عاجل

ع الزيرو

عثمان علام يكتب: الموت الرحيم لسوق السيارات

عثمان علام
عثمان علام

■ بقلم: عثمان علام

يعاني سوق السيارات من الموت البطيء بعد القفزات السريعة التي تلاحق أسعار السيارات محلياً ، مع أرتفاع سوق صرف العملة ووضع قيود على العمليات الاستيرادية .

ويصعب على أى خبير تفسير ما يحدث فى سوق السيارات ، خاصةً إذا ما وضعنا فى الاعتبار التلاعب فى سعر الصرف من قِبل التجار الذين يتجاوزون سعر الصرف البنكى لسعر السوق السوداء التى باتت تتحكم فى الأسعار سواءً السيارات او غيرها .

كما لا يمكن التنبؤ بما القدرة او المدة الزمنية التى سيتم حل الازمة خلالها ، فليست هناك رؤية واضحة من الخبراء والتجار معاً ، كما أن الحكومة لم تحدد اجلاً لوقف الاستيراد وهذا ما يزيد الأمور تعقيداً .

لكن أفضل ما فى الامر هو تمديد اجل استيراد السيارات من الخارج عن طريق المغتربين والمصريين بالخارج ، وهذا ما قد يساهم فى حل الأزمة جزئياً لحين حدوث انفراجة تعيد السوق لسابق عهده قبل عامين أو اقل .

وإذا كان هناك ترحيب بالمبادرة ، فإن هناك اتجاه لمستوردى السيارات واغلبيتهم شركات تعمل بشكل غير منظم ، وهم يقومون بالاستيراد الشخصى عن طريق اشخاص وهميون يجمعون الدولار من السوق السوداء ويبيعون للعميل بأسعار مرتفعة ولا يقدر عليها سوى من لديه حصيلة تنخطى المليون ونصف المليون جنيه ، وقد ساهم هذا فى وضع قوانين جديدة للسوق ، قوانين تفرض ساسية الأمر الواقع على المواطن الذى تحول هو لتاجر صغير ، يشترى سيارة و "يسقعها"، ثم يبيعها بثمن كبير ، وأنا ضد هذا التوجه وارفضه بشدة ، ويجب منع هذه الابواب الخلفية تماماً .

واقترح جنباً الى جنب ، مع مبادرة سيارات المغتربين ، ان تقوم الدولة ممثلة فى جهة رسمية بتنظيم عمليات الاستيراد الشخصية ، بأن تكون هناك مبادرة اخرى للحكومة ، وتعلم العميل بأن من يريد استيراد سيارة من الخارج يقوم بدفع ثمنها بالدولار فى اى بنك من البنوك الحكومية ، بعدها تقوم الدولة باستيراد السيارات وتنظم هى هذه العملية ، على ان تشترط ان من يستورد سيارة لا يقوم ببيعها قبل سنتين كما كانت تفعل شركة مرسيدس سابقاً .

ويمكن لهذا الاقتراح ان يكون حلاً للقضاء على السوق السوداء ووقف نزيف الدولار وعدم سريان جشع التجار اللامتناهى ، وضرب قوانين الامر الواقع التى راح ضحيتها المواطن الذى لديه طموح فى اقتناء سيارة .

واعتقد ان تجربة bmw فى مصر هى الانجح على الاطلاق ، فقد استطاعت الدولة ان تجذب مستثمر يتحمل مسئولية الاستيراد وضخ اموال فى الخزانة العامة ، وباتت سيارات bmw متوفرة للعملاء بأسعار غير تلك الاسعار التى تباع عبر عمليات الاستيراد الغير منظمة .

يبقى أن يدرك المواطن اهمية عودة سوق السيارات المستعملة لسابق عهده ، وان يتخلص من الارتفاع الجنونى ، فمن لديه سيارة ويريد استبدالها بسيارة مستعملة "من باب التغيير "، لا يغالى فى ثمنها ، ويعطى فرصة لغيره بأن يُقدم على البيع والشراء بسعر معقول ، فمن يبيع بالغالى سيشترى بالغالى ، ومن يبيع بالسعر المتواضع سيشترى بنفس السعر ، وهذا يحتاج لضمير مدرك لأهمية احياء السوق من جديد ، وقد يتطلب الامر حملة إعلامية يشارك فيها كل الخبراء ، ويستقبلها المواطن بصدر رحب وبنفس مطمئنة ، نفس تدرك أن رفع الاسعار لمستوى غير معقول لن يخدم احد وسيتسبب في الركود التام .

كما يجب على الحكومة ان تسارع الخطى فى المشروعات الوطنية التى تخدم سوق السيارات المتعطش فى مصر ، وأن نجد كيانات حقيقية على ارض الواقع قريباً .

وقد وجدنا فى الفترة الماضية تصريحات كثيرة عن تدشين خطوط انتاج وخطوط تجميع لسيارات كهربائية ، لكن حتى الآن ليس هناك ما يعطى الامل للمواطن بأن ينتظر قليلاً وسيجد منتج فى الطريق اليه .

أزمة السيارات فى مصر كغيرها من الازمات ، لا نستطيع ان نحمل الحكومة وحدها المسئولية ، فالجميع شركاء فى ذلك ، والذين صنعوا الأزمة فى مقدورهم حلها ، لأنه لا يُعقل اننا نتحدث عن ندرة فى المعروض بينما نجد البضاعة مكدسة فى المعارض اكثر من السابق ، فهذا امر غير منطقى بالمرة .