الحرب على الفساد والمفسدين مستمرة .. مفاجأة فى اعترافات محتكري السكر

المتهم
المتهم

محمد‭ ‬طلعت‭ - ‬اسماء‭ ‬سالم‭   ‬

بلا شك منظومة مكافحة الفساد والمفسدين وأصحاب المصالح في مصر شهدت تطورًا رهيبًا خلال السنوات الماضية، فقبل عام 2014 لم يكن لدى مصر استراتيجية موحدة لمكافحة الفساد حتى إصدار تعديل دستور مصر عام 2014، والذى تضمنت مادته 218 التزام الدولة بمكافحة الفساد وقيام الهيئات والأجهزة المعنية وبإرادة سياسية صادقة ودعم دائم لجهود مكافحة الفساد تم إطلاق الإستراتيجية الأولى 2014/ 2018 والتى تحقق من خلالها نجاحات متميزة، بعدها تم إعداد المرحلة الثانية من الإستراتيجية الوطنية 2019 / 2022، والتى عالجت التحديات التى واجهت الدولة فى متابعة تنفيذ المرحلة الأولى، فكان الهدف والمعنى واضح وهو، لن ينجو أحد إذا قادته قدماه للدخول في شبكة فساد؛ وكان آخرها القبض على مستشار وزير التموين المسؤول عن المتابعة والرقابة والتوزيع، و 8 آخرين، في شبكة فساد داخل الوزارة؛ حيث أمرت النيابة العامة بحبسهم 15 يوما على ذمة القضية التي عرفت إعلاميا بمافيا السكر.

المتهمون بعد أن ألقت هيئة الرقابة الإدارية القبض عليهم داخل مقار عملهم وعلى رأسهم المتهم الرئيسي مستشار الوزير الذي خرج مكبل اليدين بالقيود من مكتبه بمبنى الوزارة، كانت صدمة كبيرة خاصة أن المتهمين هم شخصيات مسؤولة المفترض بهم حماية المواطنين من استغلال التجار، لكنهم تحولوا إلى مستغلين لمناصبهم لاحتكار السكر وبيعه بالاشتراك مع آخرين من أصحاب الضمائر الخربة لكي يبيعونه بأعلى من سعره لتحقيق مكاسب من المال المحرم.

لم يتخيل المتهمون أن يتم إلقاء القبض عليهم خاصة مستشار الوزير، لذلك كان لحظة القبض عليه كما قالت مصادر من داخل الوزارة كانت متواجدة فترة ضبطه أنه كان مصدوما غير مصدق أن يتم القبض عليه بعد ٧ سنوات قضاها في منصبه بالوزارة كمستشار للوزير  للمتابعة والرقابة والتوزيع أصبح فيها الآمر الناهي في تلك الجزئية داخل الوزارة.

فالمتهم كان هو المسؤول الأول داخل الوزارة عن كل ما يخص قطاع الرقابة على السلع الغذائية وتوزيع تلك السلع لذلك كانت كلمته بمثابة قرارات الكل يسعى لتنفيذها بلا مناقشة، فهو الذي يقوم بالتوزيع وايضا يقوم بالرقابة على من يوزعونها، وهو الأمر الذي جعله من أصحاب النفوذ القوية جدا داخل الوزارة وأصبح لا يستطيع أحد أن يقف في طريقه خاصة أنه يتولى المنصب منذ 7 سنوات كاملة لذلك كان القبض عليه مسألة غير متوقعة من قبل العاملين في الوزارة فهو مصدر قوة كبيرة ولم يكن أحد يستطيع أن يقف أمامه أيا يكن اسمه.

فذلك المستشار الذي كانت مهامه التأكد من توافر السلع وانتظام عمل الأسواق والتنسيق مع مديريات التموين بمتابعة القرارات المرتبطة بالأسعار، ومنذ تولي مهام منصبه، اعتاد الظهور في جولات تفقدية لمتابعة توافر السلع والأسعار في منافذ التموين والمحال التجارية وهو ما جذب بعض التجار إليه واعطوه مع المتهمين الآخرين الرشاوى لكي يغض عينه عن الأخطاء واحتكار السلع المختلفة وارتفاع سعرها للمستهلك دون تحرك من الوزارة.

