بينى وبينك

الأمنيات

زينب عفيفى
زينب عفيفى

الأمنيات ليس لها عمر أو زمن أو مكان محدد، الأمنيات دائمة الحضور مثل دقات القلب، ومع ذلك فهى تزرع خوفا غامضا بداخلى، لأنها عمرنا المنتظر لحظة بلحظة، أيام متتالية نقسمها إلى شهور وسنين، فما نتمناه فى اللحظة القادمة هو ما تقدمه السنون الآتية على مهل.

كانت أمى رحمة الله عليها، تقول: اليوم الذى يمر عليك بالستر والصحة هو اليوم الذى تحقق فيه أغلى الأمنيات، كنت اضحك فى سرى، وأقول لها: أتمنى أن أكون طبيبة مشهورة.

أعالج كل الناس التى تتألم، وكبرت وصرت كاتبة وصحفية، وحمدت الله على أننى لم أصر طبيبة، لأننى كنت سأبكى بجوار كل مريض يتألم، وأدركت قيمة أن تحب عملك وتقدمه بإخلاص دون انتظار المقابل، وأعتقد أننى فعلت، وهذا كله لم يندرج تحت فكرة الأمنيات، وبقيت أمنية الستر وراحة البال، هى الأغلى والأصعب.

بالأمس قرأت موضوعا طريفا عن شجرة الأمنيات، التى يقصدها الزوار فى هونج كونج ليس لظلها أو لثمارها، بل رغبة فى نيل الأمنيات المعلقة على أغصانها.

حيث يقوم كل زائر لها، بتدوين أمنيته على ورقة ويعلقها فى أحد أغصانها، اعتمادا على مدى احتمال الغصن على حمل الأمنية حتى العام التالى، هذه الأمنيات المعلقة تذكرنى بأقفال الحب على جسر نهر السين فى باريس حين يكتب العشاق أسماءهم داخل قفل معلق على جسر العشاق أملا فى بقاء حبهم للأبد.

والذى تناولت حكايته فى روايتى «معكِ تكتمل صورتي» مثل هذه الاسوار والأشجار التى نعلق عليها الأمنيات، هى حالات وهمية نصنعها،حتى تستمر الحياة بكل ما نعيشه فيها من وجع وفرح، وتبقى أمنية أمى هى الأمنية الغالية التى أتمناها لكل من أحببتهم وأحبونى فى كل لحظة، يا رب عام طيب وحنون علينا جميعا ؛ وتبقى الأمنيات مجرد أمنيات.