فى الصميم

نتنياهو.. الهارب من الحقيقة!

جلال عارف
جلال عارف

لا يريد نتنياهو أن يواجه الحقيقة، ولا أن يقر بأن أزمته منذ ٧ أكتوبر أكبر بكثير من كل قدراته على المناورة والخداع السياسى والتى أبقته رئيسًا للحكومة لفترة أكبر من أى سياسى إسرائيلى آخر.


بعد السقوط الكبير فى ٧ أكتوبر، جمّد نتنياهو عمل حكومته تقريبا، وأعطى مسئولية قيادة الحرب لمجلس جديد دخل فى عضويته زعيم المعارضة «جانتس» ورئيس الأركان السابق المعارض لنتنياهو «إيزنكوت»، وبدا أن هذا كان مطلبًا أمريكيًا مرتبطًا بالدعم غير المحدود، سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا الذى قدمته واشنطن منذ اللحظة الأولى للحرب وحتى الآن.. ومع تجاوز المرحلة الأولى للقتال بدأت الخلافات العميقة تطغى على الساحة.. خلافات بين السياسيين والعسكريين على تصور الأوضاع بعد الحرب.. وخلافات بين نتنياهو وحلفائه من زعماء عصابات اليمين المتطرف «بن غفير وسيموتريتش« ثم خلافات بين نتنياهو وجانتس الذى يستعد للعودة للمعارضة.


المفاجأة الآن أن الخلافات تنفجر علانية داخل حزب نتنياهو «الليكود» مع الإعلان المباغت عن استبعاد وزير الخارجية «إيلى كوهين» ليتبادل موقعه مع وزير الطاقة «يسرائيل كاتس» بعد تصريحات أكد فيها كوهين مسئولية الحكومة عن أحداث ٧ أكتوبر مطالبًا بتشكيل لجنة تحقيق لمحاسبة المقصرين.. وهو ما يحاول «نتنياهو» بكل طاقته تفاديه أو تأجيله أملاً فى تحقيق انتصار حاسم فى القتال يمكنه من تحسين موقفه والإفلات من المحاسبة.. وربما البقاء فى موقعه على رأس التحالف اليمينى وفى زعامة «الليكود».

 


كل حسابات نتنياهو ـ حتى الآن ـ كانت تبنى على سيطرته على حزب «الليكود» ثم إدراكه أن الارهابيين «بن غفير وتسيموتريتش» لن يتخليا عن شراكتهما فى الحكم وهما يعلنان أن كل استطلاعات الرأى تؤكد أنهما «ومعهما نتنياهو» لن يعودوا للحكم مع أى انتخابات قادمة.
الآن ينفجر البيت الليكودى من الداخل.. استبعاد «كوهين» من الخارجية سيلقى بظلاله على العلاقات مع واشنطن.


لكن الأهم ـ بالنسبة لنتنياهو ـ أن الصراع على خلافته فى قيادة «الليكود» قد بدأ، وأن ملف محاسبة المسئولين عن فشل ٧ أكتوبر «سياسيًا وعسكريًا ومخابراتيًا» قد فتح وان محاولة إطالة الحرب لينجو نتنياهو لم تعد ممكنة، وأن نتيجتها هى الانتقال من فشل لآخر، وأنه لا بديل عن الاعتراف بالحقيقة التى أصبحت أكبر بكثير من أكاذيب نتنياهو وقدرته على المناورة والخداع السياسى، واستعداده لتفجير المنطقة كلها لكى يبقى فى الحكم.. وبعيدًا عن المحاكمة!!