المواطنة عنوان الجمهورية الجديدة| إشادات دولية بجهود الدولة المصرية فى ضمان حرية العبادة والاعتقاد

 الجمهورية الجديدة التى أرسى دعائمها الرئيس عبدالفتاح السيسى
الجمهورية الجديدة التى أرسى دعائمها الرئيس عبدالفتاح السيسى

محمود بسيونى

«المواطنة».. لم تكن شعارًا رفعته الجمهورية الجديدة التى أرسى دعائمها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه الحكم فى 2013 بل كانت حقيقة لمسها جميع المصريين على اختلاف معتقداتهم وانتماءاتهم، فبعد سنوات عجاف عانى فيها الجميع وبالأخص الأخوة المسيحيين من اضطهاد وتمييز، جاء الرئيس السيسى ليعطى كل مواطن حقه فى وطنه «اقتصاديا واجتماعيا وصحيًا ودينيًا». 

وتعطى المواطنة للجميع، الحقوق متساوية فى شتى أمور الحياة دون تمييز على أساس الدين أو العرق أو اللون وهو النهج الذى اتبعته الجمهورية الجديدة وتم ترسيخه من خلال ممارساتٍ فعلية على أرض الواقع وجهت بها القيادة السياسية وعملت على تنفيذها على مدار 10 سنوات.

الرئيس عبد الفتاح السيسى أكد مرارًا وتكرارًا أن المواطنة والحقوق المتساوية للجميع هى قيم ثابتة تمثل نهج الدولة المصرية تجاه جميع المواطنين، وهو ما ترسخه الدولة من خلال ممارساتٍ فعلية وواقعية فى جميع مناحى الحياة.

دستور 2014 وقبول الآخر

كان التحدى الأول للدولة المصرية، هو العمل على إقرار دستور يتحدث تفصيلاً عن المواطنة بكل أشكالها، خصوصًا وأن دستور 2012 تناول المواطنة بشكل عام من حيث الأسس والمبادئ وتنظيم الأحوال الشخصية والمساواة فى الحقوق والواجبات العامة وحرية العقيدة والشعائر الدينية.

من هنا أدركت الدولة ضرورة إجراء التعديلات اللازمة، وهو ما حدث بالفعل فى دستور 2014 والذى أسس لمفهوم المواطنة فى الجمهورية الجديدة والقائمة على تفصيل المساواة بين المواطنين، وتعريفها وتحديدها حيث نصت المادة الثالثة منه على «أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية».

أما المادة الرابعة، فقد تناولت بشيء من التفصيل أن السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التى تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، أما المادة السادسة فقد نصت على «أن الجنسية حق لمن يُولد لأب مصرى أو لأم مصرية، والاعتراف القانونى به ومنحه أوراقاً رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه»، بينما تنص المادة 9 على أن الدولة تلتزم بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز.

وكان الجزء الأهم فى المادة 53 والمادة 64 والتى نصت الأولى منها على «أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو لأى سبب آخر»، بينما نصت الأخيرة على «أن حرية الاعتقاد مطلقة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون».

بناء الكنائس وتوفيق أوضاعها

وكان من أولى ثمار تطبيق مبدأ المواطنة فى الجمهورية الجديدة هو إصدار رئيس الوزراء الدكتور شريف إسماعيل فى عام 2017 قرارا بتشكيل لجنة توفيق أوضاع الكنائس وملحقاتها، والمنصوص عليها فى المادة 8 من قانون تنظيم بناء الكنائس بعضوية 6 وزراء وممثلين عن الطائفة المعنية وعن جهات سيادية.
واختصت اللجنة بتقديم طلبات توفيق أوضاع مبانى الكنائس أو ملحقاتها أو مبانى الخدمات أو بيوت الخلوة التابعة لها، كما تجتمع اللجنة مرة كل شهر أو كلما دعت الضرورة لذلك، وتكون مداولات اللجنة سرية وتصدر اللجنة توصياتها بأغلبية أصوات الحاضرين.

ومنذ بدء عمل اللجنة فى مايو 2018، صدر عنها نحو 25 قرارًا، حيث تم تقنين أوضاع 2900 كنيسة ومبنى تابع، بما يشمل 1505 كنائس، و1395 مبنى تابعًا، كما تم إنشاء نحو 69 كنيسة بالمدن الجديدة فى حين جار إنشاء 43 كنيسة بالمدن الجديدة أيضا، وفقا للتقرير الصادر عن المركز الإعلامى لمجلس الوزراء.

