جزيرة الرذيلة.. رؤساء ونجوم وعلماء في شباك جيفري إبستين

جيلاين ماكسويل وجيفري إبستين
جيلاين ماكسويل وجيفري إبستين

تسببت قضية الملياردير الأمريكي الراحل جيفري إبستين في جدل واسع خلال الـ24 ساعة الماضية منذ نشر قائمة ضمت أسماء العديد من الروؤساء والمشاهير والشخصيات البارزة الذين ارتبطوا بعلاقات وصداقات مع إبستين الذي توفي في السجن عام 2019 بينما كان يواجه تهماً جنائية خطيرة متعلقة بالاتجار بالبشر واستغلال الأطفال جنسياً.

وتعود القضية في جذورها إلى عام 2005 عندما فتحت السلطات الأمريكية تحقيقات معمقة حول اتهامات وجهت لإبستين بتجنيد عشرات الفتيات القاصرات والشابات من أجل استغلالهن واستعبادهن جنسياً من خلال شبكة دعارة منظمة كان يديرها في جزيرة كان يمتلكها بجزر فيرجين الأمريكية.

ومع تصاعد وتيرة التحقيقات معه وكشف المزيد من الأدلة التي تدينه، فضَّل إبستين أن ينهي حياته في السجن قبل أن تتم إدانته، فيما توالت بعد ذلك اتهامات أخرى بحق شركائه وزملائه مثل جيسلين ماكسويل التي أُدينت بالفعل وحكم عليها بالسجن 20 عاماً في عام 2021.

وكجزء من التحقيقات المستمرة في قضية إبستين وشبكته، تم نشر القائمة المذكورة التي تتضمن مجموعة متنوعة من الأسماء لشخصيات بارزة على مستوى عالٍ تربطها أو تربطها صلات بإبستين، بدايةً من رؤساء أمريكيين سابقين، وصولاً إلى أمراء ومشاهير ورجال أعمال، وغيرهم.

 

قائمة مثيرة للجدل

الإفراج عن القائمة جاء بناءً على حكم من القاضية لوريتا بريسكا في شهر ديسمبر العام الماضي، والتي اعتبرت أنه ليس  هناك مبررات قانونية تسمح بعدم بنشر أسماء هؤلاء الأفراد والشخصيات المرتبطين بطريقة أو بأخرى بقضية إبستين، خصوصاً في ظل اقتراب التحقيقات من نهايتها.

وتأتي القائمة في سياق الدعوى القضائية التي رفعتها إحدى ضحايا إبستين واسمها فرجينيا جيوفري ضد صديقة إبستين جيسلين ماكسويل متهمة إياها بالتواطؤ معه والمساعدة في تجنيد الفتيات الصغيرات من أجل استغلالهن جنسيا.

وبحسب ما ورد في الوثائق، يذكر أن القائمة ضمَّت أسماء شخصيات بارزة بما فيهم كلاً من الرئيسين الأمريكيين السابقين دونالد ترامب وبيل كلينتون، إلى جانب الأمير أندرو وعدد آخر من نجوم السينما والموسيقى.

تشمل قائمة المشاهير الذين تم ذكر أسماؤهم في وثائق إبستين كل من كيت بلانشيت، ناعومي كامبل، ديفيد كوبرفيلد، كاميرون دياز، ليوناردو ديكابريو، ستيفن هوكينغ، مايكل جاكسون، كيفين سبيسي، وبروس ويليس، وكذلك كل من الملياردير جلين دوبين وطاهيه الخاص السابق رينالدو ريزو، والرئيس التنفيذي السابق لفيكتوريا سيكريت ليكس ويكسنر، وتوني فيجيروا.

 

تفاصيل التواصل بين ترامب وإبستين

تبين الوثائق أن دونالد ترامب قد تواصل مع جيفري إبستين ورافقه في رحلات على طائرته الخاصة. يعكس ذلك على الأقل درجة من التواصل والعلاقة بينهما. ورغم نفي ترامب أي علاقة قوية، فإن وجود تواصل مكثف يثير تساؤلات حول طبيعة هذه العلاقة.

