أفكار متقاطعة

«ميركافا» أتلفها الهوى

سليمان قناوى
سليمان قناوى

خيبة الامل راكبة «ميركافا»، لم تعد راكبة جمل، بعد أن ذابت كالبسكويت هذه المدرعة الاسرائيلية أمام قاذفات الياسين 105 فخر صناعة ورش الحدادة بالمقاومة الفلسطينية. ولم يكن الامر مجرد صدفة، بل اثبتت ايام الحرب طوال 3 أشهر ان المقاومين أصبحوا يفطرون على دبابتين ويتغدون بثلاثة ويلتهمون اربعة مع العشاء.

يعد ذلك أخطر التداعيات الاستراتيجية المنظورة للعدوان الصهيونى على غزة فى المديين القريب والبعيد، فهو «الوكسة» الكبرى والهزيمة المدوية للسلاح الاسرائيلى. فمن هى الدولة الطائشة التى يمكن أن تدفع 7 ملايين دولار لاستيراد دبابة يمكن ان يحولها الى خردة قاذف صاروخى بـ 500 دولار (الياسين 105)، او قذيفة شواظ بـ 100 دولار، أوعبوة العمل الفدائى (حاحة ببلاش كده).

لم يقتصر الامر على خيبة المدرعات الصهيونية فقط، بل تعدتها الى فشل انظمة المراقبة والانذار، وبدأت تداعيات هذا مبكرا، فبحسب موقع أنتليجنس أونلاين أسرعت كوريا الجنوبية بمراجعة مدى فاعلية نظام المراقبة والحماية الذى اشترته من شركة إلبيت سيستمز الإسرائيلية لرصد المنطقة العازلة مع كوريا الشمالية، وذلك بعد فشله فى حماية الجدار العازل مع غزة، فى ظل احتمالات شن كوريا الشمالية هجوماً شبيهاً على كوريا الجنوبية يعطل فعالية النظام (لن تشترى سيول الترماى).

هزيمة السلاح الاسرائيلى تعنى استراتيجيا على المدى البعيد خسارة صادرات سلاح وصلت عام 2022 إلى 12٫5 مليار دولار، حسب تقرير أخير لوزارة الحرب الصهيونية. وتوجد بإسرائيل حوالى 600 شركة تعمل فى إنتاج الأسلحة، ويعمل بها اكثر من 45 ألف شخص، وتصدر 70٪ من إنتاجها للخارج، وهو رقم ضخم اذا قورن بنظيرتها الأمريكية التى تصدر نحو 24٪ من إنتاجها، والروسية التى تصدر 55٪ (كتاب «صناعة الدفاع الإسرائيلية والمساعدات الأمنية الأمريكية» لمعهد الدراسات القومى الإسرائيلى عام 2020). كما ان فشل ميركافا وحدها أصبح يهدّد بتسريح 10 آلاف إسرائيلي، وإغلاق 200 مصنع، بعد وقف تصديرها للجيوش الأجنبية حفظا لماء وجه اسرائيل، فى حين اصبح فى حكم المؤكد ان هذه الجيوش ستلغى حجوزاتها لـ«ميركافا» أتلفها الهوى.

كما كشف تقرير لمعهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام «سيبيري» ديسمبر الماضى أن إسرائيل احتلت المركز العاشر ضمن قائمة أكبر مصدرى الأسلحة خلال الفترة الممتدة من عام 2018 إلى 2022، بنسبة 2٫3٪ من إجمالى مبيعات الأسلحة عالميا. وهو ما يوضح وجود إسرائيل ضمن مركز متقدم فى شبكة تجارة الأسلحة العالمية بعد الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.