« حديث إلى النفس».. قصيدة للشاعرة نوال مهنى

صورة موضوعية
صورة موضوعية

 

يحـلـو لنفـسـي خـاطـــر السلوانِ

في عـالمٍ يشــقى الحــلـيمُ بعقلهِ

ماعاد للأخلاق رمزٌ يحتذى

يا حسـرة للعبـد ظـاـلم نفسـه

يا نفسُ إن المـوتَ ســيــفٌ قاطعٍ

كل ابن آدم سائرٌ في دربه

كأسٌ وَكُلُّ الكائنات تَذُوقُهَا

هذى الحياةُ هي اختبار للورى

للصابرين الشاكرين مفازة

من تاب عن ذنب ٍسيؤتى أجره

أحسنْ تنلْ لطفَ الإلهِ وعفوهِ

ما أتعس البخلاءَ لمّا أمسكوا

ضنوا بما جاد الكريمُ عليهمُ

فالرزقُ يزكو بالعطاءِ كحبةٍ

طوبى لمن لا يمنعون عطاءهم

بعض المناظرِ خادعاتٍ للرؤى

هل تستوي نسماتُ فجرٍ باردٍ

أم تستوي صرخاتُ فظٍّ غاضبٍ

أو تستوي في الشكل عند مميزٍ

يبقى الأصيلُ إذن ويعظم قدرهُ

فلتحذر الدنيا، فمن أخلاقها

دَسَّت بأعماق الحنايا حبها

خدّاعةٌ تبدو لمن فتنوا بها

غدّاقة ٌبالوعد، لكن لا تفي

فانظرْـ وإن أحسنتَ صحبتهاـ لها

واهجرْ صديقَ السوءِ واعلم أنه

فلربما تفَّاحةٍ مَوبوءَةٍ

ما ثَمَّ في الدنيا كمالٌ، إنْ مَنْ

والنفسُ في عاداتها مأسورةٌ

فاكبحْ جماحَ النفسِ عن أهوائها

واخلصْ لربكَ، تطمئن بذكرهِ

لتـريح قــلـبـا في الحـيـاة يعاني

وتســود فيه نوازع الشيطانِ

وتفاقمت صورٌ من البهتانِ

يشــري الخسيسَ بباهـظ الأثمانِ

لا تأمني ذاك النعيمُ الفاني

من غير إسراعٍ ودون توانِ

أوقاتها قد حُددت بثوانِ

وجزاؤهم بالقسطِ والميزانِ

فاصبرْ وهَوِّنْ قاتمَ الأحزانِ

فقد استظلَ برحمةِ الديّانِ

إنَّ الجزاءَ يكون بالإحسانِ

هل يحملون المالَ في الأكفانِ!

ونسوا ضَحايا الفقرِ والحرمانِ

نبتت فجادَ الرزقُ في الأغصانِ

بل أنفقوا في السرِّ والإعلانِ

واللبُ يفضحُ كاذبَ العنوانِ

في وقعها بلوافحِ النيرانِ!

بغناءِ صوتٍ ناعمٍ رَنَّانِ!

"جميزة" الوادي وعود البانِ !

مهـمــا أحــيـــطَ بزائفٍ وهــجانِ

الغدرُ، لو تلقاكَ بالأحضانِ

حتى تسرَّبَ في دما الشريانِ

معشوقةً في ثوبها الفتّانِ

إلا شزورا من عِذابِ أماني

بالحـلمِ والتمحيصِ والإمعانِ

مؤذي القريب ومفسد الخلانِ

فتكت بكل أطايبِ البستانِ

يصل الكمالَ يعود للنقصانِ

خُلقَت وقد جُبِلَت على النسيانِ

تسلمْ من الأسقامِ والأدرانِ

من شرِّ غدرٍ أو صُرُوفِ زمانِ