بقلم واعظة

استقامة اللسان

د. نجلاء شمس مجمع البحوث الإسلامية
د. نجلاء شمس مجمع البحوث الإسلامية

إياك أن تكون عاكفًا فى  زاوية  ذنبك، فكمال الإيمان لا يتأتى إلا بقلب سليم، ولسان سليم، واستقامة القلب تكون بالنية السليمة واستقامة اللسان لا تكون إلا بالذكر؛ فإذا استقام القلب، واللسان؛ حينها تستوعب ما بين دفتى صحيح السنة من أحكام؛ ولم لا ؟ وقد افتتح  الإمام البخارى صحيحه بقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات». وأيضًا كان آخر حديث ذكره فى صحيحه هو قوله صلى الله عليه وسلم: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمان، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان فى الميزان، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم».

إذن حِصنى السنة أى حَديّها، نية سليمة ولسان ذاكر، والذاكر لله الذى فاضت عيناه بالبكاء تعظيمًا لله وخوفًا منه، هو من السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة فى ظله يوم لا ظل إلا ظله. عن أبى هريرة قالَ: «قالَ رسُولُ اللَّه صلى اللهو عليه وسلم: سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فى ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إِمامٌ عادِلٌ، وشابٌّ نَشَأَ فِى عِبَادَةِ اللَّه تَعالى، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فى المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فى اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ، وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّى أَخافُ اللَّه، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأَخْفَاها، حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينهُ ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّه خالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» متفقٌ عَلَيْهِ.

والخوف عليك أن تتفلت من كمال الإيمان وحينها تكون فى غفلة، فالغفلة عقوبة يعقبها حسرة وندم. مصداقًا لقوله تعالى:  «يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي..(٢٩)» الفرقان. لقد أضلنى عن (الذكر) أى: الإيمان بالقرآن واعلم أن الله أغنى الأغنياء عن طاعتك، وعن ذكرك له، فذكرك لله هدية من رب العالمين لقلبك، ألم يقل عز وجل فى كتابه الكريم «أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (الرعد 28)، هذا على القول بأن ذكر العبد لربه يكون  بالتسبيح والتهليل والتكبير وغير ذلك. 

وختامًا كن على يقين أن القلب منبع الإيمان، فلن يستقيم حالك مع الله إلا إذا استقام قلبك ولن يستقيم قلبك؛ إلا إذا استقام لسانك، واستقامته بتركك للغو والإقبال على ذكر الله بهمة وحضور وإخلاص، فالذكر يُضيء النور فى القلب ويؤنسها.