إنها مصر

تحديات السنوات القادمة

كرم جبر
كرم جبر

نعظّم موقف الرئيس القوى الصلب العنيد الهادئ الواثق فى دفاعه عن الأمن القومى المصري، وتصديه للمؤامرات التى تستهدف النيل منه، ويجسد الإقبال الكبير فى الانتخابات الرئاسية تفويضاً جديداً وتأييداً لكل ما اتخذه من خطوات.

 وخروج المصريين بالملايين وهم يرفعون أعلام مصر، يذكرنا بالمرة الأولى لانتخاب الرئيس عام 2014، يوم شعر الجميع بأن وطنهم المختطف فى أمس الحاجة لزعيم يخلصه من بين أنياب وبراثن الجماعة الإرهابية.

 وكان سر الإقبال هو الشعور بالخوف على مصر من مصير مجهول، على يد جماعة صممت أن تحكم مصر أو تحرقها، واختزلت شرعيتها فى أطماعها فى السلطة، واعتبرت الديمقراطية مثل عربة الشيطان، التى تركبها ثم تقفز منها بعد وصولها للحكم وتحرقها بمن فيها.

 وتكرر الإقبال فى الانتخابات الأخيرة - أيضاً - خوفاً على مصر، من مؤامرة إسرائيلية دنيئة للمساس بسيادة واستقلال الوطن، تحت أكذوبة التهجير القسري.. فسيناء التى حررتها مصر من إسرائيل والإرهاب، هى بالفعل خط أحمر ومقبرة للغزاة.

 وامتدت النظرة للأمن القومى المصرى إلى الدول المجاورة، المشتعلة بالأحداث وعدم الاستقرار، والوعى بأن لنا وطنا نعيش بين جدرانه وتحت سقفه ويجب أن نحافظ عليه ولا نسمح أبداً بعودة الفوضى تحت أى شعار.

البيت الكبير - مصر - ولا تشعر بقيمة البيت إلا المرأة التى لا تغفو عيونها إلا إذا اطمأنت على سائر أفراد أسرتها، وكان خروجها المكثف أيام الانتخابات تعبيراً عن الخوف على بيتها الكبير من شرارة الأحداث فى المنطقة.

 وأعجبنى جداً شباب اللجان الانتخابية، وهم يحتشدون أمام اللجان لضبط المنظومة الانتخابية والتيسير على الناخبين، فهؤلاء هم شباب مصر الحقيقيون، الذين يزيلون من الأذهان الصور السلبية لبعض شباب الميادين، الذين حرقوا بعض الممتلكات العامة والخاصة، والآن جاءوا ليثبتوا أن الصندوق هو البديل الآمن للديمقراطية.

 وامتدت النظرة إلى الأمن القومى المصري، لتشمل اختيار رئيس يستطيع أن يواجه التحديات الكثيرة التى تواجه البلاد، ليصل بها إلى بر الأمان، ولا يخفى أن الأولوية فى الشأن الداخلى سوف تكون للقضايا الاقتصادية ورفع المستويات المعيشية.

 الغلاء ليس شبحاً يعبث فى الخفاء، والدولة التى استطاعت تحقيق الأمن الغذائى فى أصعب السنوات بعد 2011 تستطيع أن تفعّل كل أدواتها ووسائلها لمواجهة الأزمات وضبط منظومة الأسعار والقضاء على الاختناقات.

 ولم تكن الأحداث العالمية العاصفة من الجائحة حتى الحرب الأوكرانية إلا اختباراً حقيقياً لقوة الاقتصاد المصري، ولولا المشروعات الكبرى لكان الموقف شديد الصعوبة، وعليها يكتمل البناء بمشروعات إنتاجية لتوفير مختلف الاحتياجات.

 وامتدت النظرة للأمن القومى المصرى لتعظيم قوة مصر الناعمة والحفاظ عليها، وفى صدارتها المكونات الثقافية للمواطنة التى عالجت آثاراً نفسية متراكمة منذ مئات السنين، وواجهها أسلوب المعالجة فى عدالة الدولة فى تعاملها مع سائر المصريين، واحتوائهم جميعاً تحت عباءة الهوية المصرية.

 السنوات القادمة هى ترسيخ معالم الدولة وفقاً للمعايير الدولية السائدة فى الدول التى جعلت الديمقراطية سبيلاً وحيداً للتغيير والحكم، حفاظاً على الأوطان من تيارات الفوضى والاضطراب.