عاجل

يوميات الاخبار

فرحة الانتخابات الرئاسية

علاء عبدالهادى
علاء عبدالهادى

خسرت اسرائيل، ولم تجد من حل لتحسين صورتها بعد الورطة التى وضعها فيها المحررون من الأسرى الإسرائيليين

كالعادة يفاجئك المصريون بما يفوق أحيانًا التوقعات، حيث لم يكتفوا بالخروج لأداء واجبهم الانتخابى فى الانتخابات الرئاسية بالأحجام المعتادة أو حتى المتفائلة، بل تجاوزوا كل ذلك، أراد المواطنون أن يوصلوا رسائلهم للداخل والخارج .. رسائل تقول أننا نقول نعم لسياسات أوصلتنا الى وطن آمن مستقر وسط محيط ملتهب من كافة الجبهات.

الناس ذهبت فى الأساس لتقول أننا نعرف صعوبات المرحلة، ودقتها، ومخاطرها فى الداخل والخارج، ولكننا لازلنا نثق فى دولتنا، وأن الله لا يضيعنا.
ذهبوا لكى يوصلوا صوتهم للعالم: أننا مع مصر، ومع قواتنا المسلحة فى كل إجراء تتخذه بقيادته لحماية ترابنا الوطنى، وإفساد أية محاولة للعبث بخريطة مصر التى لم تتغير من أيام الفراعنة.

بعد انتهاء العرس الإنتخابى، يبدأ دس السم فى العسل، ومحاولة العكننة على المصريين، وافساد فرحتهم بانتخاب رئيسهم، عبر عملية انتخابية، استوفت أركانها الديموقراطية والتشريعية، بشهادة المراقبين الدوليين الذين تابعوا العملية من بدايتها الى نهايتها ، محاولات العكننة تبدأ بمحاولة الترويج لأخبار كاذبة، وأخرى مختلقة أو مفبركة، أو منتقصة، وأبسط أشكال العكننة تتبدى ليل نهار، ولكن وعى شعبنا لها بالمرصاد.

متلازمة غزة

فى أغسطس من عام 1973 وقعت محاولة كبرى لسرقة بنك فى مدينة ستوكهولم فى النرويج، وأثناء المحاولة احتجز اللصوص المهاجمين عدداً من موظفى البنك كرهائنَ، وعندما تنبهت الشرطة للأمر حاصرت البنك وبداخله المهاجمين والرهائن .وخلال فترة التفاوض بين السلطات والخاطفين، والتى استمرت لمدة ستة أيام، تعلق الرهائن عاطفياً ونفسيًا بالخاطفين، بل ورفضوا، مساعدة الجهات المسئولة فى الشرطة والنيابة، ولم يكتفوا بذلك بل تطوعوا للدفاع عن الخاطفين فيما بعد.

انتهت الأزمة، مثلما انتهت مئات الجرائم المشابهة، ولكن الأمراستوقف نيلز بيجيروت، المختص بعلم الجرائم والأمراض النفسية، والذى كان مستشاراً نفسياً للشرطة النرويجية فى وقت وقوع الحادث، وبدأ يحلل الواقعة ويدرسها من كافة جوانبها النفسية، ويبحث فى الأسباب التى أدت الى تبنى المخطوفين قضية الخاطفين، بل والدفاع عنهم، ومنذ ذلك الوقت تم سك مصطلح «متلازمة ستوكهولم» للحديث عن كل حالة مشابهة يتبنى فيها المجنى عليه خطاب الجانى.
وكانت باتى هيرست الأكثر شهرة بين الذين ينطبق عليهم توصيف «متلازمة ستوكهولم»، حيث تعرضت للاختطاف من قبل مجموعة سياسية لأخذ فدية من عائلتها الثرية، وبعد شهرين من احتجازها تطوعت بإرادتها لمساعدتهم فى السرقة واستمراحتجازها لمدة سنة انضمت خلالها للمجموعة واعتنقت أفكارهم وشاركت معهم فى جرائمهم.

ولكن ظهر مصطلح عكسى لـ «متلازمة ستوكهولم»، أسماه العلماء «متلازمة ليما» وفيه يختلف أحد الخاطفين مع زملائه وينشق عليهم ويطالبهم بإنهاء العملية، ويتعاطف مع الرهائن أو الضحايا ،حدث ذلك عندا قامت مجموعة باحتجاز رهائن كانوا يحضرون حفلة للسفارة اليابانية فى بيت السفير فى ليما، ولكنهم تعاطفوا معهم واطلقوا سراحهم .

