بعد مرور أكثر من نصف قرن القضية الفلسطينية فى قلب وعقل المصريين

بعد مرور أكثر من نصف قرن  القضية الفلسطينية فى قلب وعقل المصريين
بعد مرور أكثر من نصف قرن القضية الفلسطينية فى قلب وعقل المصريين

رغم مرور أكثر من نصف قرن من الزمان، تحتل القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى اهتماما كبيرا من جميع الزعماء المصريين خاصة بعد الجلاء البريطانى عن مصر، إلا أن كل رئيس تعامل معها بطريقة مختلفة.

 وارتباط مصر بقضية فلسطين هو ارتباط دائم ثابت تمليه اعتبارات الأمن القومى المصرى وروابط الجغرافيا والتاريخ والدم والقومية مع شعب فلسطين، لذلك لم يكن الموقف المصرى من قضية فلسطين فى أى مرحلة يخضع لحسابات مصالح آنية، ولم يكن أبداً ورقة لمساومات إقليمية أو دولية، لذلك لم يتأثر ارتباط مصر العضوى بقضية فلسطين بتغير النظم والسياسات المصرية، فقبل ثورة 23 يوليو 1952 كان ما يجرى فى فلسطين موضع اهتمام الحركة الوطنية المصرية، وكانت مصر طرفا أساسيا فى الأحداث التى سبقت حرب عام 1948، ثم فى الحرب ذاتها التى كان الجيش المصرى فى مقدمة الجيوش العربية التى شاركت فيها ثم كانت الهزيمة فى فلسطين أحد أسباب تفجر ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار الذين استفزتهم الهزيمة العسكرية.

وعقب عملية «طوفان الأقصى» التى أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية فجر السابع من أكتوبر 2023، جاء موقف القيادة المصرية برئاسة الرئيس «عبدالفتاح السيسي» واضحا ومباشرا، بالتحذير من مخاطر التصعيد بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلي، ومطالبة الاحتلال بوقف اعتداءاته وأعماله الاستفزازية بحق الشعب الفلسطينى والالتزام بقواعد القانون الدولي، وفق ما جاء فى بيان الخارجية المصرية.

اقرأ أيضاً| نيل الأقصر يتلألأ بـ 300 مركب لدعم صغار الصيادين في 4 محافظات

والآن مصر تسعى بشتى الطرق الودية لتهدئة الأوضاع فى قطاع غزة والوصول إلى حلول شاملة وعادلة، وفى السطور التالية نتناول أوجه اهتمام صانع القرار السياسى المصرى بالقضية الفلسطينية منذ 1948 حتى اليوم من خلال السطور التالية:

الملك فاروق وحرب 1948

فى 28 مايو 1946 اجتمع ملوك ورؤساء وممثلو 7 دول عربية في «أنشاص» للتباحث فى قضية فلسطين ومواجهة هجرة اليهود للراضى الفلسطينية وفقًا لميثاق جامعة الدول العربية والذى ينص على وجوب الدفاع عن الدول العربية فى حال وقوع اعتداء، عليها وقرر المجتمعون التمسك بالاستقلال لفلسطين التى كانت قضيتها هى القضية المحورية فى جميع المؤتمرات  .

كما اعلن الملك فاروق عن مشاركة الجيش المصرى فى حرب 1948 حيث أدراك أن الرأى العام المصرى والعربى لديه رغبة فى الاسهام فى عملية انقاذ فلسطين ولمواجهة خصومة السياسيين فى ذلك الحين وهما حزب مصر الفتاة وجماعة الاخوان المسلمين .

عبدالناصر واللاءات الثلاث

وضع جمال عبدالناصر القضية الفلسطينية فى مقدمة اهتماماته لذا كانت دعوته لعقد مؤتمر الخرطوم الذى رفع فيه شعار «لا اعتراف، لا صلح، لا تفاوض» مع اسرائيل، والذى سمى بمؤتمر «اللاءات الثلاث» كما كان  لمصر بقيادة عبدالنصار  دور كبير فى توحيد الصف الفلسطينى من خلال اقتراح انشاء منظمة التحرير الفلسطينية ، كما ساندت مصر فى القمة العربية الثانية التى عقدت فى اسكندرية يوم الخامس من سبتمبر 1964 قرار المنظمة بإنشاء جيش للتحرير الفلسطيني، وفى عام 1969، أشرف عبد الناصر على توقيع اتفاقية «القاهرة» تدعيماً للثورة الفلسطينية، واستمر دفاعه عن القضية الى أن توفى عام 1970.

 السادات وشعار النصر والسلام

كانت نظرة الرئيس الراحل أنور السلادات ثاقبة فى تقدير العلاقات العربية مع اسرائيل لذا اطلق عليه بطل الحرب والسلام بين المثقفين المصريين حيث خاضت مصر حرب أكتوبر بقيادته والتى توجت بالنصر فرفع شعار «النصر والسلام»، ولا يمكن أن نتجاهل مطالبات السادات بحقوق الشعب الفلسطينى خلال خطابة الشهير فى الكنيست الاسرائيلى مطالبا بالعودة الى حدود ماقبل 1967 ، خلال مؤتمر القمة العربى السابع الذى عقد 29نوفمبر 1973 فى الجزائر حيث اقرا المؤتمر شرطين للسلام مع إسرائيل هما انسحاب إسرائيل من جميع الأراضى العربية المحتلة وفى مقدمتها القدس، وفى أكتوبر عام 1975 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراها رقم (3375) بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك فى جميع المؤتمرات المتعلقة بالشرق الأوسط بناءً على طلب تقدمت به مصر وقتها نتيجة أعلان مصر والدول العربية اكتوبر 1974 على مناصرة حق الشعب الفلسطينى فى إقامة السلطة الوطنية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية؛ وكان آخر جهود السادات هو ما بادر به بدعوة الفلسطينيين والاسرائيليين للاعتراف المتبادل .

