جيل 30 يونيو.. الشـباب في المقدمة| الاحتشاد بالملايين رسالة للعالم بأن مصر على قلب رجل واحد

جيل 30 يونيو
جيل 30 يونيو

محمود بسيونى

ذكر مشهد احتشاد المصيينبالملايين أمام لجان الاقتراع فى الانتخابات الرئاسية 2024 بالمشهد المهيب لاحتشادهم فى الشوارع قبل عشر سنوات فى ثورة 30 يونيو وإسقاطهم لمؤامرة حكم تنظيم الاخوان الإرهابى، رسائل دعم لمشروع الجمهورية الجديدة وتجديد للثقة فى مسار ثورته التنموى واستكمال بناء مشروعاته القومية الواعدة.

كان المشهد واضحا فى دلالاته ومؤكدا أن المصريين على قلب رجل واحد فى مواجهة مخططات التهجير القسرى لأهالى غزة إلى سيناء وانهم داعمون لقرارات الرئيس عبدالفتاح السيسى الرافضة لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الأراضى المصرية وثقتهم فى مسار الإصلاح السياسى الناتج عن الحوار الوطنى والذى أفرز مشهد التنافسية فى الانتخابات الرئاسية لأول مرة.

 فرحة المصريين أمام صناديق الاقتراع امتداد لمشاهد الفرحة بالحرية والكرامة الإنسانية الذى شعر به المصريون فى 30 يونيو عام 2013، والفرحة بالاستقرار والأمن الذى تنعم بهم مصر فى إقليم مضطرب.

دائما ما تظهر معادن المصريين وقت الأزمات، اتحدوا أمام من حاول اختطاف الوطن وأعادوه إلى المكانة التى يستحقها، وما إن شعروا بأن خطرا يحيط بجزء أصيل من وطنهم، خرجوا فى مشهد مهيب بجميع الميادين ليعلنوا التأييد الكامل لكل قرارات القيادة السياسية، وتأكيدا على حالة الالتحام الوطنى خرجوا مرة أخرى للمشاركة فى انتخابات الرئاسة 2024 بكثافة غير مسبوقة. 

الشباب يتقدمون الصفوف

وكما كان المشهد فى ثورة 30 يونيو 2013، تقدم الشباب بعد ما يقرب من 10 سنوات، صفوف المشاركين فى الانتخابات الرئاسية 2024، والتى بدأت عملية التصويت فيها بإقبال كبير على لجان الاقتراع للمصريين فى الخارج، ومع فتح باب التصويت فى الداخل، سيطروا على المشهد فى مناخ ديمقراطى وحضارى يعبر عن وعى وفهم من جانب المصريين.

هؤلاء الشباب الذى حضروا مع أمهاتهم وآبائهم ثورة 30 يونيو وهم أطفال يستكملون المسار الداعم للدولة المصرية، الشباب يلمسون ملامح اهتمام الدولة بهم وبتمكينهم السياسى ودعمهم عبر تأهيلهم لوظائف المستقبل.

قبل بدء فتح لجان التصويت، سيطر الشباب على المشهد أمام مقار التصويت فى مختلف محافظات الجمهورية، وتطوع الآلاف منهم للمساهمة فى تنظيم العملية الانتخابية فى مشهد يعبر عن المستوى الحضارى الذى وصلوا إليه بفعل البرامج والدورات التى تقدمها الدولة لهم على مدار السنوات الماضية، وعلى رأسها مبادرات الأكاديمية الوطنية للتدريب، والبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب على القيادة، وغيرها الكثير.

ونظرًا لتطور المستوى التعليمى والثقافى للأجيال الجديدة، فقد ساهم فى زيادة وعى الشباب بالحقوق السياسية وضرورة المشاركة بإيجابية عدد من العوامل أبرزها: اهتمام القيادة السياسية بفئة الشباب وتمكينهم سياسياً واجتماعياً خلال السنوات التسع الماضية، وزيادة عدد البرامج الموجهة للشباب سواء من قبل مؤسسة رئاسة الجمهورية أو وزارة التخطيط أو الشباب والرياضة أو التعليم العالى والتربية والتعليم، وفتح باب التطوع على مصراعيه خلال الفترة الأخيرة من خلال مؤسسة حياة كريمة أو التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى.

بما انعكس إيجاباً على مشاركة الشباب فى الحياة العامة وتنمية مجتمعاتهم المحلية.
وبحسب تقرير للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أشاد فى تقريره الثالث عن متابعة الانتخابات الرئاسية 2024، بمشاركة الشباب الكثيفة فى عدد كبير من مراكز الاقتراع، بالإضافة إلى المشاركة النسائية الحاشدة فى أغلب المقرات الانتخابية.

