شجاعة زوجة.. رفضت وجود «شنطة» المخدرات في بيتها رغم تهديدها بالقتل

شنطة مخدرات
شنطة مخدرات

الشرقية:إسلام‭ ‬عبدالخالق

قد تصبر الزوجة على أي شيء إلا كرامتها وإهانة أقرب الناس لها؛ وهذا ما تجلى في واقعة ربما تكن غريبة كعادة غرائب الخلافات الزوجية في كل مكان، إلا أن ما حدث داخل منزل الزوجين «سمر» و«محمد» في مركز كفر صقر بمحافظة الشرقية ربما يفوق كل ما قيل ووُصف قبل ذلك، بعدما أغضب الزوج زوجته وضربها فانتقمت منه بزجه إلى السجن، وإلى التفاصيل.

المخدرات.. ليست محض نشوة أو حتى خسارة، بل هي ويلات متتالية ولا نهائية في درب الخسارات التي قد لا يستوعب حجمها المُدمن مهما زادت نشوته وأحب لحظات انتشائه، وهو ما حدث مع åمحمدò العامل الشاب الذي بات مضربًا لكل مثل سيئ بالكاد تذكره صفحات التاريخ السيء للعلاقات الزوجية التي كتب اصحابها نهاياتِها المأساوية؛ ولما لا وهو الذي اختار طريق الإدمان وتبعه بالتجارة حين فشل في توفير ثمن الجرعات التي يتعاطاها من آنٍ لآخر.

كما للظالم من مظلومٍ كان لـ محمد زوجة كدت وتعبت وتحملت لأجل أن يكون زوجها كما تمنت، بيد أن أماني الزوجة سمر راحت أدراج الراياح؛ حين انقضت أيام العسل المعدودة لها مع زوجها وزالت كل الشوائب التي كانت تحجب عنها حقيقة الإدمان وحُب المُخدرات فيه، وتبدل حاله من حالٍ إلى آخر؛ فراح يضربها ويكيل لها اللكمات والسباب واللعنات أحيانًا، والقاسم المشترك في جميع الخلافات عادةً ما يبدأ بالنزاع حول الطريق الذي اختاره الزوج لإدمانه المُخدرت، وعلى الجانب الآخر رجاء الزوجة في أن يكف زوجها عن ذاك الطريق والخسارة التي تزيد يومًا بعد الآخر وتنال من حلمها في أن يكن زوجها فارسًا لأحلامها بدلًا من مسخ تُحركه النشوات وتُبعده عنها أبعد مما يستوعب قلبها وعقلها.

تعذيب وتهديد

الزوجة سمر ربة منزل بسيطة جاوز عمرها عامها الثاني بعد الثلاثين، باتت أيامها عبارة عن ويلات تندب خلالها حظها العثر الذي بدل حال زوجها ويدفع بها في النهاية إلى الاستنجاد بأهل القانون ورجال الشرطة؛ بعدما اعتاد الزوج على ضربها كلما واتته الفرصة؛ فهي التي تحملت غضباته مراتٍ عديدة، بيد أن المرة الأخيرة كانت القشة التي قسمت ظهر البعير كما يُقال؛ عندما ظهرت رغبته في التمسك بالمُخدرات وتفضيلها عليها، بل والتلويح بقدرته على قتلها إذا ما لزمَ الأمر وترويعها بسلاح أبيض استله من مطبخ البيت، ليروع به شريكته التي لطالما كال لها كلمات الحب التي تبين فيما بعد أنها كخيوط العنكبوت أمام رغباته وشهواته الإدمانية.

صبيحة الخميس الثاني من شهر سبتمبر الماضي، وبينما يعم الهدوء شوارع القرية وتكاد تنعدم حركة المارة وقتذاك، فوجئت سمر بزوجها محمد الذي يكبرها بنحو ستة أعوام قد جاء إلى المنزل على حين غفلة وهو يحمل حقيبة سوداء كانت المرة الأولى لها التي تراها فيها، وبعد نقاش لم يستغرق الزوج المنتشي بتعاطيه للمُخدرات أكثر من دقائق قليلة حتى أقر واعترف أمام زوجته: الشنطة فيها مخدرات وهتفضل هنا.  

