بسبب الخلافات .. الأشباح الثلاثة قتلوا «الفكهانى»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بورسعيد‭: ‬أيمن‭ ‬عبد‭ ‬الهادي

  خرجت الأم من شرفة منزلها كعادتها تلقي نظرة على نجلها أثناء خروجه من المنزل، لم تكن الأم تعلم أنها النظرة الأخيرة، بل لم تتخيل لحظة واحدة أنها سوف تجده ملقى على الأرض غارقًا في دمائه، ما هي الحكاية وكيف جرت الأحداث؟!، في السطور التالية نروي فيها تفاصيل الواقعة المؤلمة التي شهدت أحداثها محافظة بورسعيد.

بدأت الأحداث باستقبال مستشفى الزهور التابع لمنظومة التأمين الصحي الشامل وهيئة الرعاية الصحية بـ محافظة بورسعيد لجثة شخص مجهول الهوية عن طريق مجموعة من الأشخاص نقلوه علي دراجة نارية ظنًا منهم في البداية أنه لا يزال على قيد الحياة؛ تبين من الفحص المبدئي أنه شاب في العقد الرابع من عمره، وأنه متوفى نتيجة طعنة نافذة بالقلب تسببت في نزيف شديد أودى بحياته.

لم تمر دقائق على وصول الجثمان حتى وصلت للمستشفى سيدة ترتدي عباية سوداء وعمرها يقترب من الـ 60 وعلى رأسها طرحة سوداء، ويظهر عليها أنها سيدة بسيطة رقيقة الحال، تصرخ بصوت واحد: «ابني، بالله عليكم قولولي عايش ولا ميت، يا حبيبي يا ابني، هوا فين»؟، وهنا اقترب منها أمن المستشفى ليسألها عن أي شخص تسأل، فأوضحت لهم أنها تسأل عن الشاب الذي دخل المستشفى محمولا على دراجة نارية، فأبلغوها أنه قد توفى، فلم تتوقف الأم عن الصراخ حتى ضاع صوتها وسقطت أرضا لتحصل على جلسة تنفس ومحلول بقسم الطوارئ بالمستشفى.

دقائق أخرى تمر، وتوافد على المستشفى العشرات من الشباب الذين كانت تحمل عيونهم دموعًا كثيرة حزنًا على فراق صديقهم، الذين تبين أنه يدعى محمد إبراهيم ويبلغ من العمر 35 عاما، وأن السبب الوفاة كما أوضح طبيب الاستقبال لهم؛ هو طعنة بالقلب، وقع الحادث في منطقة الصفوة التابعة لحي الزهور، وأن المتهمين لا يزالون أشباحا مجهولين، وبدأت الأجهزة الأمنية في الإجراءات القانونية اللازمة.

مجهولون

تلقى اللواء مازن صبري مساعد وزير الداخلية مدير أمن بورسعيد بلاغًا بالحادث، ووجه على الفور بتشكيل فريق من إدارة البحث الجنائي للوقوف على أسباب الحادث، وسرعة تحرير المحضر الخاص بالواقعة، وشن الحملات الثابتة والمتحركة لفرض السيطرة الأمنية، وسرعة ضبط الجناه بعد تحديد هويتهم لعرضهم على النيابة العامة.

كشفت الأم بعد أن استردت وعيها وهي لا تزال غارقة في دموعها عن تفاصيل الواقعة؛ حيث أوضحت أن نجلها يعمل فكهاني وليس لديه خلافات مع أحد، ولكن قبل الحادث بأيام اعترض على صعود أحد الأشخاص للعمارة السكنية التي يقيمون بها خوفا من أن يكون من اللصوص أو أن يعتدي على أحد، وهنا اعترض الشخص الآخر على ذلك، ونشبت بينهما مشادة كلامية بسيطة، لا تستحق أن تتحول لجريمة لقتل.

وأوضحت أن نجلها كان في هذا اليوم قد انتهى من عمله على «فرش الفاكهة» وأبلغها أنه سوف يذهب لقضاء بعد الوقت مع أصدقائه، وكان ذلك في وقت انقطاع التيار الكهربائي، وكعادتها خرجت الأم إلى شرفة المنزل من أجل أن تلقي عليه نظرة؛ فوجدت شخصين بدا كالأشباح اتخذا من انقطاع الكهرباء وعدم وجود كاميرات مراقبة سبيلا للانتقام من نجلها، وفي لحظات طعنه الاثنان بسلاح أبيض في قلبه فسقط غارقا في دمائه.                   