وأكد التقرير، أن الخروج الكبير للمصريين بهذا الشكل وبعد 10 سنوات على ثورة 30 يونيو يعد تأكيداً على حالة الاستقرار السياسى والمجتمعى التى تعيشها مصر بعد سنوات من مواجهة تحديات ومخاطر لم تشهدها من قبل.

وأشار المركز، إلى أن النسبة التى أعلنت عنها الهيئة الوطنية تعد هى الأكبر فى تاريخ الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية السابقة، مؤكدا أن هذه المشاركة غير المسبوقة تعكس إدراك الناخب المصرى أن هذه الانتخابات تجرى فى ظل تعددية حزبية وسياسية وضمانات بنزاهة الانتخابات، بالإضافة إلى إدراكه ووعيه بحجم التحديات التى تواجهها مصر فى هذه المرحلة داخليا وخارجيا، الأمر الذى يتطلب أن يكون له دور رئيسى فى اختيار الرئيس الذى سيتولى مسئولية البلاد خلال السنوات الـست القادمة.

فيما قال ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إن الانتخابات الرئاسية 2024 هى الانتخابات التعددية الخامسة فى تاريخ مصر، منذ تعديل الدستور عام 2005 بعد أن كان اختيار الرئيس يجرى بالاستفتاء.

وأضاف أن الانتخابات الرئاسية 2024 هى الثالثة بعد ثورة 30 يونيو، وهى مرتبطة ارتباطا وثيقا بحدث آخر مهم وهو الحوار الوطنى الذى أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 26 أبريل 2022، وامتد عاما ونصف من العمل والجلسات، وأعاد ترميم الجسور بين القوى السياسية فى مصر.
فاعلية الأحزاب السياسية

ولفت إلى أن الانتخابات الرئاسية شهدت ترشح 3 رؤساء أحزاب سياسية من 3 مدارس مختلفة وكلهم شاركوا فى الحوار الوطنى، إضافة إلى رئيس الجمهورية الحالى الرئيس عبدالفتاح السيسى، فبالتالى هى خطوة أحرى على طريق الإصلاح السياسى تنضم إلى ما تم تحقيقه.

وأوضح أن الانتخابات الرئاسية هى جزء من عملية الإصلاح السياسى، وستكون مقدمة لانتخابات المحليات والشيوخ والنواب، والتجربة أسفرت عن عدم وجود أى اتهامات متبادلة بين المتنافسين، وكان التنافس طبيعيا، وهى فرصة لكل الشركاء السياسيين أن يناقشوا.

وكان عودة الأحزاب إلى المشهد ونجاح حملات الحشد أمرا مهما فى مسار الإصلاح السياسى، وأظهرت الانتخابات أيضا، تعددية وقدرة للأحزاب السياسية المختلفة على المشاركة بفاعلية فى المشهد الانتخابى، حيث ضمت الانتخابات 3 مرشحين بخلفيات حزبية مختلفة، ودعمت أحزاب أخرى ترشح الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى لا ينتمى لحزب سياسى وقرر خوض الانتخابات بصفته المستقلة والمرشح حازم عمر حظى بدعم كبير من حزب الشعب الجمهورى الذى يتمتع بقاعدة شعبية مكنته من حصد 50 مقعداً فى مجلس النواب ما يعنى قدرته على حشد المواطنين للتصويت بعد أن نشر برنامجاً انتخابياً قائماً على 3 محاور اقتصادى واجتماعى وسياسى وتمكن من الوصول إلى عدد كبير من المواطنين من خلال التحركات الميدانية والتواصل عبر منصات التواصل الاجتماعى المختلفة.

أما المرشح عبد السند يمامة، فتمتع بدعم القاعدة الشعبية لحزب الوفد الذى يعد أعرق الأحزاب السياسية فى مصر، وقد عملت حملته الانتخابية على الحشد والتصويت لصالحه وقد تمكن المرشح فريد زهران من تقديم نفسه ممثلا عن أحزاب المعارضة، حيث يترأس حزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، وسانده عدد من أحزاب المعارضة فى حملته.

وتشير نسب التصويت المعلنة من قبل عدد من اللجان العامة فى مختلف محافظات الجمهورية والتى جرى رفع محاضر الفرز الخاصة بها إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، إلى أن معدلات المشاركة والتصويت فى الانتخابات الرئاسية 2024 تجاوزت نظيرتها فى الاستحقاقات الدستورية السابقة، سواء انتخابات رئاسية أو نيابية أو استفتاءات وطنية.

