دور حيوى واستراتيجى لمصر فى أزمات قطاع غزة

من الدبلوماسية إلى المساعدات.. إشادات دولية واسعة بدور مصر منذ اندلاع الحرب على غزة

الهجمات الإسرائيلية على غزة
الهجمات الإسرائيلية على غزة

كتب: أماني عبدالرحيم  - رشا صبيح

بحكم الجغرافيا والتاريخ والثقل الإقليمي دائما ما كان لمصر تاريخياً دور حيوي واستراتيجى فى أزمات قطاع غزة سواء على صعيد الجهد الدبلوماسي المبذول لوقف الحروب المتكررة، أو على الصعيد الإنسانى من خلال تخفيف الحصار على القطاع وتطبيب مرضاه.

وانطلاقاً من هذا الدور لم تدخر مصر جهداً لاحتواء الحرب الإسرائيلية الحالية على قطاع غزة وتقديم يد العون وإدخال المساعدات.. وهذا ما أشادت به الجهات الدولية والدول الكبرى وأبرزته الصحف والمواقع الغربية والعالمية.

على سبيل المثال قال موقع «اراب ريفورم» إنه منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل في فلسطين فى 7 أكتوبر، ظهرت مصر فى الأخبار الدولية باعتبارها أحد اللاعبين الرئيسيين تاريخيًا فى غزة والدولة العربية المتاخمة للقطاع.

وقد استخدمت هذا التميز التى تتمتع به والنفوذ الذى تستمده منه لتلعب دور الوسيط الذي لطالما لعبته بنجاح منذ توقيع معاهدة السلام عام 1979 حيث حرصت القاهرة دائما على فرض الاستقرار الإقليمى الى جانب الحفاظ على أمنها وضمان عدم حدوث أى انقطاع فى تدفق النفط، وأخيرًا وليس آخرًا العمل كوسيط للمساعدة فى التوسط فى أى تسوية سلمية يمكن أن تنهى الصراع العربى الإسرائيلى.

وتضمن الدور التاريخى الذى لعبته مصر - كما يقول - الموقع تخفيف الحصار نسبياً على قطاع غزة. وفتح معبر رفح، وزيارات مكوكية واجتماعات مع قادة حماس للتوسط فى هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل ووقف التصعيد ووقف إطلاق النار كلما اندلعت التوترات بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية. 

هذا ما أكده ايضاً موقع «مجلس العلاقات الخارجية» الأمريكى الذى أشار فى تقرير مطول له حول الحرب الى ما وصفه بالأدوار المهمة التى لعبتها مصر دائمًا فى تأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس كلما اشتعلت بينهم المعارك. وقال الموقع إنه فى حين لا تبدوا إسرائيل ولا حماس مهتمة بوقف التصعيد فى هذه المرحلة من الحرب، إلا أنه فى الوقت المناسب سيكون لمصر دور أكبر لتلعبه الى جانب فتح الممرات الإنسانية وارسال المساعدات.

ومن جانبه يرى مركز سوفان الأمريكى أن قرب مصر من قطاع غزة وعلاقتها التاريخية به، فضلاً عن علاقاتها مع إسرائيل، يجعل من القاهرة محوراً أساسيا للتوصل الى حل جوهرى فى الصراع الحالى. كما يرى أن السيطرة المصرية على معبر رفح، وهو المنفذ الوحيد الذي لا يزال مفتوحاً فى غزة، وضعت القيادة المصرية فى مركز الجهود الرامية إلى حماية سكان غزة من آثار الحرب.

ويقول المركز: إنه على مدى العقدين الماضيين، طغى نفوذ مصر الإقليمى وأصبحت تتمتع الآن بنفوذ كبير ليس فقط فى المنطقة. ولكن على مستوى العالم. ويرجع ذلك إلى عدد سكانها الكبير، وموقعها الجغرافى. ومع تحول الجانب الإنسانى للصراع إلى ضرورة أساسية للمفاوضات، فإن مصر سوف تلعب حتماً دوراً أكثر مركزية.

ويقول المركز العربى واشنطن دى سى: إن مصر تُعد اليوم لاعباً لا غنى عنه فيما يحدث فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة. ويضيف ان مصر لعبت دوراً مهمًا فى التوصل إلى وقف القتال فى غزة لمدة سبعة أيام والذى شهد إطلاق سراح حوالى 200 سجين إسرائيلى وفلسطينى. 

