شعب مصر لا يعرف المستحيلا.. ولا يرتضى بالخلود بديلا

شعب مصر لا يعرف المستحيلا
شعب مصر لا يعرف المستحيلا

فشل إخوان الشر الذين بثوا نباحهم المتواصل عبر فضائياتهم لإحباط عزيمة المصريين وتحريضهم على مقاطعة الانتخابات الرئاسية، لعبوا على غلاء الأسعار وتوسعوا فى تضخيم الأزمة الاقتصادية، ورسموا بنباحهم كل صور اليأس والإحباط الذى رد إلى صدورهم بالإقبال الكثيف على لجان الإقتراع مع ساعات الصباح خلال الأيام الثلاثة، صعقوا من إقبال المرأة والشباب وكبار السن، فطالت ألسنتهم الشعب بالتقريع من هول الصدمة، أدركوا حجمهم الضئيل ومحبة الشعب لبلده ووعيه بخطورة ما يمر به الوطن من مخاطر تحيط به على الحدود، فنزل ليختار ربان السفينة صاحب الخبرة والقدرة والحكمة التى تحقق الوصول بالبلاد لبر الأمان، وحماية أرضها وسمائها ومياهها وثروتها من كافة الأخطار الجلية للعيان. 


ثلاثة أيام وأنا أشاهد زخم الإقبال على المدرسة المجاورة لمنزلى التى تقام بها إحدى لجان الإقتراع، وأرانى أردد فى داخلى مع وديع الصافى: 
- «عظيمة يا مصر يا أرض النعم.. يا مهد الحضارة يا بحرالكرم.. نيلك دا سكر جوك معطر.. بدرك منور بين الأمم.. إلهى يصونك يا أرض العبور ويملا ربوعك محبة ونور». 
ويعيد المشهد إلى ذهنى قصيدة «مصر تتحدث عن نفسها» لشاعر النيل حافظ إبراهيم التى أنشدها فى حفل تكريم عدلى يكن عند عودته من أوروبا بعد مقاطعة المفاوضات مع انجلترا 1921 التى تغنت بها أم كلثوم، وأرانى أنشد معها وأنا أرى إقبال المصريين الذين أصروا على إيصال رسالة واضحة للمتربصين: 


- «وقـف الخلق ينظرون جميعا كيف أبنى قواعد المجد وحدى.. وبناة الأهرام فى سالف الدهر كفـونى الكلام عنـد التحدى.. أنا تاج العلاء فى مفـرق الشرق ودراته فرائد عقدى.. أَيُّ شَيءٍ فى الغَربِ قَد بَهَرَ الناسَ جَمالاً وَلَم يَكُن مِنهُ عِندى .. إن مجدى فى الأوليات عريق من له مثـل أولياتى ومجدى؟.. أنا إن قدر الإله مماتى لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى.. ما رمانى رامٍ وراح سليما من قــديم عنايـــة الله جنــدى».
وأتأمل دعوة شاعر النيل لأبناء مصر الذين لبوا الدعوة بالمشهد الانتخابى الذى يجسد وعيهم بالعبور نحو المستقبل بالاختيار الصحيح وأردد معه: 
- «قد وعدت العلا بكل أبى من رجالى فأنجزوا اليوم وعدى.. وارفعوا دولتى على العلم والأخلاق فالعلم وحده ليس يجدى.. نحن نجتاز موقفاً تعثر الآراء فيه وعثرة الـرأى تُردى.. فقفوا فيه وقفة الحزم وارموا جانبيه بعزمة المستعد».


نعم.. لقد وقف الشعب فى هذه الانتخابات وقفة الحزم ورموا جانبيه بعزمة المستعد. 
المشهد الانتخابى الرائع يجعلنى استعيد رائعة «على باب مصر» لشاعرنا كامل الشناوى التى تغنت بها أم كلثوم، وأنشد معها: 
- «على باب مصر تدق الأكف ويعلو الضجيج .. رياح تثور، جبال تدور، بحار تهيج.. وكل تساءل فى دهشة.. وكل تساءل فى لهفة.. أين؟ ومن؟.. وكيف إذاً؟.. أمعجزة ما لها أنبياء؟.. أدورة أرض بغير فضاء؟!».


لقد أجاب شاعرنا الكبير وقال لنا: «جاء الغزاة.. فأبدوا خشوع وأحنوا الجباه.. فكيف تحقق ما كان وهمًا.. ومن ذا الذى يا ترى حققه؟.. وكيف تحرر من أسره سجين الزمان ومن أطلقه؟.. لقد شاد بالأمس أهرامه.. وها هو يبنى بحريةٍ دعائم آماله المشرقة.. بسد منيع عجيب البناء.. يبث الرخاء ويوحى الثقة.. فأرزاق أبنائه حرة وحرية آراؤهم مطلقة». 
شاعرنا كامل الشناوى يتكلم هنا عن الشعب الذى أراه فى لجان الانتخاب عندما يقول: 


- «وصاح من الشعب صوت طليق.. قوى، أبى، عريق، عميق.. يقول أنا الشعب والمعجزة.. لا شىء قد أعجزه.. وكل الذى قاله أنجزه.. فمن أرضى الحرة الصامدة.. بنيت حضاراتنا الخالدة.. أنا الشعب لا أعرف المستحيلا.. ولا أرتضى بالخلود بديلا».


نعم.. هذا هو شعبنا العريق الأصيل الذى لا يعرف المستحيلَ ولا يرتضى بالخلود بديلا، الذى اختار استكمال الإنجازات التى لم تكتمل، اختار المستقبل من أجل الأبناء والأحفاد، ومصر تنتظر من الجميع العمل والعمل والعمل، لنحيا وتحيا مصر المستقبل، والخزى.. كل الخزى لإخوان الشياطين الأشرار المتربصين الذين لا يريدون لمصر الخير والأمن والأستقرار. 
عاطف النمر