اصطفاف على حب الوطن

مبادئ ثورة الـ30 من يونيو، اتضحت من خلال حالة الاصطفاف الوطنى خلف مؤسسات الدولة وقيادتها السياسية لمواجهة التحديات الإقليمية وحفظ الأمن القومى المصرى، حيث مثلت التطورات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة الأولوية الأبرز ضمن شواغل الشارع المصرى على مدار أكثر من شهرين وقد استشعر المصريون الخطر الحقيقى الناجم عن الضغوط الأمريكية والأوروبية لتنفيذ سيناريو تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما وضح جلياً فى رفض الولايات المتحدة ومن ورائها عدد من دول أوروبا كل محاولات وقف إطلاق النار أو التهدئة فى المحافل الدولية لذلك خرجت الملايين لتؤكد على رسالة صريحة للخارج مضمونها أنّ وحدة الصف المصرى غير قابلة للاختراق.

إشادة دولية بشفافية الانتخابات

وأعاد المشهد نفسه مرة أخرى، وكما أشاد العالم بتحضر المصريين فى ثورة 30 يونيو، خرج العالم مجددا ليشيد بوعى وفهم المواطن المصرى خلال مشاركته فى انتخابات الرئاسة، وعبرت المنظمات المتابعة للعملية الانتخابية عن سعادتها بهذا الأمر، خصوصا التنظيم الجيد والمناخ الديمقراطى الذى جرت فيها انتخابات الرئاسة.

وأشاد فريق المتابعين الدوليين للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، بشفافية الهيئة الوطنية للانتخابات فى مصر، فى الإقرار بتأخر فتح لجان معينة، والاستجابة لشكاوى الناخبين المتعلقة بطرق وإجراءات التصويت ببطاقة الرقم القومى غير السارية، وكذلك تيسير تعديل مكان لجان الاقتراع، بما يتناسب مع احتياجات الناخبين من كبار السن أو الأشخاص ذوى الإعاقة.

وأشار الفريق فى تقريره إلى توافر مقومات تمكين الأشخاص ذوى الإعاقة وكبار السن للإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات الرئاسية المصرية، وتوافر المعلومات والإرشادات فى أماكن واضحة خارج غرف اللجان الفرعية؛ فضلًا عن توافر الأدوات لتنفيذ ضوابط الهيئة الوطنية للانتخابات من قبل رؤساء اللجان، كما جرى التأكد من استخدام أوراق التصويت الخاصة بالأشخاص ذوى الإعاقة البصرية بطريقة برايل.

وأوضح الفريق أنه رصد التأكد من إجراءات إدلاء الوافدين بأصواتهم بسهولة ويسر ومحاولات ضمان عدم تكرار التصويت، ولفت إلى توافر العنصر النسائى فى لجان الاقتراع بالانتخابات الرئاسية، من أجل التحقق من الناخبات المنتقبات إلى جانب توافر المتطلبات الطبية فى العديد من اللجان؛ لمواجهة أى طارئ صحى قد يتعرض له الناخبون أثناء مشاركتهم.

كما لاحظ الفريق تزايد الإقبال فى لجان الوافدين فى مختلف المحافظات المصرية واستمرار إجراءات التأمين بشكلٍ مكثفٍ على مقار الاقتراع، مشيدًا بالاستقبال المُقدر من رؤساء اللجان لفرق المتابعين.

من جانبها أكدت البعثة المشتركة للاتحاد الافريقى والكوميسا لمتابعة الانتخابات الرئاسية بمصر لعام 2024 أنها تابعت عملية فتح مراكز الاقتراع فى 26 مركزا، إذ بدأت غالبية مراكز الاقتراع فى الموعد المحدد الساعة 9 صباحا، وحدث تأخير بسيط لمدة تقل عن 45 دقيقة فى 23% فقط من مراكز الاقتراع التى تمت مراقبتها.

ووصفت البعثة التصويت فى مصر بأنه «فريد من نوعه» لأنه يتم على مدى ثلاثة أيام، وساعات التصويت الرسمية تمتد من الساعة 9:00 صباحاً حتى 9:00 مساءً، بواقع اثنتى عشرة ساعة لكل يوم، وأثنت البعثة على الهيئة الوطنية للانتخابات لإشراك المرأة فى إدارة الانتخابات.

وأشادت البعثة بالموقف الإيجابى العام الذى اتخذته الهيئة الوطنية للانتخابات لتنفيذ بعض التوصيات الصادرة عن بعثات مراقبة الانتخابات السابقة بما فى ذلك وضع مبادئ توجيهية بشأن أدوار ومسئوليات أفراد الأمن أثناء التصويت.

من جانبه قال كوفى كانكام رئيس ائتلاف نزاهة الدولى لمتابعة الانتخابات الرئاسية المصرية 2024 ورئيس مجموعة المنظمات غير الحكومية الكبرى فى أفريقيا:»رأينا وأبهرنى حماس وفرحة المصريين بسبب التنظيم وسهولة التصويت فى لجان الاقتراع.. ولفت انتباهنا حماس المصريين ومشاركتهم فى العملية الانتخابية، لضمان تحقيق التنمية المستدامة فى نهاية الأمر.. ورأيتهم يلوحون بأعلام مصر.. كان هذا أمرا رائعا للغاية».