دعونا من متلازمة» ليما «، ولنعد إلى متلازمة «ستوكهولم»، حيث أرى أن شيئًا مما حدث فى الحرب الوحشية على غزة ينطبق عليه هذا الوصف .. حيث تابع العالم لحظة بلحظة عملية تبادل المختطفين من النساء والأطفال بين حركة حماس وبين الكيان المحتل، رأوا عبر شاشات الفضائيات كيف كسر اليهود عظام الأسرى من النساء والأطفال الفلسطينيين ونكلوا بهم وبأسرهم، ورأوا فى الوقت نفسه كيف غادر المختطفين من الإسرائيليين آمنين، وكيف كانوا يسلمون على الخاطفين الملثمين، رأى العالم كيف عادت مختطفة بكلبها الذى شاركها الأسر أكثر من شهرين دون أن ينالهما أى أذى ، كل هؤلاء وأثناء تسليمهم للصليب الأحمر، وأيضًا عقب عودتهم أرسلوا رسائل للعالم تبنوا فيها بصورة أو بأخرى لغة أهل غزة، ولم تستطع احداهن أن تقول كلامًا تشوه به حسن المعاملة، الظروف كانت شديدة الخطورة على الجميع ، ولكنهم وسط كل هذا أحسنوا معاملتهم وأمنوا لهم العلاج والطعام والشراب ، ولم يؤذ أحدًا بدنيا أو نفسًا ، هذا ماقالوه حتى عقب عودتهم.

ووجدت إسرائيل نفسها فى ورطة لم تكن حالة السيدة الإسرائيلية التى تركوها وطفلها تعود دون أذى يوم 7 أكتوبر استثناء، ولم يكن حديث العجوز الإسرائيلية التى رجعت وتحدثت وأوقعت الجميع فى الداخل الإسرائليى فى حرج أمر عابر، فماذا يفعلون فى لغة الجسد التى تبتسم فيها المخطوفة لخاطفيها وتلقى عليهم السلام وتودعهم .

العالم كله وجد نفسه أمام روايتين: رواية مفككة مفتعلة تتحدث عن اغتصاب وتحرش وقطع لرؤوس أطفال ورضع، بدون دليل واحد، وبين رواية قالها «المخطوفون من قبل حماس بعد إطلاق سراحهم .. لم نقل أنهم تبنوا قضية حماس، أو انهم تبرأوا من إسرائيل، ولكنهم تحدثوا عن واقع آخر كان أساسه حسن المعاملة، واحترام إنسانية وكرامة الآخر.

خسرت اسرائيل، ولم تجد من حل لتحسين صورتها بعد الورطة التى وضعها فيها المحررون من الأسرى الإسرائيليين، الا باللجوء الى طبيبة نفسية ادعت أن حماس اعطت للمختطفين حبوب سعادة ليظهروا أمام الرأى العام بالصورة التى ظهروا بها.

إسرائيل اختطفت الرأى العام العالمى لعقود، وكانت تحتكر وحدها الرواية الصحيحة، ولكن الحرب على غزة كشفت الوجه الحقيقى الحقير والقمىء للصهوينية وللإسرائيليين، تخيل هذه الفيديوهات التى هزت الضمير العالمى مقابل مشاهد أخرى، يقوم فيها جندى إسرائيلى وزملاء كتيبته بإهداء ابنته بتقديم هدية مباشرة «لايف» عبارة عن هدم بيت فلسطينى على سكانه بعد بدء العد العكسى الجماعى!! ومشاهد أخرى لمجندات إسرائليات يكتبن رسائل عنصرية على رؤوس الأسلحة التى يصوبنها ليل نهار على رؤوس المدنيين الفلسطينيين.

الدرج العظيم

أترقب افتتاح المتحف المصرى الكبير، مشروع احتلت متابعة أخباره أكثر من عشرين سنة من عمرى، عمر المتحف الجديد من عمر أصغر أبنائى الذى أصبح ضابطا فى الجيش المصرى العظيم، قبل أيام زرته للمرة الثانية، خلال عام من الافتتاح التجريبى، خلال الزياة أتيحت لى فرصة الصعود على الدرج العظيم الذى يقع يسار البهو العظيم الذى سيفتتح به الزائز جولته فى المتحتف الرائع .

كما أتيحت لى مشاهدة عرض تفاعلى يستخدم احدث تقنيات العصر عن الفرعون الذهبى، ودرة المتحف: الملك توت عنخ آمون، عرض مبهر، وممتع للكبير والصغير على السواء.

أعلق آمالا كثيرة على هذا المتحف، وأتمنى أن يسهم فى تغيير الخريطة السياحية لمصر، ويسهم فى زيادة عدد الليالى السياحية.

أتمنى أن نفتتح العام الجديد بهذا الحدث العظيم: تشغيل المتحف الكبير بكامل طاقته.