه، مات ودفع ثمن حياته بسبب حماقة نجل عمه، انتهت حياته في غمضة عين تاركًا أسرته في حالة يرثى لها، أم ينفطر قلبها على ابنها الذي كان عريسا منذ أيام، أحلامها بأن تراه يحمل ابنه بين يديه تبخرت على صخرة الواقع الأليم، عندما أخذه الموت منها دون سابق إنذار، عروسته الشابة التي لم تكتمل فرحتها وأصبحت أرملة وهي لم يتعد عمرها العشرين عاما. 

نفس مشهد الزفاف الذي حضره الآلاف، تكرر مرة أخرى ولكن تلك المرة كان مشهد جنازته.. تلك المرة تبدلت فرحة القلوب إلى حزن دفين.. ودموع الفرحة إلى دموع ألم وحسرة على الشاب الذي مازال في مقتبل عمره وراح ضحية الغدر والغباء، الكل حزين على فراق هذا الشخص، وأصبحت مطالب الجميع هي القصاص العادل من المتهمين حتى ترتاح قلوبهم ويرتاح محمد في قبره. 

طفل يتيم

المأساة في تلك القصة أيضا، هو أنه قبل مقتل محمد بيوم واحد فقط، أخبرته زوجته شهد؛ بأنها تحمل بين أحشائها جنينا، أيام معدودة هي عمر جنينه الذي حرم من والده، كاد محمد يطير من الفرحة، ينتظر ولادة هذا الطفل الذي سيأتي بعد تسعة أشهر للدنيا، لكن للأسف مات غدرا قبل تحقيق حلمه.. نار الفراق لا تغادر قلب العروس الشابة التي تعيش الآن سيناريوهات الفقد والحزن، لا تعرف كيف تستقبل ابنها القادم بمفردها، كل ركن في البيت يحمل ذكرياته معها، منذ مقتله وعينيها لا تعرف معنى للنوم، تجلس في غرفته تحتضن ملابسه تشتم فيها رائحته، تشرد للحظات تعتقد أنها في كابوس وستفيق منه على محمد يفتح عليها باب شقتهما ويرتمي بين أحضانها ويحكي لها تفاصيل يومه، لكنها تستيقظ على كابوس مفزع وهو أنه لم يعد في دنياها قتلوه غدرا دون ذنب، وتيتم طفله الذي لم يأت للدنيا بعد.

إقرأ أيضاً : اليوم.. محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بدار السلام


 

;