الخروج عن الصمت

أحوال الدنيا

محمد عبدالواحد
محمد عبدالواحد

محمد عبدالواحد

عجبًا لدنيا لم تؤتِ ثمارها لمن أراد ويغترف منها كل ناقم على الحياة، ومن تركها وراء ظهره تلهس وراءه وتمسك بتلابيبه كأنها تريد الإيقاع به فى شباكها، وكلما حاول الفرار منها أكثر تزينت له حتى يرغب فيها ويعود عن غيه ليتمسك بها من جديد.
كلمات أردت أن أعبر بها عن أحوالنا وما يدور خلالها من أحداث.


فتجد فى الحالة الأولى إنسانا تمنى العيش فى أمان بين اسرته يحاول جاهدا أن يوفر لهم كل مقومات الحياة، ورغم جهده وعنائه وما يقدمه من تنازلات كى تحيا أسرته، تجد على النقيض أهل بيته ناقمين على تلك الحياة ويتمنون ان يحيوا حياة أخرى، وترى وتسمع أثر ذلك فى ضجيج تضج به أروقة المحاكم.
وفى الحالة الثانية ترى من يحاول ان يدبر امره ويتعايش مع ظروفه رغم ضيق اليد، حامدا شاكرا لأنعم الله عليه، بينما الطرف الآخر من تلك المعيشة تجده ناقما على تلك الحياة تاركا وراءه تلك النعم للبحث عن حياة أخرى يحياها، رغم انه لم يبذل جهدا لتغيير احواله ليهنأ أهل بيته، وتشتد الحياة لتسمع بهذا الضجيج بعد سنين من الألم بين أروقة المحاكم.


وفى الحالة الثالثة تجد من نعموا براحة البال وهدوء النفس ورغد العيش وزينة الدنيا رغم أنهم تركوها وراء ظهورهم وتمسكوا بأبواب الله يراقبون أفعالهم وأعمالهم خلال تلك الرحلة التى يحيونها، فإذا أمعنت النظر فيهم تجد أنهم ليسوا دراويش او منقطعين عن الدنيا، بل زهدوا فيها وجعلوا الله نصب أعينهم فأتتهم بكل حذافيرها وكلما حاولوا الفرار منها تزينت لهم أكثر فأكثر.


وفى الحالة الرابعة تجد من أتته الدنيا فأصبح يلهس وراءها حتى أصبح عبدا لها.
وفى الحالة الخامسة، هناك من تمنى أن يعيش لحظة هادئ البال سعيدا بما أنعم الله عليه، لكنها الأقدار يقدرها الله حيث يشاء، فزينة الدنيا التى أتته ضاعت فى لحظات وأصبح فى العراء يفترش الأرض يتلحف بالسماء متمسكا بتلابيبها، رافعا يد الضراعة الى الله شاكرًا له على أنعمه وعلى ما اصبح فيه من تبديل الأحوال، هل تدرون من هم؟ إنهم أهل غزة الصابرون المؤمنون بقدر الله، فاللهم أيدهم بنصرك واجعل رحمتك لهم تظلهم فترحم ضعفهم فى برد شتائك.
وهنا أردت أن أقول لكم ولنا: من تمسك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم «من أصبح منكم آمنا فى سربه معافى فى جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا»، اللهم أدم علينا نعمك.