من اليساردونالد ترامب وصديقته آنذاك ميلانيا كناوس وجيفري إبستاين وجيسلين ماكسويل عام 2000

في إفادتها، ذكرت جوانا سيوبيرج، إحدى ضحايا إبستين، أن الوقت الذي كانت فيه مع الأخير على متن إحدى طائراته، وأبلغهم الطيارون أنهم بحاجة إلى الهبوط في أتلانتيك سيتي، ثم اقترح إبستين عليهم الاتصال بترامب.

قالت سيوبيرج: "قال جيفري: عظيم، سنتصل بترامب وسنذهب إلى – لا أتذكر اسم الكازينو- ولكن سنذهب إلى الكازينو.

واضافت "سيوبيرج"، في وقت لاحق، في شهادتها، إنها لم تقم أي علاقة مع ترامب مطلقًا، ولم يتم اتهام ترامب بارتكاب مخالفات تتعلق بإبستين في الوثائق.

ورد على ما ورد في الوثائق أصدر المتحدث باسم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بياناً مؤكداً أن أي ادعاءات بخصوص علاقة موكله مع إبستين قد تم دحضها تماماً. وعلى الرغم من صداقة سابقة بين الرجلين، إلا أن ترامب انقطع عن الاتصال بإبستين منذ أكثر من 15 عاماً.

من جانبه، عُرف عن ترامب أنه كان صديقاً لإبستين في التسعينات وسبق أن وصفه في مقابلة عام 2002 بأنه "شخص رائع"، كما سبق له أن سافر على متن طائرة إبستين الخاصة.

 

كلينوت وإبستين

تضمنت الوثائق المفقرج عنها ادعاءات تتعلق بالرئيس الأسبق بيل كلينتون، إذ نقلت عن إحدى ضحايا إبستين قولها إن الأخير أخبرها شخصياً بأن كلينتون "يفضل الفتيات الصغيرات"، فيما أظهرت سجلات الطيران أن كلينتون سافر على متن طائرة إبستين الخاصة في عدة مناسبات.

جيفري إبستين وجيسلين ماكسويل في البيت الأبيض عام 1993 والرئيس الأمريكي أنذاك بيل كلينتون 

وفي المقابل، أسرع مكتب كلينتون بتكذيب تلك الادعاءات مشيراً إلى عدم وجود أي دليل على علم كلينتون المسبق بجرائم إبستين أو ما كان يقوم به من أفعال إجرامية. كما أكد المكتب عدم وجود أي اتصال أو تواصل بين الرجلين منذ أكثر من عقد من الزمن.

 

تفاصيل زيارة الأمير أندرو للجزيرة

تضمنت الوثائق التي تم رفع السرية عنها المتعلقة بقضية إبستين تفاصيل حول زيارة الأمير أندرو دوق يورك للجزيرة الخاصة التي يمتلكها إبستين في جزر فيرجن الأمريكية.

إبستين والأمير أندرو 2010 في سنترال بارك

وكانت فرجينيا جيوفري، إحدى ضحايا إبستين، قد رفعت دعوى قضائية ضد الأمير أندرو في محكمة فيدرالية بنيويورك عام 2021 متهمة إياه بالاعتداء الجنسي عليها عندما كانت في الـ17 من عمرها بمساعدة كل من الأخير وصديقته جيسلين ماكسويل.

وفي عام 2022، تم تسوية القضية خارج المحكمة مقابل مبلغ مالي مجهول، على الرغم من أنه يُعتقد أنه بالملايين. وقد أنكر الأمير أندرو جميع الاتهامات الموجهة له ونفى مسؤوليته الشخصية.

الأمير أندرو في صورة مع فيرجينيا جيوفري "في الوسط" وجيسلين ماكسويل

أما الوثائق المفرج عنها مؤخراً والمتعلقة بقضية تشهير رفعتها جيوفري ضد ماكسويل في وقت سابق، فقد كشفت المزيد عن الأدلة المحيطة بقضية الأمير أندرو.

