«عيون الحقيقة» قصة قصيرة للكاتب الدكتور محمد محي الدين أبوبيه

 الدكتور محمد محي الدين أبوبيه
الدكتور محمد محي الدين أبوبيه

لم يلتفت لتوسلات زوجه وأمه بألاّ يذهب إلى هناك وينقل عمله بعيدا عن نيران الأحداث، وبنظرة كلها تحدي ينبري قائلا : "إذا الكل فضل الابتعاد فمَنْ سينقل الحقيقة؟!"

 بتلك الأيام كانت بذرته قد نبتت في بطن زوجه، فازداد الضغط عليه بعدم الرحيل، وكان رد فعله بحجم فرحته الكبيرة وهو الإصرار على القرار.

 سارت الأيام سريعا حتى حطت المقادير بيوم السابع من أكتوبر؛ المقاومة هاجمت قلاع العدو فأردته ذليلا مكسورا، جنّ جنون العدو كالذئب الجريح فأخذ يرمي الحمم كالمجنون على جميع البقاع الآمنة لا يرقب إلاً ولا ذمة،  حينها سارع حاملا سلاحه وهي الكاميرا يتنقل من مكان لآخر يرصد ما يحدث ليرى العالم مباشرة فظائع يندى لها جبين الإنسانية.

مع توالي الأنباء وتداول القنوات صوره التي بثتها عيون كاميرته، وكذا رسائله على وسائل التواصل بكلماته الرصينة وعباراته التي تبكي الحجر قبل البشر عما يحدث للعزل الذين لا حول لهم ولا قوة، وعلى الطرف الآخر من الكرة الأرضية حيث توجد عائلته الصغيرة بأوروبا، الهلع يمتلك كل فرائص أمه وزوجه التي قاربت على وضع طفلهما الأول.

 دخلت الزوجة غرفة عمليات الولادة، مع صرخات طفله الخارج للدنيا، كانت صرخاته هو على أبواب الموت بعدما استهدفته رصاصات قناصة العدو؛ حتى يقتلوا معه عيون الحقيقة،  ابتسم لصديقه وهو يمد له كاميرته، وقبل أن ينطق الشهادتين كانت وصيته: (لا تبرح ولفظائعهم افضح).

اقرأ أيضا | «دبوس» قصة قصيرة للكاتب عمرو صلاح الغندقلي