مشروعات تؤكد اهتمام الدولة بالمواطنة

وعملت الدولة المصرية أيضًا على إقامة وتطوير وتحديث عدد من الكنائس والأديرة والاهتمام بالآثار المسيحية واليهودية، وكان على رأس تلك المشروعات: مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة، حيث تم تطوير الكنائس والأديرة وآبار المياه ومجموعة الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، والواقعة على مسافة 3500 كم ذهابًا وعودة من سيناء حتى أسيوط، بإجمالى 25 نقطة فى 11 محافظة.

كما روجت الدولة المصرية لتلك المشروعات نظرًا لما لها من أهمية عالمية، حيث تم إنتاج فيديو توثيقى باللغتين العربية والإنجليزية وكتالوج صور لرصد الاحتفالات المقامة على محطات رحلة العائلة المقدسة فى المحافظات، كما تم توفير 448 مليون جنيه من المحافظات لإقامة بعض المشروعات ومنها: البنية التحتية والطرق والكبارى وأعمال التطوير فى ثمانى محافظات يمر بها المسار، وكذلك خصصت وزارة السياحة والآثار 60 مليون جنيه لصالح المشروع، ولم تكتف الدولة بذلك بل عملت على إدراج مسار العائلة المقدسة على قائمة التراث غير المادى باليونسكو.

وصدر قرار وزارى يتضمن إعداد الدراسات الخاصة بالمواقع الأثرية الموجودة على مسار رحلة العائلة المقدسة، وتسليمه للجنة الوطنية بباريس فضلاً عن تسجيل احتفالات رحلة «العائلة المقدسة» على قائمة التراث الثقافى غير المادى باليونسكو وذلك فى عام 2022.

كما حرصت الدولة على إدراج مسار العائلة المقدسة على قائمة الحج بالتعاون مع مؤسسة الفاتيكان، بعد زيارة بابا الفاتيكان مصر عام 2017 والتى ترتب عليها إدراج أيقونة العائلة المقدسة فى كتالوج الحج المسيحى فى الفاتيكان، واستقبال 5 رؤساء كنائس من بعض الدول مثل: إنجلترا وفرنسا وذلك عام 2018/2019، بجانب استقبال وفودٍ إيطالية وألمانية وسويسرية من منظمى الرحلات عام 2019.

زيارات رئاسية للكنائس وتهنئات بالأعياد

فى العام 2015 فاجأ الرئيس عبدالفتاح السيسي، جموع المسيحيين فى مقر الكاتدرائية بالعباسية وخارجها، بزيارة تاريخية هى الأولى من نوعها لرئيس مصري؛ للتهنئة بعيد الميلاد المجيد، حيث حرص الرئيس السيسى على حضور القداس، كما ألقى كلمة هنأهم فيها بالعيد وتحدث عن أهمية الوحدة الوطنية، وقال: «كان ضرورى إن أنا أجيلكم عشان أقولكم كل سنة وأنتو طيبين.. وأرجو إن انا مكونش قطعت عليكم الصلوات بتاعتكم».

ومنذ ذلك الوقت، لم تتوقف زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الكاتدرائية للتهنئة بأعياد الميلاد، حيث وصلت إلى نحو 10 زيارات مع بداية كل عام يحرص فيها الرئيس السيسى على تهنئة الأخوة المسيحيين بالعيد.

ولم يقف الأمر على التهنئة بالعيد فقط، بل زار الرئيس أيضًا الكاتدرائية فى شهر أبريل عام 2017، لتقديم واجب العزاء فى شهداء الحادثين الإرهابيين بكنيستى «مارمرقس» بالإسكندرية و«مارجرجس» بأبو النجا فى طنطا، وفى مطلع يناير 2019 زار الرئيس كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة لافتتاحها.

تولى المسيحيين مناصب قيادية

وتأكيدا على أن المواطنة ليست شعارًا فقط، عملت الدولة على تعيين عددٍ من الأخوة المسيحيين فى المناصب المهمة نظرًا لما يمتلكونه من خبرات وقدرات واسعة، كان على رأسهم المستشار بولس فهمى إسكندر والذى أدى اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية كأول مسيحى يتم تعيينه رئيسًا للمحكمة الدستورية العليا فى مصر وذلك فى فبراير 2022.