 

 

 

 

 

مبارك والأرض مقابل السلام

خلال فترة حكم

 

الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك التى امتدت تقريبا 30 عاماً شهدت القضية الفسيطينية تطورات كثيرة وحادة ونتيجة ذلك تطورت مواقف وأدوار مصر لتحقيق الاستقرار فى هذه المنطقة الملتهبة من حدود مصر الشرقية ، وكانت البداية مع سحب السفير المصرى من اسرائيل بعد وقوع مجزرة صبرا وشاتيلا 1982، وفى عام 1989 طرح مبارك خطته للسلام حيث تضمنت ضرورة حل القضية الفلسطينية طبقاً لقرار مجلس الأمن، ومبدأ الأرض مقابل السلام، مع وقف الاستيطان الاسرائيلي، وفى سبتمبر عام 1993 شارك الرئيس الأسبق مبارك فى توقيع اتفاق أوسلو الخاص بحق الفلسطينيين فى الحكم الذاتي، وفى 2003 أيدت مصر وثيقة «جنيف» بين الاسرائيليين والفلسطينيين باعتبارها نموذج سلام لتهدئة الأوضاع فى المنطقة.

وفى عام 2010 عندما تجدد القصف الاسرائيلى على قطاع غزة رفضت القيادة المصرية فتح معبر رفح مؤكدة أنه لن يسمح بتحقيق المصالحة على حساب البلاد، واستمر عطاء مصر حتى مجىء الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى وعد الشعب الفلسطينى بالوقوف بجانبه، بعدما تعرضت غزة مؤخراً لحرب

ثورة 25 يناير

طرحت الثورة المصرية قضية إعادة هيكلة السياسة الخارجية المصرية على بساط البحث، بهدف استعادة دور مصر الإقليمى والعربى والتعامل مع تهديدات الأمن القومى المصرى، وفى إطار هذا السياق كانت العلاقات المصرية الإسرائيلية والعلاقات المصرية الفلسطينية تشغل حيزاً مهماً، وعلى إثر الثورة قامت المظاهرات أمام السفارة الإسرائيلية واقتحام المبنى الملحق بها وإنزال العلم الإسرائيلى،وقد ظهر تأثير هذه الأحداث فى إعادة ترتيب بعض الأوراق، حيث تقدمت إسرائيل وعلى لسان وزير دفاعها باعتذار رسمى عن مقتل 5 جنود مصريين فى 18 أغسطس عام 2011، وبذلت مصر جهوداً كبيرة فى إتمام المصالحة الفلسطينية، بين حماس وفتح، وفتحت معبر رفح وفقاً لترتيبات أمنية جديدة بالتنسيق مع فتح وحماس تجنباً لاتهام مصر بتعزيز الانقسام.وجاء الإعلان عن هذه الترتيبات الجديدة لإدارة معبر رفح عقب توقيع اتفاق المصالحة فى نهاية أبريل عام 2011.

 

السيسى وثورة 30 يونيو والقضية الفلسطينية

حاول البعض المزايدة على دور مصر على الصعيد الانسانى أيضا وبالطبع المنشور فى هذا الصدد مجموعة أكاذيب حيث أشاد رئيس العمليات لمنطقة الشرق الأوسط باللجنة الدولية للصليب الأحمر روبير ماردينى بالتعاون الوثيق بين اللجنة والحكومة المصرية فى إطار الجهود المبذولة لتخفيف معاناة الشعب الفلسطينى فى أزمته الراهنة. وثمَّن روبير ماردينى فى هذا الصدد سماح السلطات المصرية بدخول عشرات المصابين الفلسطينيين للعلاج فى المستشفيات المصرية، فضلاً عن السماح بدخول شحنات المساعدات من الأدوية والمواد الغذائية والمهمات الطبية 

 

ويجب الإشارة إلى أن الرئيس السابق عدلى منصور حقق إنجازا خاصا بالقضية الفلسطينية ، حيث نجحت مصر فى عهده فى إقناع حركتى «فتح وحماس» بالتوقيع على اتفاقية المصالحة التى طالما سعى إليها وأكد عليها فى لقاءاته وحواراته خلال عشرة أشهر.

وبعد تولى الرئيس السيسى ظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمصر وبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطينى الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها، فضلاً عن الجهود الإنسانية التى قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين والمساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطيني

ولكن مصر دائما رائدة وفى ظل حربها ضد الارهاب ومواجهة المشاكل الاقصادية وجدنا الرئيس عبدالفتاح السيسى يعلن خلال لقاءاته مع المسئولون الفلسطنيين وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس وخلال كلمته بمحافظة اسيوط خلال افتتاح احد المشروعات فى مايو 2016 على عدة محاور:

• مصر ستواصل مساعيها الدءوبة من أجل إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

• التوصل لتسوية عادلة وشاملة من شأنه أن يدعم استقرار المنطقة ويسهم فى الحد من الاضطراب الذى يشهده الشرق الأوسط،

• ضرورة الحفاظ على الثوابت العربية الخاصة بالقضية الفلسطينية .

• تدعم الفلسطينيين فى خطواتهم المقبلة سواء بالمشاركة فى تنفيذ المبادرة الفرنسية، أو الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي.