«مغامرات سيدة!» قصة قصيرة للكاتب علاء عبدالعظيم

الكاتب علاء عبدالعظيم
الكاتب علاء عبدالعظيم

 

"سيدة" فتاة من أسرة بسيطة، لم تكن تعلم أو تظن أن جمالها قد يصبح نقمة بل كارثة عليها.

 

لها وجه صبيح بديع كأنه القمر، لها قوام رشيق لين، في صدرها ثديين مثيران، وتنثني أعطافها في خطوط تشعل الرغبة في عين كل من يحظى بالنظر اليها.

 

أدرك الأب أن حياته الفاشلة التي انتهت إلى التقاعد لن تتغير، وتتبدل إلا إذا تزوجت سيدة من رجل ثري يعجب بجمالها الرائع.

 

بينما أحست الأم أن شقاءها والغسل، الكنس، والمسح، ومقاومة الجوع وبرد الشتاء كل هذه التعاسات ستنقضي يوم يأتي ذلك الفارس المجهول الذي بملك القصور ويتزوج سيدة الفاتنة!

 

كما ينتظر حامد الأخ الأكبر العاطل بفارع صبر أن تنتهي أيام البطالة والاقتراض، والتسكع في المقاهي، ولعب الورق، وشرب الخمر الرخيصة، والشجار مع أبويه من أجل النقود، عندما تتزوج سيدة من الرجل الغني، ولم لا؟ فهي جميلة!

 

حتى سليم الأخ الأصغر الذي يعمل صبيا للحلاق، يتحمل إهانات صاحب الدكان، والوقوف على قدميه والجري هنا وهناك من الصباح حتى المساء، يتوقع في قرارة نفسه أن يأتي الفرج عندما تتزوج شقيقته سيدة.

 

وأصبحت سيدة هي أمل هذه العائلة.

 

أعجب بسيدة ثلاثة من الاغنياء لهم ثروة عريضة ضخمة.

 

عويس الجزار صاحب عشرة محلات جزارة، وسيارة فارهة، ومدبولي صاحب محل المانيفاتورة أكبر محل في الحي كله، والحاج صقر، شيخ الطريقة المعروف الذي يملك من المال بقدر ما يملك من الأتباع الذين يتصرفون وكأنهم عبيده.

 

ولكن يبدو أن الجمال الفاضح يثير كوامن الشر في نفوس الرجال، فعويس الجزار كان يرقب سيدة في غدواتها، وروحاتها في الطريق، ويمر بها وهو منبعج في، سيارته الفارهة، ولم يفكر أبدا في الزواج من سيدة، وسمح لخياله أن يفكر في كل العلاقات الاخرى التي لا يقرها الشرع ولا قواعد الأخلاق.

 

وأصبح عويس شبه بلطجي يمنع الناس من الاقتراب إلى سيدة حتى لا تصبح في حوزة أي رجل مادامت لم تصبح في حوزته.

 

وهكذا اشتبك عويس في معركة دامية مع مدبولي صاحب محل المانيفاتورة، عندما سمع أنه تقدم لخطبة سيدة، وانتهز عويس يوم الخطبة لكي يرسل أعوانه إلى بيت مدبولي، فهجموا عليه وهو عائد من عند الحلاق، يفوح العطر منه، وبعد لحظات أصبحت رائحة الدم تفوح من جثته الهامدة.

 

أظلم الأمل في وجه عائلة سيدة، لولا أن رآها الشيخ صقر، وقرر الزواج منها، وهو شيخ في الستين من عمره وله زوجتان، ودستة من الأولاد والرجال الكبار من أبنائه.

 

رضي أهل سيدة، بل فرحوا بهذا الزواج كمنقذ أخير لهم من الفقر والهوان، ولم يجرؤ عويس الجزار أن يتدخل هذه المرة أمام مهابة الحاج صقر.

 

وتم تحديد موعد الزواج، وليلة الزفاف، وبدأت الأسرة تتنسم إقبال العز عليها، حتى جاء، صباح يوم لم يجدوا فيه سيدة في البيت، لقد ضنت هذه المرة بجمالها، وفتنتها وسحرها، مع كهل جاوز الستين من عمره.

 

فخرجت هائمة في الطريق على وجهها حتى تلقفتها الأيدي الماكرة التي عرفت كيف تعدها، وتتقنها مهنة بيع الجمال للناس.