«الزعر 3» قصة قصيرة للكاتب محمد كمال سالم

محمد كمال سالم
محمد كمال سالم

باب الخلق...

ينهرهم صبي المعلم مرسي الزعر ويطردهم.

يأخذ بدر أخوه عوض والصغيرة نفيسة؛ ليُفَطِرهُم على عربة (الفول المدمس)، فقد أصبح من الآن هو كبيرهما والمسئول عنهما.

 لو كان يعلم صبي الزعر ما في حوزتهم من كنز ثمين وأموال طائلة؛ ما تركهم ينصرفوا في سلام؛ كانت ملابسهم القروية وما نالها من وحل الطريق الطويل والسفر، ورقة حالهم؛ منجية لهم من هول ما نزلوا وهم لا يشعرون.

فقد أصبحت المنطقة كلها، تحت سيطرة مرسي الزعر وأعوانه الذين أتى بهم من مشارق البلاد ومغربها، استولوا على بيوت من استضعفوهم من أهل الدرب الأحمر، واشتروا البعض الآخر ممن لا يدرك خطورة الزعر وعصابته.

والشيخ حسن لم تنته معركته معه ولا الخصومة، منذ أن اغتصب بيت أمه نكاية فيه وفي زوجته فاطمة، كان يحسبه وحيدا لا أخوة له ولا سند، فقط انشغل في زوجته فاطمة لما أنجبت (عبد الله ثم الشيماء)

كان قد أرسل لأخوته في أقطار المحروسة، الذين كَبِروا وشَقْوا سُبلَهم في الحياة (سُعْدَه وفارس وأشجع وهاشم) ... بالإضافة لأبناء عمومته وأخواله، أرسل إليهم جميعا استغاثات كثيرة، كانوا جميعا يسوفون ويماطلون، لكنه لم يفقد الأمل أبدا إنهم يوما سيلبون النداء.

لكن فطنته لم تمنعه أيضا، من إدراكه من تغول الزعر وتوغله، وإنه لا يترك مناسبة أو فرصة إلا ودعم بها مكانته وأوضاعه في المنطقة والحي بأكمله، وكان أخطر وأعظم ما حدث في هذا الشأن؛ زواجه من المعلمة نعمات الشهيرة (بأم المحيط) وأم ألمحيط هي رئيسة عصابة لبيع المخدرات والسلاح بمنطقة المجاورين أسفل جبل المقطم، ذائعة السيط في أنحاء المعمورة ولها سلطان ونفوذ حتى مع الحكومة، وكانت في السابق متزوجة للمعلم (حِتْه) تاجر المخدرات في الباطنية.

منحت هذه الزيجة للزعر قوة فوق قوته وسلطان على أهل الحي، وأصبح له من اسمه نصيب كبير، بات أهل الدرب الأحمر وأصبحوا في رعب وزعر، كلما هب معترض أو مكافح للظلم في المنطقة؛ ذاقوه وبال أمره واغتصبوا بيته وأهانوه هو ومن ينتصر له.     

والشيخ حسن الذي كان بمثابة سلطان هذا الحي، أصبح مهمشا مهددا في طريقه وبيته قلقا على زوجته وعياله، كان يوقن أنه لم يعد يمنعهم عنه إلا جلال وسمعة المسجد الذي يحوي ضريح الشيخ (أبو خطوة) وقداسته عند الناس، وقد نما إلى علمه أن هذه الفئة الباغية راحت تفكر في كيفية الخلاص من هذا المسجد وهذا الضريح المقدس، ثم الخلاص منه هو شخصيا.

احتار الأخوة الثلاثة في إيجاد سكن مناسب يأويهم، لو وجدوا مطرحا بأثاثه؛ رفضهم المالك خشية من هيئتهم التي توحي بأنهم لن يستطيعوا سداد قيمة الإيجار، أو بديلا بدون عفش أو أساس كان لا يناسبهم.

إلى أن دلهم نادل المقهى على أحد السماسرة، المعلم (خشبة الحانوتي) الذي كان لديه خبر الأموات، وخبرة في الأحياء أيضا وقد استسمح هيأتهم وفطن أنهم أولاد أصول حسنة فبادرهم:

_طلبكم عندي في (باب الخلق) 

"القصر الخلفي"