حصاد ٢٠٢٣| هل يشهد العام الجديد وداع «أفريقيا الفرنسية»؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 نفوذ متلاش وهزائم متلاحقة.. عام طويت صفحته بصورة ليست بالمحببة لفرنسا بعد أعوام طويلة من بسط تواجدها بأفريقيا التي تلذذت بخيراتها في الماضي كمحتل وأبت أن تتركها حتى بعد الجلاء فاتخذت موقف «الحافظ للسلام».

شهد عام ٢٠٢٣ خروج فرنسا من ٤ بلدان أفريقية هم: النيجر وتشاد وبوركينا فاسو ومالي.

لعبت فرنسا دوما دور سلبيا منذ عقود من خلال تواجدها في البلدان الافريقية، فقد كانت المحرك الأول للانقلابات والراعي الرسمي لسقوط الزعماء وما يتبعه من فوضى وسوء أحوال معللة ذلك بدفاعها عن الاستقرار والسلام، أو كإجراء انتقامي نتيجة رفض القيادات لوجودها.

اقرأ أيضًا: الصين تقصي تسعة مسؤولين عسكريين من برلمانها

الأمر ذاته حدث مع النيجر، وكان جليا منذ الأيام الأولى حيث وجه المجلس العسكري الانتقالي طلبه بإنهاء الوجود الفرنسي، وإلغاء الاتفاقيات العسكرية مع باريس.

وتعاملت فرنسا بالرفض وعدم الاعتراف بالسلطات الجديدة، متحدية مطالب سحب السفير وإنهاء الوجود العسكري، ومارست ضغوطا هائلة عبر مجموعة "إيكواس" التي فرضت عقوبات قاسية على هذا البلد بما فيها التهديد بالتدخل العسكري، وإعادة الرئيس بازوم، إلا أن فرنسا اضطرت للرضوخ والموافقة على 
الانسحاب بعد شهرين من الرفض والمحاولات الفاشلة.

ووفقا لمحلل سياسي فإن 3 دول صبت الزيت على النار وساهمت في إشعال الأزمة بقوة كروسيا التي وضعت نصب أعينها إخراج فرنسا عسكريا من هذه المناطق، كذلك هناك الصين على الجانب الاقتصادي والتي انتهجت سياسة استقطابية تجاه هذه الدول كي تحل محل الشركات الفرنسية، وهناك أيضا على المستوى الأيدولوجي تركيا التي نشرت خطابا عبر المساجد والزوايا التي تؤثر فيها بأفريقيا حمل لهجة معادية لفرنسا وعنوانه وضع كل مآسي الدول الأفريقية على فرنسا وتواجدها، هذه العوامل مجتمعة هي التي اشتغلت كمحرك لهذه الانقلابات.

لم تجد فرنسا وحدها في أفريقيا بيئة خصبة لبسط النفوذ بل الأمر ذاته وصل إلى وجود قوات من الولايات المتحدة. 

من جهة أخرى، أبدت واشنطن وبرلين رغبتهما في استئناف التعاون مع النيجر مؤخراً، وقبل أيام من استكمال فرنسا إنهاء وجودها بالنيجر، صرح رئيس الوزراء المكلف علي محمد الأمين زين بأن بلاده ترغب في تعزيز التعاون مع روسيا في مجالات الاقتصاد والأمن مشيرا إلى أن المعدات العسكرية التي تم شراؤها من روسيا سمحت لسلطات البلاد بمواجهة الجماعات المسلحة بشكل أكثر فعالية، مما يضع باريس تحت تهديد حقيقي من التواجد في بلدان أفريقية أخرى ويجعلها دولة "أسقط عنها نفوذها".