حصاد 2023| «جراح لم تلتئم».. قصص الأمل والدموع بقطاع غزة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

خلال 75 يومًا من الحرب على غزة، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي سلاسل مؤلمة من الصور والفيديوهات، تروي قصص أطفال ونساء ورجال فقدوا حياتهم أو أفراد عائلتهم في الأحداث المأساوية التي جرت منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم، وزادت هذه اللقطات الحزينة بحجم الوداع الذي جرى بين أحضان الأسر.

اختلفت عبارات الوداع الأخيرة بين الأبناء والآباء والأزواج والأجداد، وتنوّعت أشكال الرثاء في غزة خلال تلك الفترة القاسية، وتراوحت أوجاع الفراق بين كثير منهم.

ومع استمرار الاحتلال في عدوانه وقصفه للمدنيين العزل يومًا بعد يوم، تزداد قصص الفقد أو حتى البحث عن العائلة، بعض هذه القصص التقطتها عدسات الكاميرا فور حدوثها وانتشرت بشكل كبير حول العالم عبر الانترنت وتعاطف معها الكثيرون وباتت هذه اللقطات راسخة في عقولهم بعدما هزت قلوبهم، وارتسمت هذه القصص بألف معنى ومعنى من الألم، وانبثقت منها روح الصمود والفرح والإيمان الراسخ والعزيمة القوية والبعض الآخر من القصص.. الحزن والفقد كان عنوانها. 

الطفلة ريم.. «روح الروح»

من بين قصص الفقد التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قصة الطفلة ريم "روح الروح" كما وصفها جدها الفلسطيني، في مشهد مؤثر نال تعاطف مئات الآلاف حول العالم، حيث توفيت الطفلة ريم على بدوان البالغة من العمر عامين ونصف إثر  قصف إسرائيلي على منزل جيرانهم كما أفاد جدها  خالد نبهان وظهر عبر المقطع وهو  يضفر لحفيدته شعرها ويناجيها بكلمات رقيقة ويضمها لصدره ويداعبها وكأنها لاتزال حية، وكان الجد يردد "روح الروح انتي".


 «لا تبكي يا زلمة.. كلنا مشاريع شهداء»

وفي إحدى اللقطات المصورة الأخرى والمتداولة عبر مواقع الانترنت، ظهر رجل فلسطيني قد عاش تجربة الفقد القاسية بعد استشهاد ابنه الأكبر جراء قصف إسرائيلي في قطاع غزة خلال الحرب الأخيرة، ورغم الألم الذي كان يعتصر قلبه في هذا الوقت، أظهر هذا الرجل قوة لا تضاهى، حيث كان يواسي رجل فلسطيني آخر فقد أحد أقاربه في المستشفى، وطلب من الرجل عدم البكاء والاعتماد على الله، قائلاً له بكل صلابة: "لا تبكي يا زلمة، انت زلمة، كلنا مشاريع شهداء".


«صرخة الأم.. الأولاد ماتوا بدون ما ياكلوا»

تداول رواد التواصل الاجتماعي هاشتاج "صرخة الأم"، بعد أن اجتاحت حالة من الألم الشديد والحزن العميق نفوس نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بعدما فقدت أم فلسطينية أطفالها بين يديها جراء القصف الإسرائيلي، حيث كانت الأم تصرخ في ساحة أحد مستشفيات غزة، قائلة: "الولد اختفى بين أيديا مات، الأولاد وين حد يطمني"، ثم صرخت بقوة: "بيكفي يا عالم بيكفي نحنا ناس غلابة، أصفوا.. الأولاد ماتوا بدون ما ياكلوا.. يشهد عليا الله الأولاد ماتوا من غير ما ياكلوا.. يشهد علي الله بيكفى يا ناس".


«هاي أمي أعرفها من شعرها»

أثار فيديو لطفلة فلسطينية تبحث عن أمها الشهيدة موجة من التعاطف والحزن على مواقع التواصل الاجتماعي، وكشفت اللقطات المؤلمة كيف تعرفت الطفلة على جثة والدتها من خلال شعرها، حيث صاحت قائلة وهي تبكي: "هاي أمي أعرفها من شعرها"، وبعدها طالبت الطفلة برؤية أمها، وقالت: "ما اكتفوش، موتوا ستي وموتوا عمتي وأمي وأختي، بعرف إنهم شهداء، بس أنا مش قادرة، إحنا إيش سوينالكم".


«شعره كيرلي وأبيضاني وحلو»

"يوسف ابني عمره 7 سنين شعره كيرلي وأبيضاني وحلو"، كلمات مؤلمة نطقت بها أم فلسطينية تبحث عن ابنها يوسف في إحدى مشافي قطاع غزة، برفقة زوجها الطبيب وابنهم الآخر، ليكتشفوا بصدمة أن يوسف فلذة كبدهم قد فارق الحياة جراء القصف الإسرائيلي، وانهمرت دموع الأم، وقال الأب بصدمة "الحمد لله رب العالمين"، وقال الابن الآخر الذي كان لا يصدق ما حدث لأخيه صارخا "بدي يوسف، يابابا بدي يوسف".


الطفل كمال

وفي مشهد مؤثر آخر تناولته مواقع التواصل، جلس الطفل كمال، الذي كسرت ذراعه، على كرسي بعد أن عاش لحظات مصارعة أخيه مع الموت بعد أن قصف الاحتلال منزلهم، وبكلمات مؤثرة، قال الطفل كمال: "أخي قالي يا كمال يا كمال، لكن الحجارة كانت في فمه وما قدر يتكلم هو كان عايش والله، الله يرحمه مع السلامة يا أحمد مع السلامة".


