«صرير المحنة» قصة قصيرة للكاتبة فاطمة مندي

الكاتبة فاطمة مندي
الكاتبة فاطمة مندي

كنت أدور في شقتي كطائر علي وشك البيض وفقد عُشة،  تعرضت لأزمة، كادت أن تقضي علي صمودي، أعاتب نفسي علي سرعة تهوري، أعاتبها أكثر على عدم الرضا بقضاء الله، فقدت قدرتي علي تجاوز كل هذا الحُنق بداخلي، خرجت إلى شرفتي جلست عدة ساعات، ضاقت نفسي من كثرة لومها وجلدها بسياط التأنيب.

قررت الخروج للهواء الطلق للخروج من كل هذا الصراع  المستعر بداخلي.

أخذتني قدماي لعدة طرق وعدة ساعات، رجعت أدراجي لا أعلم من أين أتيت ولا أين ذهبت ؟!

ولا في أي الطرق كنت أسير؟!.

وأمام منزلي وجدت زفة العروسة التي تقطن شقة في نفس المنزل، يال حيرتي سوف أنتظر في الشارع لحين صعودها شقتها، وكل هذا الجمع منعني من الدلوف إلى المنزل .

أخذني الفضول أن أشاهد العروس كعادة كل النساء.

نزل العريس من عربة الزفة،  واستدار يأخذ عروسته، عند خروجها من العربة داس علي طرف فستانها دون قصد منه أثناء سيرهم، تمزق قليلاً. نعتته بألفاظ نابية، استدار وصفعها بيمناه على وجهها.

دَّهَشّتُ ووضعت يدي على فمي مستنكرة أفعالهم.

 احتد الجميع على بعضهم، وصارت مشاجرة، وتراشق الجميع بالألفاظ و بالأيادي.  صمم أهل العروس أخذها معهم، بل وأخذُ كل محتويات الشقة في أقل من ساعة، أحضروا العربات، وأنزلوا جميع ما في الشقة وتركوها خاوية تماما في سرعة البرق وكأنهم  مبيتين النية واغتنموها فرصة، حزنتُ علي هذا العُرس، وما آل إليه قدرهم.

 نظر العريس إليهم متحسراً ثم تركهم  ولم يحرك ساكناً وانصرف وكأن العرسان كانا مغصوبان على هذا العرس.

 أخرجتني هذه الحادثة عن كم الإحباط الذي كان بداخلي، ووجدتني أضحك ساخرة من قدري وقدرهم.

صعدت إلى شقتي، سمعت صوت للزفة مرة أخرى دُهشت، خرجت إلى شرفتي، وقفوا عدة دقائق ينشدون كلمات فرح وسعادة، واندمج صوت الزغاريد مع ما ينشدون،  دخل العرسان المنزل، ظننتهم قد تراضوا.

بعد لحظات قليلة سمعت أصوات متضاربة مختلطة صرخات مدوية مع بكاء ونحيب، هرولت على عجل استوضح الأمر، وجدت العروس تبكي بمرارة ناعية حظها، والعريس يجلس القرفصاء منكس رأسه لأسفل بين ركبتيه وراحتيه فوقها.

سألت: ماذا حدث ثانيا؟!

ولكني دُهشت لأنهم مختلفين؟!

قال لي ذويهم: لقد سُرقت شقتهم عن آخرها.