ومن بين ذلك، ذُكر في إفادة ماكسويل أن الأمير أندرو كان قد زار الجزيرة الخاصة لإبستين، إلا أنها نفت وجود أي فتيات قاصرات هناك وقتها.

كما تضمنت وثائق أخرى اتهامات مباشرة للأمير بإجبار إحدى الضحايا على ممارسة الجنس في عدة أماكن بينما كانت لا تزال قاصراً.

 

مايكل جاكسون ضيف دائم

وأشار الوثائق الى اعترافات جوهانا سجوبرج، إحدى المتضررات أنها قابلت نجم البوب مايكل جاكسون في منزل جيفري إبستين في بالم بيتش، بولاية فلوريدا.

فيما ألقى المحامي براد إدواردز، الذي نشر كتابًا في عام 2020 يحمل عنوان "المطاردة: صراعي من أجل ضحايا جيفري إبستين"، الضوء على زيارة جاكسون إلى منزل إبستين. وقد كتب إدواردز حول جذب جيفري وجيلين لنجوم الفن وكيف كانت هذه العلاقات تُعد ميزة جذابة لشابة مثل جوهانا.

وفقًا لما كتبه إدواردز، كان الفنان الراحل مايكل جاكسون ضيفًا لإبستين في بالم بيتش أثناء عمل جوهانا هناك. هذا يلقي الضوء على شبكة العلاقات الغامضة التي كان إبستين يحاول بناءها مع نجوم الفن وكيف كانت هذه العلاقات تستخدم في بعض الحالات كـ "ميزة" للتحكم في الأفراد.

ديفيد كوبرفيلد وناعومي كامبل

تظهر الوثائق أن الساحر ديفيد كوبرفيلد كان يزور منزل إبستين بانتظام، وقد تم استدعاؤه في عام 2009 في إطار التحقيقات المتعلقة بجرائم إبستين، لكنه لم يدل بإفادة. في المقابل، أكدت ناعومي كامبل في مقابلة عبر الإنترنت في عام 2019، أنها قابلت إبستين في عيد ميلادها، ولكنها أنكرت معرفتها بجرائمه.

العالم البريطاني ستيفن هوكينج

من بين الأسماء المذكورة في هذه الوثائق الحساسة يبرز اسم الفيزيائي البريطاني ستيفن هوكينج، الذي يُعد واحدًا من أهم وألمع العلماء في التاريخ. يثير تورط هوكينج تساؤلات حول طبيعة هذه العلاقة ومدى تأثيرها على سمعته العلمية.

ستيفن هوكينج في حفل بجزيرة إبستين في البحر الكاريبي عام 2006 أثناء حضوره مؤتمر نظمه الأخير

تشير الوثائق إلى ادعاءات وجهتها فيرجينيا جيوفري في عام 2015 بأن البروفيسور هوكينج شارك في "حفلة جنسية للقاصرات" بدعوة من إبستين. ويبدو أن إبستين عرض المال للمساعدة في إثبات زيف هذه الادعاءات. إذ كتب في في رسالة بريد إلكتروني أخبر إبستين، صديقته ماكسويل أنه يمكنه تقديم المال لأصدقاء جيوفري "للمساعدة في إثبات" أن الادعاء ضد العالم كان كاذبًا.

نسخة من البريد الإلكتروني الذي أرسله إبستين إلى جيسلين يحثها على الرد على الاتهامات الموجهة ضد هوكينج

في حين ظلت مصداقية هذا الادعاء غير مؤكدة، من المعروف أن هوكينج حضر مؤتمرًا علميًا في عام 2006 ممول من إبستين في جزر العذراء الأمريكية وشارك في العديد من التجمعات الاجتماعية في جزيرة إبستين الخاصة أثناء زيارته. تؤكد الأدلة الفوتوجرافية زيارة هوكينج للجزيرة للمشاركة في أنشطة بما في ذلك رحلة بحرية وجولة تحت الماء بغواصة، في حين وقعت الزيارات قبل أشهر من توجيه أول اتهامات لإبستين في وقت لاحق من ذلك العام.