ويرى المركز أن مصر سوف تتمكن من التعامل مع الأزمة المستمرة فى غزة، ولكن من دون الإذعان للمطالب الإسرائيلية بقبول تدفق الفلسطينيين أو لطلبات الولايات المتحدة بدور أمنى مصرى فى القطاع بعد الحرب.

صحيفة «تايمز أوف أنديا» كتبت تحت عنوان «الرئيس الأمريكي والولايات المتحدة تثمن الدور المصرى فى حرب غزة»، أن مصر لم تدخر أى جهد لوقف الحرب سواء من خلال الضغط على الجانب الاسرائيلى للعودة للمسار السلمى، أو المطالبة بمنح هدن إنسانية، مرورًا باستمرار مصر فى ارسال المساعدات الإنسانية لأهل القطاع.

واضافت الصحيفة ان الدور المصرى لقى كل الدعم والاشادة من الجهات الدولية وخاصة الولايات المتحدة. وركزت الصحيفة على المباحثات التى جرت اكثر من مرة بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الامريكى جو بايدن والتى اعرب خلالها الأخير عن مدى تقدير بلاده للدور المصري الواضح لوقف الحرب وإدخال المساعدات العاجلة للفلسطينيين.

من جانبها أشارت صحيفة «ذا اندبندنت» للدور السياسى التى لعبته مصر فى الأزمة من خلال تقديمها لخارطة طريق لإنهاء الحرب فى غزة. وقالت إن خطة مصر الطموحة التى تم تقديمها إلى إسرائيل وحماس والولايات المتحدة والحكومات الأوروبية تتضمن انسحاب إسرائيل بالكامل من قطاع غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى الذين تحتجزهم حماس، والعديد من السجناء الفلسطينيين، وتنصيب حكومة فلسطينية تكنوقراطية موحدة فى قطاع غزة. واختتمت الصحيفة بالتأكيد على انه فى حال تم التوصل لوقف جديد لإطلاق النار، ستقود مصر أيضًا محادثات لإعادة توحيد الفصائل الفلسطينية حماس والسلطة الفلسطينية، اللذين سيعينان معًا حكومة خبراء لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة، قبل الانتخابات المستقبلية.

وكالة «شينخوا» الصينية أبرزت تقدير الجميع وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية لاستقبال مصر لعدد كبير من مصابى القطاع والحالات الحرجة من المرضى الفلسطينيين وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم بالمشافى المصرية.

وأشادت الوكالة بجهود الأطباء والعمال والأفراد المصريين فى مطار العريش الذى يستقبل المساعدات وفى معبر رفح الحدودى وفى مستشفى العريش الذى يستقبل مرضى غزة الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية معقدة والذين يعانون من جروح خطيرة، كونه أحد أكبر المرافق الطبية فى محافظة شمال سيناء فى مصر.

ووصفت الوكالة معبر رفح بأنه «ممر حياة» لسكان غزة المُحاصرين، مشيرة الى نجاح مصر خلال شهر من اندلاع الحرب فى إدخال 526 شاحنة بعد جهود دبلوماسية مكثفة. وأضافت: ان المعبر يلعب دورًا حاسمًا فى عمليات الإجلاء وتوصيل المساعدات الإنسانية بعد أن أدى الصراع إلى سقوط أكثر من مليونى شخص فى غزة فى أزمة إنسانية. 

وكالة الانباء الروسية «تاس» نقلت تقدير بلادها العميق لمصر فى مساعدتها فى إجلاء الرعايا الأجانب ومن بينهم الروس الذين علقوا بالقطاع مع اندلاع الحرب. وقالت الوكالة ان الجانب الروسى ثمن كثيرًا التعاون المصرى قيادة وحكومة لحل ازمة العالقين والذين تعدى عددهم 900 شخص من بينهم 101 روسي عبروا الحدود من القطاع الى معبر رفح المصرى.

وحسب صحيفة «او جلوبو» البرازيلية فإن الدور المصري منذ بدء الحرب عمل على أكثر من اتجاه منها تقديم المساعدات، طلب هدن إنسانية، معالجة مصابين، محاولات لتحرير المخُتطفين لدى حماس.. وايضا عقد قمة القاهرة للسلام لحث المجتمع الدولى على التحرك، وهو ما إشاد به رئيس البرازيل لولا دا سيلفا والذى أكد على اهمية السعى لتحقيق السلام.