اعترافات المتهمين وتحديدا من أعطوا رشوة لمسؤولي الوزارة أمام جهات التحقيق كانت صادمة حيث قالوا: أن مسؤولي الوزارة الذين ألقى القبض عليهم كانوا يحصلون منهم على رشاوى عبارة عن شهريات مالية ضخمة لكي يتغاضوا عن التلاعب في السكر ويحجبوه عن السوق مستغلين حالة تعطش السوق وارتفاع ثمنه بصورة كبيرة حتى يحققوا ارباحا غير قانونية.

أكثر من قضية

النيابة العامة أصدرت بيانًا في القضية قالت فيه: إن أجهزة الدولة تتصدى لجرائم بيع السلع الاستراتيجية في السوق السوداء ونجحت في ضبط أطنان من تلك السلع شملت ضبط 590 طنًا من السكر، و54 طنًا من الزيت، 30 منها للزيت المصفى، و18 طنًا من الأرز، محجوبة عن المواطنين لبيعها بأكثر من سعرها الرسمي.

وأمرت النيابة العامة بتسليم أطنان السكر والسلع أخرى للجهات التابعة لوزارة التموين لبيعها للمواطنين بالسعر الرسمي، وذلك في إطار ما تبذله أجهزة الدولة من جهودٍ رامية إلى التصدي لجرائم بيع السلع.

الحرب على الفساد داخل القطاع الإدارى مستمر وخاصة في وزارة التموين وكانت الفترة الماضية قد شهدت أكثر من قضية تم ضبطها داخل وزارة التموين ومنها: 

في 2018، شهدت وزارة التموين قضية فساد قلبت موازين الرأي العام، والتي عُرفت إعلاميا بـ «رشوة وزارة التموين»؛ حيث كانت هيئة الرقابة الإدارية، ألقت القبض على كل من رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية، ومدير مكتبه، وكذلك القبض على كل من مستشار وزير التموين للإعلام والمتحدث الرسمى للوزارة، ومستشار الوزير للاتصال السياسى بمجلس النواب، لتقاضيهم رشاوى مالية تجاوزت المليوني جنيه من كبرى شركات توريد السلع الغذائية مقابل إسناد أوامر توريد السلع عليها، وكذا تسهيل صرف مستحقاتها.

لتقضي محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار على الهواري، وعضوية المستشارين أشرف العشماوي، وخالد فخري الشلقامي، بمعاقبة علاء الدين فهمي، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية السابق، بالسجن المشدد 10 سنوات، وتغريمه 7 ملايين و500 ألف جنيه، وإعفاء 8 آخرين من العقوبة في القضية المعروفة إعلامياً بـ «رشوة وزارة التموين.

فساد القمح

كما قضت محكمة جنايات بنى سويف برئاسة المستشار محمد سمهان، بالسجن المشدد 10 سنوات حضوريا على فنى تخزين بالشركة العامة للصوامع والتخزين أمين شونة الأصدقاء بأهناسيا، وغيابيا لمالك شونة الأصدقاء بأهناسيا، وإلزامهما برد 73 مليونا و202 ألف جنيه، مع عزل المتهم الأول من الوظيفة، وحظر مزاولة المتهم الثاني للنشاط الاقتصادى محل الجريمة لمدة 3 سنوات، وذلك لقيامهما باختلاس 10 آلاف طن قمح بقيمة 36 مليونا و601 ألف جنيه المملوك للهيئة العامة للسلع التموينية في القضية المعروفة إعلاميا بـ قضية فساد القمح.

وكانت النيابة العامة أحالت المتهم «م.م» فنى تخزين بالشركة العامة للصوامع والتخزين أمين شونة الأصدقاء بأهناسيا «محبوس»، و»خ.ع» «هارب مالك شونة الأصدقاء بأهناسيا، إلى المحاكمة الجنائية وذلك لقيام الأول باعتباره موظفا عموميا ومن الأمناء على الودائع باختلاس أموالا وجدت في حيازته بسبب وظيفته، بأن اختلس كمية من القمح مقدارها 10094.092 طن، بقيمة 36 مليونا و601 ألف و177 جنيها، والمملوكة للهيئة العامة للسلع التموينية والمسلمة إليه بسبب وظيفته لإيداعها في الشونة جهة عمله، إلا إنه اختلسها لنفسه.

واشترك المتهم الثانى بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة وساعده بأن مكنه من إخراج كمية القمح محل الاتهام، والتي أودعت بالشونة المملوكة له، حتى يتمكن من اختلاسها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.

 

إقرأ أيضاً : فصل موظفة من الخدمة بعد تلقيها رشوة 500 جنيه


 

 

 

;