طفل فلسطيني يُلقن أخيه الشهادة

وتفاعل رواد التواصل الاجتماعي على مشهد الطفل الذي كان يلقن شقيقه الشهادة عمر، حيث كانت حالته حرجة، وقام الطفل بالتحدث إلى أخيه المصاب وقال له: "سامعني! احكي آه"، وبعد ذلك، قام بتقبيل بطن أخيه المكشوف، وفي الفيديو، ظهر الأب وهو يواسي ابنه ويناديه قائلاً: "اصحى حبيبي عمر"، ثم قال أخ الطفل المصاب: "يا عمر متوجع؟ كويس أنت يا عمر"، ثم عاد أخوه الأكبر وقال: "قل يلا بسم الله احكي يارب، حبيبي حبيبي ماما بخير كلهم بخير، أنا هنا عندك"، وبعد ذلك، لقنه الشهادة قائلًا: "عمر احكى بسم الله، حبيبي سامعني قول ورايا أشهد أن لا إله إلا الله.. علّى صوتك حبيبى".


«الشنطة فيها أخوي الصغير أشلاء»

وتصدرت هذه القصة مواقع التواصل الاجتماعي، محققة تأثيرا عميقا في قلوب الكثيرين، حيث دار حوار قصير بين رجل الإسعاف وطفل فلسطيني يحمل شنطة مدرسية، بعد فقدانه لعائلته في قصف إسرائيلي استهدف منزلهم، سأل المسعف الطفل قائلاً: "ليه شايل شنطة المدرسة حبيبى فيها كتبك؟!"، رد الطفل بكل براءة قائلاً: "لا فيها أخي الصغير أشلاء".


«بدي شعره من ابني»

وانضمت القصة التالية أيضًا إلى سلسلة المشاهد التي تناقلها رواد التواصل عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ظهر طفل صغير يعاني من العديد من الجروح في ذراعه ورأسه، وهو يبكي بحرقة أثناء وداعه لأخيه الصغير الذي فقد حياته جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلهم، وطلب الطفل الصغير من حامل أخيه المتوفي، خصلة من شعره قبل أن يدفنوه قائلًا: "بدي شعره منه"، وبعد أن حصل على الشعره، ظل يردد بحرقة: "مع السلامة يا عمري... مع السلامة يا قلبي".


«كنت نايم»

وفي مقطع آخر مصور لقى تعاطف الكثيرين عبر الانترنت، كان الطفل الفلسطيني يرتجف من الخوف داخل مستشفى بغزة بعدما نجا من القصف الغاشم والغبار يغطي كامل جسده، وسأله أحد الأشخاص عن تفاصيل ما حدث، قائلًا: "كنت نايم"، وبات يردد بهاتين الكلمتين واحتضنه الطبيب ليهدئ من روعه.

وفي مقطع آخر، ظهر رجل مُسن فلسطيني يبكي بحرقة على أنقاض منزله المدمر بفعل القصف الإسرائيلي، حيث قال: "أنا 40 سنة بشتغل عشان أبني هذه الدار، راحت، فدا فلسطين".


«يا عمو أنا زعلانة كتير»

وظهرت طفلة فلسطينية تبحث بحيرة داخل أحد المستشفيات عن والدتها، وفي الفيديو الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كانت الطفلة تتكلم بقلق وتقول: "يا عمو، أنا زعلانة كتير، بدي تاتة، أنا خايفة على ماما بدي ماما"، ثم رد أحد الأشخاص عليها: "هي بخير، هي جاية جاية بخير.. خلص خلص ما تصيحيش يا عمو ما تصيحيش"، ثم ظهرت الصغيرة برفقة أحد أقاربها وطمئنها.


«ماما ماتت يا عمو»

ورددت طفلة فلسطينية كلمات مؤلمة ومؤثرة بعد اكتشاف مقتل والدتها جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وعلت صرخاتها في أرجاء المكان وقالت لأحد الأشخاص بدموع بعدما شاهدت والدتها متوفاه،"ماما مات يا عمو، ضربونا بصاروخ"، "ماما ماتت يا عمو".


«شكرا يا إسعاف»

وانتشر مقطع فيديو آخر عبر وسائل التواصل، يظهر طفلين في فلسطين جلسا على نقالة الإسعاف، وهما يعبران عن شكرهم للمسعفين الذين قاموا بإنقاذهم من تحت أنقاض منزلهم، حيث كان الطفلان يمسكان ببعضهما البعض، وقد رددا بحماس: "شكرًا يا إسعاف، شكرًا يا عمو، جدًا شكرًا، ساعدتنا كتير عشان نعيش".

وأخيرًا.. انتشرت هذه القصص بشكل واسع عبر جميع منصات الإنترنت وأعيد نشرها مرارًا وتكرارًا من قبل المؤثرين والمستخدمين، ولا تزال اللقطات المؤثرة تتوالى من داخل قطاع غزة المحاصر مع استمرار العدوان الإسرائيلي في ارتكاب جرائمه الوحشية ضد المدنيين الأبرياء، سواء كانوا نساء أو رجالا أو أطفالا،كل فرد في هذه القصص كان لديه بيت وحلم وعائلة وأحباء وجيران وذكريات وقلب، ولكن حتى وإن محى الاحتلال بعضها بفعل قصفه الغاشم وعدوانه المستمر فقد خلدها العالم بطريقة ما عبر الانترنت، بعنوان.. «حتى لا ننسى».