فلسفة الرحمة في حياة النبي كتاب جديد للدكتور مصطفى عطية جمعة

الدكتور مصطفى عطية جمعة
الدكتور مصطفى عطية جمعة

"فلسفة الرحمة في شخصية النبي (صلى الله عليه وسلم)"، هو عنوان الكتاب الجديد للأستاذ الدكتور مصطفى عطية جمعة.

وتتمحور  القضية الأساسية التي يتناولها هذا الكتاب في سؤال مفاده: ماذا فعلنا نحو نبينا "صلى الله عليه وسلم" ؟ هل قمنا بواجبنا على الوجه الأكمل نحو التعريف به، والإعلام عن خلقه العظيم، لشعوب العالم؟ إن هذا الواجب ليس ترفًا فكريًا، بل هو أولوية لا مناص منها، وإلا سنظل أسرى حدودنا، نتكلم ونسمع أنفسنا، وهم يصرخون ويسمعون أنفسهم، ويغيب الحوار الهادئ الرصين، والدعوة السمحة التي هي أساس إسلامنا، وعنوان هدي نبينا "صلى الله عليه وسلم" فما أروع جوانب العظمة في شخصية المبعوث رحمة للعالمين؛ الذي أذهل مؤرخي البشرية شرقا وغربا؛ بروعة أخلاقه وكمال شخصيته، وعظمة الرسالة التي حملها. وقد حمل هذا الكتاب عنوان "فلسفة الرحمة في شخصية النبي "صلى الله عليه وسلم" مستهدفا تركيز الضوء على جانب من جوانب خلُق الرسول ورحمته بالبشر، وعرض أبرز تنظيراته وسلوكياته وتوجيهاته، وتعاليمه لأصحابه، التي تزخر بها آلاف الصفحات في كتب صحاح السنة والسيرة العطرة؛ أملا في تقديم الحقائق الناصعة للمسلمين أولاً، ولكل البشر ثانية.

وقد سعى الكتاب إلى الإجابة عن جملة أسئلة، أولها:

- ما مفهوم الرحمة بالبشر؟ وكيف تناولها فلاسفة العالم؟ وكيف اشتملتها إليها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؟

 وقد أجاب الفصل الأول من هذا البحث عن هذين السؤالين، بشكل إجمالي، وبنظرة أكثر شمولاً وإيجازًا، وخلص إلى حقيقة مفادها أن العقول البشرية قد تضل وتنحرف في رؤيتها لمظاهر الرحمة بالبشر، بينما جاءت مقاصد الشريعة وقوانينها منطلقة من مفاهيم الرحمة الفردية والجماعية والمجتمعية.

والسؤال الثاني:

- ما مظاهر الرحمة بالبشر في شخصية النبي (صلى الله عليه وسلم)؟

وقد أجاب الفصل الثاني عن هذا السؤال، موضحًا أن المقصود بشخصية النبي القول والفعل، الهدي والسلوك، التوجيه والعمل، وقد جاء على مبحثين: الأول: فلسفة الرحمة بالبشر في شخصية النبي. والثاني: الرحمة بأفراد المجتمع في سنة النبي (صلى الله عليه وسلم).

- كيف تعامل الرسول (صلى الله عليه وسلم) مع غير المسلمين؟ وما هديه في الحرب؟

وقد تناول الفصل الثالث الإجابة عن هذين السؤالين، فالإسلام ليس دينًا منغلقًا، بل منفتحًا، يتحاور مع مختلف الثقافات، ويصهر كافة المجتمعات، بشريعته السمحة، فتناول المبحث الأول: معاملاته (صلى الله عليه وسلم) مع غير المسلمين، وتناول المبحث الثاني: الحروب بوصفها جزءا من مقتضيات التجمعات الإنسانية، ضمن نظرية التدافع في الأرض، وإذا كان لابد من الجهاد والدفاع عن المقدسات والنفس والحرمات، فإن لذلك آدابًا عظمى، شملها الإسلام بتوجيهات نبوية عظيمة. وقد جمع الباحث في هذا الفصل بين: غير المسلمين وأحكام الجهاد والحرب، لما رآه من وشائج بينهما في الجانب المنهجي.

 وقد جاء منهج البحث ساعيًا إلى تقديم رؤية جديدة لجوانب الرحمة بالبشر في شخصية النبي (صلى الله عليه وسلم)، بعدم الاكتفاء بسرد الأحاديث الشريفة والوقائع التاريخية من السيرة، بل محاولة تسليط الضوء على الجوانب التربوية والقيمية التي تحويها، وربطها بالواقع المعاصر – قدر الإمكان -، وربطها كذلك بالقيم التربوية والنفسية، واستعراض آراء من تناولوا شخصية النبي من المسلمين ومن المستشرقين، حسب ما تقتضيه موضوعات البحث، وطرح الأسئلة التي تنطلق من مشكلات البشرية، قديمًا أو حديثًا. وبعبارة أخرى، فإن الباحث سرد – حسبما تيسر – ما ورد عن الرسول من أقوال وأفعال، وبيان ما ذكر من شروح وتفسيرات ضمن رؤية شاملة، تنطلق من منظور رحب أساسه: إن تعاليم الرسول ليست محدودة بزمان أو مكان أو شخوص، بل تتجه إلى كافة البشر، إنه الرحمة المهداة.

ونؤكد أن الهدف من هذه الدراسة المتواضعة ليس تقديم كل شيء عن مظاهر الرحمة في شخصية النبي، بقدر ما هي إطلالة، أرادها الباحث للمزيد من المعرفة – بالنسبة إليه وإلى كل من يتفضل بالاطلاع على الكتاب – على هدي المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، فإذا كانت هناك زلات، فهي من لوازم الجهد البشري، ويرجو الله العلي القدير أن يغفرها له، ثم يستسمح القارئ عذرًا فيها، فإن النفس البشرية تظل تخطئ وتصيب وتتعلم، ولكن الشعور المؤكد الذي خرج به الباحث في نهاية الدراسة: تعمّق محبته لشخصية نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، الرحمة المهداة والسراج المنير.