«صخب» قصّة قصيرة للكاتب سمير عبد العزيز

الكاتب سمير عبد العزيز
الكاتب سمير عبد العزيز

كعادته عندما يصل إلى عمله صباحا يدلف إلى غرفته (غرفة المدير الماليّ والإداريّ) يفتح النّافذة المطلّة على الفناء الدّاخليّ للشّركة ليجدّد هواء الغرفة.

يجلس على مكتبه يضع على عينيه نظّارة وفي ورقة أمامه يدوّن الخطّة اليوميّة لإنجاز المهامّ، سواء كانت كبيرة أو صغيرة قبل أن يمتلئ المكان بحركة العمل. تدخّل سكرتيرة المدير تستعجله بخطّة السّنة الماليّة. يطلب منها أنّ تمهّله بضع دقائق، يرنّ تليفون المكتب لكنّه يصمت قبل أن يتمكّن من الرّدّ عليه.

يفتح دولاب حفظ الملفّات ويتناول ملفّا مكتوبا عليه الخطّة السّنويّة الماليّة يعطيه للسّكرتيرة.. تنصرف مسرعة.. تصطدم بمدير المشتريات عند باب الغرفة تطالعه بدهشة لم تدم طويلا بينما يطالعها هو بنظرات ذات مغزى.

يجلس مدير المشتريات الشّأبّ قبالته ويشرعا في مناقشة احتياجات الشّركة من مستلزمات الأثاث المكتبيّ وخلافه.. يدخل السّاعي حاملا صينيّة فيها فنجان من القهوة وكوب ماء يضعها فوق المكتب ثمّ ينصرف مغلقا الباب خلفه.

بعد مضى وقت ليس بالقصير يغادر مدير المشتريات الغرفة بينما يدلف إلى داخلها أمين الخزينة يحمل في يده أوراق للتّوقيع عليها ويطلب الأذن له بالذّهاب إلى البنك.. بعد مغادرة أمين الخزينة يدخل مجموعة من الموظّفين يشتكون من خصومات الرّواتب بسبب التّأخير عن مواعيد العمل الرّسميّة دون مراعاة للزّحمة المروريّة. يخبرهم بكلّ تؤدة بأنّ هذه الخصومات يتمّ تنفيذها في إطار اللّوائح والقوانين.. يعلنون رفضهم واعتراضهم عليها.. يحتدم بينهم النّقاش.. يتطوّر إلى تراشق بالألفاظ.. يغادرون الغرفة وهم يلوّحون بالتّصعيد.

بعد فترة وجيزة.. يرتشف كوبا من الماء مرّة واحدة.. يتّمتم بكلمات مبهمة وهو يتناول منديل من علبة المناديل الموضوعة على المكتب يجفّف به عرقه.

ما لبثت أنّ هدأت نفسه.. يعقد اجتماعا مع العاملين بقسم شئون العاملين لإعادة توزيع وتنظيم دولاب العمل بينهم.. ينبّهه السّاعي إلى موعد الانصراف.. يعدّل من هندامه قبل أن يغادر المكان.. يحمل حقيبته ويغلق باب الغرفة.

يدخل سيّارته.. يستند بظهره إلى المقعد مغمض العينين لبرهة من الوقت ثمّ ينطلق بها.