ثارت ثائرة الزوجة وأخذت في استعطاف زوجها أن يترك طريقه وتجارته غير المشروعة: أبوس إيدك يا محمد بلاش السكة دي.. مش هيبقى شرب وتجارة كمان للبلاوي دي، بيد أن الزوج المنتشي لم يحتمل تلك الكلمات ليهم في ثوانٍ ويسحب سكين المطبخ ويُلوح به في وجه زوجته، التي لم تجد بديلًا عن الصراخ عسى أن يُكتب لها النجاة من براثن زوجها الذي لعبت المُخدرات برأسه وعقله.

استغاثت الزوجة بجيرانها والمارة لأجل إبلاغ الشرطة، وفي خلال دقائق قليلة حضر رجال الأمن وألقوا القبض على الزوج المتهم الذي كان بالفعل قد تعدى بالضرب على زوجته وكانت يداه الاثنتان مشغولتان؛ الأولى تحمل سكينًا كان يلوح به مهددًا زوجته، والثانية يحمل على كتفه حقيبته المملوءة بالمواد المُخدرة وقد تعثر بها بعض الشىء.

قضية

تحول البلاغ إلى قضية جنائية حملت رقم 12608 جنايات مركز شرطة كفر صقر لسنة 2023، قيدت برقم 1682 كلي شمال الزقازيق لسنة 2023، أشار أمر إحالة الزوج المتهم خلالها إلى المحاكمة الجنائية، إلى أن البداية كانت بتلقي الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الشرقية، إخطارًا من مأمور مركز شرطة كفر صقر، يفيد بشأن ما تبلغ بورود بلاغ من السيدة سمر. م. م ربة منزل تبلغ من العمر 32 سنة وتُقيم في نطاق ودائرة مركز شرطة كفر صقر، تتهم زوجها المدعو محمد. ث. ع عامل يبلغ من العمر 38 سنة، ويُقيم في ذات العنوان، بالتعدي عليها بالضرب.

فور ورود البلاغ انتقلت الأجهزة الأمنية إلى محل مسكن صاحبة البلاغ وزوجها، وهناك تناهى إلى سمع القوات صوت صراخ، وبالصعود تمت مشاهدة الزوج واقفًا بباب المسكن ويُمسك في يده سلاح أبيض (سكين)، ويحمل على كتفه حقيبة سوداء اللون.

جرى ضبط الزوج المشكو في حقه، وبتفتيش الحقيبة عُثر بداخلها على كميات من جوهر الهيروين المُخدر، و جوهر الميثامفيتامين المُخدر، وجوهر الحشيش المُخدر (قنب)، بالإضافة إلى علبة زجاجية تستخدم في تعاطي المواد المخدرة، وبمناقشة زوجة المتهم أقرت بأنها هي من أبلغت النجدة، وأن المتهم زوجها يُتاجر في المواد المُخدرة، وأنه أي - الزوج - قد أحضر كمية المواد المُخدرة المضبوطة إلى المنزل وعند اعتراضها على ذلك اعتدى عليها بالضرب ورفع عليها سلاحه الأبيض (السكين)، فلاذت بطلب النجدة بواسطة أحد جيرانها.

بمواجهة المتهم أقر بحيازته للمواد المُخدرة بقصد الاتجار فيها، وأن العلبة الزجاجية المضبوطة كان يستخدمها لتعاطي مُخدر åالشابوò، وتبين صحة ما أقرت به الزوجة صاحبة البلاغ، وبالعرض على النيابة العامة قررت إحالة الزوج المتهم محبوسًا إلى المحاكمة الجنائية في محكمة جنايات الزقازيق، التي قضت برئاسة المستشار سامي عبد الحليم غنيم رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين محمد سراج الدين ووليد المهدي وأمير زكي، وأمانة سر خالد إسماعيل، ويامن محمود، بمعاقبة الزوج المتهم بالسجن المُشدد لمدة 6 سنوات وغرامة مالية قدرها 100 ألف جنيه، مع مصادرة المضبوطات وإلزام المتهم بالمصاريف الجنائية. 

إقرأ أيضا : نيابة الغردقة تُحقق في محاولة راكب إنجليزي تهريب «أقراص مخدرة»


 

;