«مغازلة».. قصة قصيرة للكاتب علاء عبدالعظيم

قصة قصيرة للكاتب علاء عبدالعظيم
قصة قصيرة للكاتب علاء عبدالعظيم

كثيرا ما اتردد على مطعم صغير، افتح فيه شهيتي المفقودة، وكان يعجبني في المكان جو الألفة الذي يشيع بين الزبائن ووجوه السيدات الجميلات دائما، واللاتي يترددن على هذا المطعم، وفرقة موسيقى الرقص التي تعزف التانجو والسامبا، والرومبا.

 وفي إحدى الأمسيات كنت أتناول عشائي، بينما دخلت المطعم امرأة جميلة، وتقدم منها رئيس الخدم وأجلسها على إحدى الموائد المجاورة لي، بدأت أعجب بامرأة تدخل المطعم وحدها وليس معها رجل، وأخذت اتفحصها حيث كانت في الثلاثين من عمرها، ومنظرها الجانبي ساحر بديع من قمة الرأس إلى أخمص القدم، وملابسها رائعة تتمنى زوجة أي رجل غني أن تكون داخلها.

 بينما كان من الناحية الأخرى من حلبة الرقص الضيقة التي تكاد تكون في حجم المنديل الكبير رأيت رجلا متوسط العمر يشاركني الاهتمام بالسيدة الجميلة، وعندما التقت نظراتهما رأيته يبتسم لها، ورأيتها ترد عليه ابتسامته، ثم وقف الرجل وغادر المطعم لبرهة، وعاد معه صندوق من السوليفان فيه زهرة أوركيد.

 قلت لنفسي.. لقد بدأ الرجل مغازلته ولن يضيع وقته، حيث أن السيدة جميلة حقا وتستحق المغازلة.

 ثم رأيت الرجل يكتب على ظهر قائمة الطعام بعض الكلام وينادي على رئيس الخدم يأمره بإرسال القائمة إلى السيدة التي أخذت تبتسم وهي تقرأ ما كتبه الرجل، ثم التفتت إليه وحنت رأسها له بالموافقة.

 فقام على الفور وتقدم منها، وانحنى أمامها، وقدم نفسه إليها، ثم جلس إلى جانبها، وسمعته يقول: هذا عطف كبير منك، أنا أحس بالوحدة عندما أتناول عشائي وحيدا، هل تسمحين لي بتقديم بعض الشراب إليك.

 قلت لنفسي أنه يتصرف في نعومة "بيجر ناعم" ورأيت رئيس الخدم وهو يرقبهما عن كثب، وأنا أتساءل متى سيتدخل، وينبه هذا الرجل أن الغزل العلني سيعرض المحل إلى غلقه بأمر مكتب بوليس الآداب.

 وبعد قليل جاء الخادم ومعه جردل محشو بالثلج، وقد غرست في وسطه زجاجة شمبانيا، وصاح الرجل فلنشرب نخب هذه المناسبة السعيدة، فلنشرب نخب سعادتنا على مر السنين.

 وبدأت الموسيقى تعزف ألحان التانجو الناعمة، فقام الرجل وانحنى أمام السيدة وسألها أن ترقص معه.

 تملكني غيظ شديد، وأنا ارقب التصرفات المكشوفة، شغل بلدي، لكني أعترف أنهما رقصا معا في رشاقة وكأنهما يرقصان معا منذ سنين، وعادا إلى مائدتهما، وأخذ الرجل يهمس في أذنها بكلام عن أنه يخشى أن ينتهي الليل بسرعة.

 قمت من غيظي، وناديت رئيس الخدم لأدفع له الحساب وقلت له، وأنا أعطيه البقشيش

 - ماذا جرى لك؟ هل رأيت ما يحدث هنا، وغمزت له بعيني نحو العاشقين المحدثين، ثم قلت له في غضب

 - يجب أن تتدخل لتمنع هذا الكلام الفارغ

 ابتسم رئيس الخدم وقال في اعتذار

 - لا يمكنني أن امنعهما من الجلوس معا

 - كيف؟

 وقال إن هذا يتكرر بينهما كل عام

 - لكن هذا لا يصح، يجب أن تطرد هذا الرجل فورا من المحل، وتمنع هذه المرأة من التردد ثانية على هذا المكان

 - لكنهما لم يفعلا شيئا مخالفا يا سيدي

 - كيف.. أنه يغازلها، ولقد رأيته بعين رأسي!

 - نعم.. ولكنهما متزوجان!