واستكمالًا لهذا النهج فقد تم تعيين مسيحيين فى منصب المحافظ لأول مرة فى تاريخ حركة المحافظين، وذلك فى عام 2018، حيث تولت منال عوض ميخائيل منصب المحافظ بمحافظة دمياط كأول سيدةٍ مسيحية، والمهندس كمال جاد شاروبيم، محافظ الدقهلية السابق.

المسيحيون فى مجلس النواب

واستمرارًا لحالة الإصلاح السياسى فى الجمهورية الجديدة، فقد تم زيادة تمثيل المسيحيين بمجلس النواب ليصبح عددهم 37 نائباً مسيحياً فى مجلس 2023، بعد أن كان 5 نواب مسيحيين فى مجلس 2012، بالإضافة إلى 24 نائباً مسيحياً فى مجلس الشيوخ عام 2023، مقارنةً بـ 15 نائباً مسيحياً فى مجلس 2012.

وتعد النائبة أمانى عزيز أول مسيحية تحصل على منصب وكيل اللجنة الدينية فى تاريخ البرلمان المصرى عام 2015، فضلاً عن تولى فيبى جرجس منصب وكيل ثانٍ لمجلس الشيوخ عام 2020 كأول سيدة مسيحية.

هيئتا أوقاف الكنيسة الكاثوليكية والطائفة الإنجيلية

فى سبتمبر 2020 أصدرت الدولة المصرية القانون رقم 190 لسنة 2020 الخاص بإنشاء هيئتى أوقاف الكنيسة الكاثوليكية والطائفة الإنجيلية، ونصت اللائحة الداخلية على أن هيئة أوقاف الكنيسة الكاثوليكية هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية تقوم بإدارة واستثمار أموال الأوقاف المنصوص عليها فى القانون، ويمثلها قانونًا بطريرك الأقباط الكاثوليك أمام كافة الجهات الحكومية وغيرها ويكون مقرها الدائم مبنى بطريركية الأقباط الكاثوليك بالقاهرة ويجوز انعقادها فى أى مكان آخر يحدده مجلس إدارة الهيئة، كما تم لأول مرة، إعداد قانون الأحوال الشخصية الموحد للمسيحيين «الأرثوذكس، الإنجيليين، الكاثوليك» والمُقترح من الثلاث كنائس، وجارٍ إعداده فى وزارة العدل.

إشادات بالدولة المصرية

وكشف تقرير صادر عن المركز الإعلامى لمجلس الوزراء، كيف ينظر العالم إلى ملف المواطنة فى مصر، حيثٍ ذكرت المونيتور عام 2022 أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أصدر قرارا بتعيين قاضٍ مسيحى رئيساً للمحكمة الدستورية العليا لأول مرة فى خطوة وُصفت بالتاريخية.

بينما أشارت مؤسسة Open Doors International عام 2023، إلى اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى بالحديث بشكل منتظم وإيجابى عن المسيحيين فى مصر ومواصلة جهوده لخلق هوية مصرية واحدة تشمل المسلمين والمسيحيين، علماً بأن هذه المؤسسة الدولية التى نشأت عام 1955 معنية بالدفاع عن حقوق المسيحيين فى جميع أنحاء العالم الذين يواجهون الاضطهاد والتمييز.

وأشارت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية عام 2023، إلى مواصلة الحريات الدينية فى مصر التحسن، فضلاً عن استمرار الحكومة المصرية فى تقديم مبادرات لتعزيز التسامح الديني، مشيدة بتحقيق وزارة التربية والتعليم تقدماً فى مراجعة الكتب المدرسية لبعض الصفوف الدراسية لإزالة نصوص معينة تضر بحقوق الأقليات الدينية.

وأكدت خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكى عام 2023، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه منصبه وهو يدعو إلى مزيدٍ من التعايش والوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، وتناولت أسوشيتدبرس عام 2022 الحديث عن حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ توليه منصبه على حضور قداس عيدالميلاد الأرثوذكسي، مشيرة إلى اتخاذه خطواتٍ لتمكين المسيحيين، بما فى ذلك تعيين أول سيدة مسيحية كمحافظ، فضلاً عن السماح ببناء الكنائس بعد عقودٍ من التوقف، كما أكدت رويترز فى عام 2019، أن افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسى أكبر مسجد وكنيسة فى مصر فى العاصمة الإدارية الجديدة يُعد رسالة رمزية للتسامح فى مصر.