وكشفت الأم؛ أن نجلها محمد إبراهيم صاحب الـ 35 عاما كان قد انفصل عن زوجته قبل سنوات ويعيش بعد زواج شقيقتيه، بصحبة ابنته، وأوضحت أن نجلته التي تبلغ من العمر 7 سنوات عندما شهدت والدها ملقى على الأرض هرولت اليه، ووضعت يديها على الجرح فسالت الدماء على يديها وملابسها، ولم تستطع أن تتجاوز المشهد، وظلت تردد: «بابا مات علشان الدم كله بقى في الأرض ومعدش بيتكلم ولا يقدر يقف، وكمان معدش تاني يحضني».

وأشارت الأم المكلومة أن زوجها ووالد المجني عليه قد توفى منذ 3 سنوات ومنذ هذا الوقت وقد تولى محمد أمرها وبات هو المسئول عن الإنفاق عليها وتوفير علاجها وكذلك مساعدتها في حياتها، وكان هو العائل الوحيد لها ونجلته الصغيرة التي لا تعرف النوم إلا في أحضانه، كما أن الأم لن يكون لها من بعده سندا ولا عائلًا.

القبض على الجناه

انتقل فريق من إدارة البحث الجنائي برفقة وكلاء النائب العام إلي موقع الحادث، وعاينوا مسرح الجريمة والذي تبين؛ أن به آثار دماء غزيرة نتيجة النزيف الذي تعرض له المجني عليه نتيجة الطعنة النافذة في القلب، كما سألوا شهود العيان والذين أكدوا أن شخصين كانا يحملان أسلحة بيضاء ينتظران أسفل العقار بمنطقة الصفوة، وبمجرد خروج المجني عليه انهالا عليه بالسلاح ولم يتركاه إلا بعد التأكد من موته، وتعرف أحد الجيران على أحد المتهمين.

وقالت الأم في أقوالها أمام وكيل النائب العام: إن هناك شابين كانا يتربصان لنجلها أسفل المنزل، وانتظرا حتى نزوله ثم طعناه طعنة نافذة في قلبه أودت بحياته، وتابعت والدة الشاب محمد أنه منفصل ولديه طفلة عمرها 7 سنوات، وأضافت: كان ابني الوحيد وهو اللي بيصرف عليا ومليش غيره أنا وبنته، وهو اللي كان بيعملي كل حاجة وبيعيلني.. مش عارفة من بعده أعمل إيه، وأضافت والدة الشاب المجني عليه: كنت واقفة في البلكونة علشان أقوله متتأخرش يا محمد لقيتهم طعنوه وشوفته واقع على الأرض سايح في دمه.

تمكنت الأجهزة الأمنية بـ محافظة بورسعيد من تحديدها هوية المتهمين وتمكنت خلال وقت قليل من ضبط أحدهما وآخر كان محرضًا على الجريمة، وتعمل على سرعة ضبط المتهم الثالث لا يزال هاربا، وحررت المحضر بعد تقنين الإجراءات، وبعرض المتهمين على جهات التحقيق أصدرت قرارها بحبسهما 15 يوما على ذمة التحقيقات.

وناظرت جهات التحقيق جثة الشاب المقتول داخل مشرحة مستشفى الزهور، وأمرت بعرضه على الطب الشرعي للتشريح وبيان أسباب الوفاة، وتبين من التقرير المبدئي أن الطعنة النافذة الموجودة في القلب هي التي أودت بحياته، وأصدرت النيابة العامة بعد ساعات من الحادث التصريح بالدفن، على أن يتم استكمال الإجراءات وإحالة القضية لمحكمة جنايات بورسعيد.

شارك عدد كبير من أهالي محافظة بورسعيد، في مراسم تشييع جنازة الشاب، وسيطرت حالة كبيرة من الحزن على أسرة الشاب الراحل خلال مراسم تشييع جثمانه الى مثواه الأخير، في مقابر العائلة بمحافظة بورسعيد، خاصة أنه كان يتولى مسؤولية الإنفاق على والدته بعد وفاة والده، وانهارت أم الشاب أمام القبر وطالبت المشيعين أن يفتحوا القبر ويضعوها معه، مؤكدة أنها لا تستطيع أن تكمل حياتها بدونه، ولن يرتاح قلبها قبل أن ترى القصاص في حق الجناه. 

اقرأ أيضا : مصرع مسن سقط من علو بشبين القناطر 


 

 

 

;