السؤال الحقيقى: متى توقف أمريكا مشاركتها فى جرائم إسرائيل؟

جلال عارف
جلال عارف

كالمعتاد.. يأتى مستشار الأمن القومى الأمريكى «سوليفان» لإسرائيل ويبدأ جولة من المحادثات، ثم يعقبه وزير الدفاع ووزير الخارجية، وبعد ذلك كانت غزة تتعرض لموجة جديدة من حرب الإبادة التى بدأت قبل سبعين يومًا.. هذه المرة يختلف الموقف بعد أن ظهرت الخلافات بين الرئيس بايدن ورئيس حكومة عصابات اليمين الارهابى فى إسرائيل «نتنياهو» إلى العلن، وإن كانت كل هذه الخلافات لا تمنع حتى الآن استمرار التحالف الأمريكى الإسرائيلى الذى مازال يصر على استمرار الحرب.. ولكن كيف؟ وإلى متي؟.

«سوليفان» نفسه يقول إن مباحثاته تتركز على جدول زمنى للحرب التى كانت أمريكا تصر على أن تنتهى خلال أسابيع، ثم على الموقف فى غزة (وفلسطين) بعد الحرب، وهو جوهر الخلاف المرشح للتصاعد بين الحليفين الصهيونيين (نتنياهو وبايدن) بعد أن أدرك الرئيس الأمريكى ولو متأخرًا أن دعمه لحرب الإبادة التى تشنها إسرائيل قد وضع أمريكا أمام خطر السقوط الأخلاقى فى عالم يتآكل فيه التأييد لإسرائيل وتسترجع فيه القضية الفلسطينية مكانتها كقضية تحرر وطنى وكفاح شعب ضد احتلال عنصرى وجرائمه البشعة على مدى نحو قرن من الزمان.

كان السقوط الإسرائيلى فى 7 أكتوبر رهيبًا من كل النواحى السياسية والعسكرية والاستخباراتية.. وواضح أن أمريكا خشيت من انهيار إسرائيلى كامل أو سارعت لتنفيذ أحد السيناريوهات الجاهزة للاستخدام عندماً تكون حليفتها إسرائيل فى خطر.. وهكذا كانت حاملة الطائرات الأمريكية تتحرك فى اليوم التالى لحماية إسرائيل، وكانت كل إمكانيات أمريكا السياسية والعسكرية والاقتصادية توضع لمنع توسع الخطر على إسرائيل.. ومع تدفق السلاح والخبراء الأمريكان لجيش إسرائيل كان الظن أن «رد الضربة التى تلقتها إسرائيل» لن يستغرق إلا أسابيع خاصة بعد تجييش القدرات الأمريكية لحشد دعم الدول الغربية المطلق لإسرائيل والسير وراء روايتها الكاذبة التى تبنتها أمريكا.. وربما ساهمت فى صنعها!!

الآن.. وبعد سبعين يومًا من «حرب الإبادة» تفشل إسرائيل فى تحقيق أى من أهداف الحرب رغم وحشية آلة القتل التى أدت لاستشهاد ما يقرب من 19 ألف فلسطينى معظمهم من الأطفال والنساء، وتدمير غزة بصورة تتفوق فيه على النازية، وتصدم بها الحلفاء قبل الأعداء وهم يرون أن دعمهم يذهب إلى «إبادة جماعية» لشعب فلسطينى والى جرائم حرب لن يستطيع «الڤيتو» الأمريكى أو الدعم الغربى أن يستمر طويلًا فى منع العقاب عليها أو التستر على مجرمى الحرب الذين ارتكبوها..

وفى مقدمتهم نتنياهو وباقى زعماء عصابات التطرف والإرهاب فى حكومته التى كان حتمًا أن تقود إسرائيل من فشل إلى آخر ومن جريمة حرب إلى جرائم أكثر فداحة!

الآن.. لم يعد ممكنًا أن يأتى مهندسو الحرب من الجانب الأمريكى (سوليفان ثم وزير الدفاع أوستن ثم وزير الخارجية بلينكن) لإسرائيل ليواصلوا المهمة بل لإبلاغ نتنياهو وحلفائه أن الوقف قد حان لإنهاء الحرب أو تحمل مسئوليتها وحدهم!!..

فلم يعد فى إمكان الإدارة الأمريكية أن تواصل دعم الإبادة الجماعية للفلسطينيين أو أن تكون شريكة فيها.. ولم يعد فى إمكان الإدارة الأمريكية تحمل المزيد من الفشل السياسى والعسكرى الإسرائيلى، ولم يعد ممكنًا أيضًا أن تترك نتنياهو يقضى على ما تبقى من مصداقية لأمريكا وهى تشارك فى هذه الجريمة وتسقط أخلاقيًا.. قبل أن تسقط سياسيًا أمام شعوب العالم!

ولاشئ يوقف ذلك إلا موقف حاسم ينهى النفاق السياسى الذى كلف أمريكا الكثير، ويقول بحسم: هذه الإبادة الجماعية لابد أن تتوقف، ولا يمكن أن تستمر بعد ذلك، ولا أن تكون أمريكا شريكة فيها!!

هل تفعلها أمريكا.. أم تستمر فى الطريق الخطأ؟!.. هذا هو السؤال!