رؤساء ومسئولون علقوا على إصلاحات ملف المواطنة

وفى هذا السياق عبر الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عام 2019، عن تقديره لجهود الدولة المصرية من أجل الاعتراف بكافة الأديان، وضمان حرية العبادة والاعتقاد، معربًا عن تطلعه لزيارة العاصمة الإدارية خاصة فى ظل افتتاح المسجد والكاتدرائية.

أما ميجل أنخيل موراتينوس الممثل السامى لتحالف الأمم المتحدة للحضارات عام 2023، فقد قال: إنه يجب الفخر بما حققته مصر من إنجازات فى مجال الحريات الدينية فى السنوات العشر الماضية، فيما أوضحت كاتالين نوفاك، رئيسة المجر عام 2023، أن المسلمين والمسيحيين يعيشون فى مصر جنباً إلى جنب فى سلام، مؤكدة تقديرها لجهود بابا الأقباط تواضروس الثانى الذى يدعو إلى تعزيز الحوار والتعايش بين المسيحيين والمسلمين.

وثمن كيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء اليونان عام 2020، قيام مصر بدور مهم كمنارة للإسلام المعتدل، فضلاً عن دورها المحورى فى تعزيز التعايش السلمى والتواصل بين مختلف الأفراد والأديان والثقافات التى عاشت فى مصر لعدة قرون، وأوضح ميرفين توماس مؤسس ورئيس CSW عام 2023، أنه على الرغم من أن مصر دولة ذات أغلبية مسلمة، فقد اتخذت العديد من الخطوات الإيجابية نحو تعزيز الحق فى حرية الدين أو المعتقد للمسيحيين منذ انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي.

مصر وطن للجميع

المواطنة باعتبارها رافدًا من روافد الجمهورية الجديدة، تقوم على أسس متينة أبرزها: ما نص عليه دستور 2014، بالإضافة إلى فهم ووعى المجتمع والذى أصبح متجذرًا، فالمصريون الآن يعرفون جيدًا أهمية الوحدة الوطنية والعيش المشترك.

ولا تزال الدولة المصرية تؤكد يومًا بعد يوم أن الوطن يتسع للجميع وأنه لا فرق بين مسلمى ومسيحي، فعندمًا تبنى مشروعا فهو لجميع المصريين، وعندما توفر العلاج والمسكن لا تفرق بين هذا وذاك، الجميع يأخذ حقه باعتباره مواطنًا مصريًا فقط.

المصريون يتعايشون معًا منذ مئات السنين، ولم يفرقهم الدين أو اللون، بل يجتمعون على قلب رجل واحد، وعندما يشعرون بأن هناك من يهدد وطنهم يرفعون شعار «فداكى يا مصر».

فى هذا السياق، أشاد الدكتور القس أندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية، بجهود الدولة خلال الأعوام الماضية لتدعيم مفهوم المواطنة، وحفظ التماسك الاجتماعي.

كما شدد، فى تصريحات صحفية، على أن المواطنة فى الجمهورية الجديدة تنتقل من كونها شعاراً إلى ممارسة عملية وحقيقية على أرض الواقع، سواء فيما يتعلق بالرأى العام أو على صعيد القرارات التى تصدرها الدولة، مبيناً أن من أبرز تلك الخطوات: تقنين الكنائس منذ عام 2016.

والمواطنة هى كنز المصريين الحقيقى، ورصيد بلدنا والاحتياطى الاستراتيجي، فالحالة الجميلة التى زرعها الرئيس عبد الفتاح السيسى من زيارته للكاتدرائية للتهنئة بعيد الميلاد وتبرعه من ماله الخاص لبناء كاتدرائية العاصمة الإدارية ثم قرار الثأر من المعتدين على المسيحيين المصريين فى ليبيا وبناء الكنائس فى المدن والتجمعات العمرانية الجديدة مثل الجوامع، جميعها تصرفات وقرارات أعادت الحيوية مرة أخرى لروح المحبة والتعايش المتجذرة فى الشخصية المصرية.